قد يكون من السذاجة اعتبار أنّ مرصد الأحوال الجوية في الاتحاد اللبناني لكرة القدم أخفق في تقديم توقعات دقيقة لحالة الطقس في عطلة نهاية الأسبوع التي كانت مشمسة، حيث "الجو بديع". فتعميم لجنة الطوارئ بتأجيل مباريات الأسبوع الثاني عشر من الدوري ذكر عبارة "لظروف عديدة"، منها الأحوال الجوية وعدم توافر الملاعب. لكنْ هناك ظرف آخر، هو الرئيسي، ويتعلّق بنادي النجمة. فالنادي الأعرق في لبنان وصاحب القاعدة الجماهيرية الممتدة على مدى الوطن، والذي يشكل عصب الكرة اللبنانية وقطبها الأهم، وصل إلى مرحلة لم يعد هناك ملعب يريد استقباله.
هذه هي الحقيقة. فنادي النجمة لم يجد في عطلة نهاية الأسبوع من يقبل باستقباله، وتحديداً ملعب صيدا. ملعب صيدا المملوك من بلدية المدينة التي يرأسها محمد السعودي المحسوب على تيار المستقبل، وتحديداً النائبة بهية الحريري. والقوى الأمنية في صيدا التي لا شك يوجد لآل الحريري "مونة" عليها، لم تسمح لفريق النجمة الذي يرعاه الرئيس سعد الحريري، ابن شقيق النائبة الحريري، باللعب على ملعب صيدا. لا شك أن هناك أمراً غير طبيعي. هل هناك عاقل في إدارة النادي يسأل نفسه كيف يحصل هذا؟
هذا ممكن إذا ما قرر المسؤولون في النادي التخلي عن نزعة تفضيل سماع الكلام الذي يريحهم أكثر من رؤية الحقيقة.
السبب وراء كل ذلك مجموعة من جمهور النجمة أسرت تاريخ جمهور كبير وألغته وقلصته وحولته إلى مجموعة من الشتّامين لأعراض الناس على المدرجات وعلى صفحات التواصل الاجتماعي. فأضحت إدارته أسيرة "زعران" المدرجات، وسلّمت رأس ناديها لمن يريد قطعه.
وبغضّ النظر عن اعتراف أهل النجمة بهذه الحقيقة أو لا، يؤكد الاجتماع الذي سيعقد اليوم في سرايا صيدا عند الساعة 12:00 صباحاً بين القوى الأمنية ومسؤولي النادي، إلى جانب الاجتماع الذي سيعقد بين اللجنة التنفيذية للاتحاد وإدارة النادي عند الساعة الخامسة عصراً، أن المشكلة أكبر بكثير من حالة الطقس.
اجتماع حُدِّد لمناقشة المشكلة القائمة. جميع الأطراف ستكون حاضرة: رئيس الاتحاد هاشم حيدر، الأمين العام جهاد الشحف، رئيس لجنة الملاعب موسى مكي، وزملاؤه الأعضاء، وإدارة نادي النجمة.
لكن ماذا سيقول بعض هؤلاء لبعض؟ وهل سيكون الجميع صادقين مع أنفسهم؟
هل سيقول ممثلو النادي إن بعض أعضاء الاتحاد يحاربونهم لمصلحة أندية أخرى، وتحديداً مكي لمصلحة العهد، والشحف لمصلحة الصفاء؟
هل سيقول النجماويون إن البعض يريد سحب سلاح النجمة الأبرز منه، وهو الجمهور، كي يمنعه من إحراز اللقب؟ علماً بأن أكثر من يساعد على هذا الأمر هم النجماويون أنفسهم.
هل سيقول النجماويون لموسى مكي وجهاد الشحف إنهما هما اللذان حرّضا لجنة الانضباط على إصدار عقوبة الثمانية ملايين، فيما كان هناك تواصل مع رئيس الاتحاد لتهدئة الأمور؟ وهل سيقول النجماويون لأعضاء الاتحاد إن حيدر لم يكن يعلم بالعقوبة المالية فيقنعوهم بذلك، بحضور حيدر نفسه؟ فالأخير هو أكثر المدافعين عن بقاء جمهور النجمة في الملاعب، لأنه عصب اللعبة، وهي تحتاج إليه. لكن في الوقت عينه، من الصعب الاقتناع بأنّ عقوبة مالية تصدر عن لجنة الانضباط، لا يعلم بها رئيس الاتحاد. قد يكون صحيحاً أنه لم يتوقع أن تكون بهذا الحجم، أو لم يعلم بقيمتها (علماً بأن العقوبة قبل الأخيرة كانت خمسة ملايين ليرة، وبالتالي إن التي تليها من الطبيعي أن تكون أكبر)، لكن من الصعب القول إنه لم يعلم بها مطلقاً.
