صحيح أن الغريم التقليدي والأزلي لمانشستر سيتي في إنكلترا هو جاره اللدود يونايتد، بينما يُعدّ توتنهام الخصم الأول لأرسنال لعامل الجيرة أيضاً في لندن، ويأتي بعده تشلسي، فيما يبقى لمواجهته مع مانشستر يونايتد أهميتها التي استمدتها من الصراع بين الفرنسي أرسين فينغر، مدرب «الغانرز»، والإسكوتلندي أليكس فيرغيسون، المدرب التاريخي السابق لـ»الشياطين الحمر»، إلا أنه رغم عدم التقارب الجغرافي بين أرسنال وسيتي، الفريق الثاني في مدينة مانشستر، وعدم وجود أحداث أو منافسة تاريخية جمعت بينهما، فإن المواجهة بين الطرفين باتت لها خصوصيتها، وتحديداً في السنوات الأخيرة، وتحديداً من جانب «المدفعجية».
هذه الخصوصية التي انعكست شراسة في المنافسة على المستطيل الأخضر، سبّبها «السيتيزينس» عندما رمى شباكه صوب قلعة أرسنال السابقة «هايبري» والحالية «استاد الإمارات» وراح يصطاد نجوم «الغانرز» الواحد تلو الآخر. يكفي القول إن الفريق الحالي لسيتي يضم 3 لاعبين «أرسناليين»، هم الفرنسيون سمير نصري (سيغيب بسبب الإصابة) وغايل كليشي وباكاري سانيا للوقوف عند ذلك.
أما قبلهم، فقد سلب «السيتيزنس» من أرسنال التوغولي إيمانويل أديبايور والعاجي كولو توريه، كذلك قام باستفزازه بالتعاقد مع النجم الفرنسي باتريك فييرا بعد رحيله عن «الغانرز» إلى ملاعب إيطاليا عام 2005 ليلعب ليوفنتوس ثم إنتر ميلانو قبل أن يضمه سيتي في 2010 حيث قضى معه عاماً واعتزل بعده، وهذا ما كان عليه الحال مع الحارس التاريخي لأرسنال، ديفيد سيمان، الذي أقنعه «السيتزينس» بالاعتزال في صفوفه بعد أن قضى 13 عاماً مع الفريق اللندني.
اشتهر «السيتيزينس» في السنوات الأخيرة بتعاقده مع أهم لاعبي أرسنال


كل هذا جعل من كرة الثلج تكبر بين أرسنال ومانشستر سيتي، وزاد من حقد «المدفعجية» على النادي الأزرق، خصوصاً أن الأخير واصل هوايته باصطياد لاعبي الفريق اللندني، وآخرهم في الصيف الماضي عبر الوافد الأخير من ملعب «الإمارات» إلى «الاتحاد»، سانيا، الذي يلازم مقاعد البدلاء، ما يؤكد أنه تعرض لإغراء كبير من سيتي حتى يقبل بالتضحية بمركزه الأساسي في أرسنال.
ولعل الحقد الأكبر من طرف أرسنال لسيتي مصدره مدرب الأول فينغر الذي شكّلت تعاقدات الأخير مع لاعبيه ضربة كبرى له شخصياً، ذلك أنها بمجملها فرنسية، وهذا ما وضع فينغر في موقف لا يحسد عليه أمام إدارة وجماهير ناديه، نظراً إلى فشله في الحفاظ على مواطنيه، وتحديداً نصري الذي أثار انتقاله إلى سيتي موجة غضب واستنكار من جماهير «الغانرز» شبيهة تماماً، أو ربما أكثر، بتلك التي حصلت عند انتقال الهولندي روبن فان بيرسي من أرسنال إلى مانشستر يونايتد، بحيث يندر أن تخلو مواجهة بين الطرفين منذ رحيل نصري عن ملعب «الإمارات» من حرب كلامية بين الأخير وفريقه السابق، وتحديداً جماهيره، وآخرها وصفه لها بـ»الغبية» قبل المباراة على كأس «الدرع الخيرية» مطلع الموسم الحالي، فيما ردّت الأخيرة بعد الفوز باللقاء بالسخرية من اللاعب الفرنسي عبر تذكيره بأنه قضى أربعة مواسم مع فريقها دون تحقيقه أي لقب، في حين أن الوافد الجديد، التشيلياني ألكسيس سانشيز، أحرز لقباً في أول 45 دقيقة فقط له مع فريقه الجديد.
على أي حال، ورغم هذه الترسبات والعوامل، فإن للمواجهة المتجددة بين الفريقين أهميتها من منظار آخر، إذ إنها تأتي في المراحل الأولى من الإياب، وقد جاءت بعد تفريط سيتي بنقطتين في الجولة الأخيرة بتعادله مع إفرتون 1-1، مقابل فوز مهم لأرسنال على ستوك سيتي 3-0، وبالتالي إن الانتصار في هذه المباراة يحمل معاني عدة لطرفيها. فمن جهة سيتي، فإنه لا يحتمل أي مزيد من إهدار النقاط في صراعه على اللقب مع تشلسي، خصوصاً انه سيحل على ملعب الأخير في المرحلة التالية، أما خسارة فريق «المدفعجية» فتعني ضربة كبيرة لآماله الضئيلة أصلاً في المنافسة، وعلى العكس فإن فوزه في ملعب خصمه سيمده بجرعة معنوية هائلة للمباريات القادمة. كما أن الأنظار ستكون مصوّبة على عودة الأرجنتيني سيرجيو أغويرو، من جهة «السيتزينس»، والألماني مسعود اوزيل، من جهة «المدفعجية»، من الإصابة، حيث دخلا لدقائق معدودة في الجولة الماضية، خصوصاً للوقوف عند مستوى الأخير بعد الانتقادات التي تعرض لها قبل إصابته، علماً أنه أطلق تصريحاً قوياً قبل أيام مفاده أن أرسنال قادر على إحراز اللقب، وبطبيعة الحال فإن جماهير «الغانرز» تنتظر من لاعبها أن يكون، قبل غيره، على قدر الطموحات.
إذاً، مواجهة مرتقبة بكافة المقاييس، الأحد، في ملعب «الاتحاد». هي مواجهة بين «السارق» (سيتي) الذي سلب ضيفه و»ضحيته» أهم لاعبيه، فهل يرد له الأخير الصفعة ويسلبه فرحته بين جماهيره؟