هل سيقول النجماويون إن اتحاد كرة القدم مسؤول عن إجبار القوى الأمنية على الحضور الى الملعب في حين أن الاتحاد "لا يمون" على عسكري؟
هل سيقولون لهم إنهم مستاؤون من مجموعة "الزعران"، لكن ليس لديهم القدرة على ردعهم، وهذا من مسؤولية الاتحاد والقوى الأمنية؟
في المقابل، ماذا سيقول الاتحاد للنجماويين خلال الاجتماع؟
هل سيسألهم: بأي حق ترَون أنكم مستهدفون، وأين، في وقت أحرزتم فيه لقب البطولة الموسم الماضي، رغم وجود ستة ممثلين أو من هم على علاقة قريبة جداً بأندية في الدرجة الأولى في الاتحاد من أصل 11 عضواً؟
أين قام من هو متهم بالعمل لمصلحة أنديته، على عرقلة نادي النجمة، وفي أي ناحية من النواحي الفنية أو التحكيمية، رغم قدرة البعض على التأثير في أمور قد لا تصبّ في مصلحة النجمة؟ ألم يفقد النجمة صدارة الترتيب بسبب تعثره الفني؟ هل قام أيٌّ من الأطراف المتهمة بالتدخل في أمور تتعلق بمباراة النجمة والعهد، إن كان جماهيرياً أو تحكيمياً؟ علماً بأنها كانت المباراة الأبرز على صعيد المنافسة على اللقب، وفاز فيها النجمة، كما مباراة الأنصار التي فاز فيها أيضاً النجماويون.
هل سيسأل مكي النجماويين ما هو الدور الذي قام به لعرقلة النجمة أمام العهد، أو عمل على ترجيح كفة فريقه في الذهاب؟
هل سيسأل الشحف النجماويين كيف يعمل لمصلحة الصفاء وفريقه يحتل المركز الخامس برصيد 15 نقطة ويبتعد بعشر نقاط عن المتصدر الأنصار؟ هل سيقدم الشحف لائحة بالبطاقات الاتحادية التي أصدرها الاتحاد لمكتب جمهور النجمة وعددها؟
وهل سيسائل بعض أعضاء الاتحاد ممثلي النجمة في ما يطلق من شتائم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهل يمتلكون الجرأة لكي يقولوا لأحد الممثلين الحاضرين: أنت وراء هؤلاء وأنت من تحرضهم؟
هل سيتحدث رئيس الاتحاد عمّا يقوم به الجمهور النجماوي من شتم لأعضاء الاتحاد، لكونه يعلم أن هذا أمر يمسّ بالاتحاد ككل، وممكن أن ينتقل إلى جبهة أخرى قد تطاول رموزاً أخرى؟ وهو حتماً لا يرضى بذلك، وكان واضحاً في ما تحدث به للنجماويين في هذا الإطار. فمخطئ من يظن أن الاتحاد هو مجموعة أعضاء يمكن التعرض لبعضهم دون أن يكون هذا مسّاً بالاتحاد برمته.
هل سيتحدث الرئيس والأعضاء عن عجزهم عن إجبار القوى الأمنية على القيام بواجباتها، وإسقاط "كذبة" أن لا أحد من الاتحاد يتواصل مع القوى الأمنية، كما قيل للنجماويين، أو كما يحبون أن يُقال لهم؟
هي أسئلة كثيرة قد يكون لها أجوبة اليوم، لكن كي تتوافر هذه الأجوبة، يفترض بالمجتمعين جميعاً أن يكونوا صادقين مع أنفسهم قبل أي شيء، ومع الذين يتحاورون معهم كي يخرجوا من هذه الأزمة التي قد تكون بداية انهيار لعبة ما زالت تصارع كي تبقى على قيد الحياة.