... وأُقفل ملف الكرة الذهبية لعام 2014. هذه الكرة التي شغلت العالم منذ انتهاء مونديال البرازيل تحديداً، بعدما ارتسم مشهد المرشحين للجائزة واختُصر في ما بعد، كما كان متوقعاً، بثلاثة لاعبين هم: البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي والألماني مانويل نوير، ليحرز أول من أمس «الدون» جائزته الثالثة. ما هو مهم أن حكاية الجائزة، التي أوجعت رأس وأرّقت كثيرين وملّ منها آخرين، وصلت لخاتمتها التي لم تخالف معظم آراء المتوقعين.
لكن ثمة 4 لقطات كانت الأبرز في حفل زيوريخ في قاعة قصر المؤتمرات التابع للاتحاد الدولي لكرة القدم، ويجدر التوقف عندها.
اللقطة الأولى تمثّلت بصورتي البرازيليين ديفيد لويز وتياغو سيلفا عند إعلان أسماء المدافعين الأربعة في التشكيلة المثالية. وبغضّ النظر إن كان عدم حضور اللاعبَين إلى حفل زيوريخ لأسباب خاصة، أو من يدري ربما لاعتقادهما بانعدام حظوظهما للظهور في التشكيلة، فإن كثيرين حول العالم طرحوا السؤال التالي عند إعلان اسميهما: «ماذا يفعل هذان المدافعان في التشكيلة؟»، إذ بدا صادماً حقاً أن يقع الاختيار على لويز وسيلفا خصوصاً مع الأداء الدفاعي الكارثي لمنتخب البرازيل في موندياله بتلقيه 14 هدفاً في 7 مباريات، وللمفارقة فإن الحفل جاء بعد يومين من تلقّي شباك فريق قلبَي الدفاع، باريس سان جيرمان الفرنسي، لأربعة أهداف في الدوري المحلي أمام باستيا.
في حقيقة الأمر، لا يختلف اثنان على الكفاءة الدفاعية للويز وسيلفا، لكن العام الماضي لم يكن على الإطلاق «عامهما»، واختيارهما كان «فضيحة» الحفل، خصوصاً أن لاعبين آخرين كانوا يستحقون مكانهما، وبالتحديد الألماني الأنيق و»بكنباور» هذه الأيام، ماتس هاملس، الذي أدى دوراً بارزاً في تتويج بلاده بالمونديال على أرض لويز وسيلفا تحديداً، وبالذات أمام منتخبهما بالسباعية الشهيرة، وكذلك الأوروغواياني دييغو غودين، الذي قدّم عاماً مميزاً مع أتلتيكو مدريد الإسباني وأسهم في وصوله إلى نهائي دوري أبطال أوروبا والتتويج بلقب «الليغا» بعد غياب طويل.
تسمية لويز وسيلفا هي «فضيحة» حفل 2014 بالضبط، لا أكثر ولا أقل، من جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» الذي يواصل ممارسة هوايته الشهيرة بخياراته المفاجئة والبعيدة عن الموضوعية في جوائزه. وما ينطبق على لويز وسيلفا، ينطبق بصورة «أقل فداحة» على الإسباني أندريس إينييستا الذي أصاب فشلاً ذريعاً في المونديال، ولم يحقق أي لقب مع برشلونة، مقدّماً موسماً عادياً لا يرقى إلى مواسمه السابقة. وإذا كان لا خلاف على موهبة «الرسام» الإسباني كأحد أمهر لاعبي الوسط في العالم في السنوات الأخيرة، فإن وجوده في تشكيلة 2014 بالذات شكّل ظلماً للاعبين آخرين كالألماني باستيان شفاينشتايغر، الفائز بالمونديال، والكولومبي خاميس رودريغيز، هداف المونديال، والفرنسي المتألق بول بوغبا، أفضل لاعب صاعد في المونديال، والكرواتي لوكا مودريتش، الذي قدّم عاماً لافتاً مع ريال مدريد.
كان نوير يستحق،
عن جدارة، الحصول على المركز الثاني


اللقطة الثانية التي لفتت الأنظار في الحفل كانت تنهيدة رونالدو عند صعوده إلى المسرح بعد إعلان فوزه، وهذه اللقطة تختصر بوضوح المكانة التي وصلت إليها الكرة الذهبية وكيف أنها أصبحت حلم اللاعبين الأول مهما خرجت تصريحات من هنا أو هناك، بما فيها من رونالدو مراراً في العام الماضي، بأن الأولوية هي لتحقيق الألقاب مع الفرق أو المنتخبات. تنهيدة رونالدو هي تجسيد صريح لقيمة الكرة الذهبية بالنسبة إلى لاعب الكرة حالياً.
اللقطة الثالثة كانت لرونالدو نفسه، وقد فاجأت الحضور والمتابعين حول العالم وتصدرت صباح أمس أغلفة الصحف العالمية عندما صرخ بأعلى صوته بعد إلقائه كلمة الفوز. صحيح أن الصرخة أثارت الضحكات، إلا أنها رسمت من الآن صورة واضحة للصراع الذي أشعله «الدون» على الكرة الذهبية في 2015، إذ إن صرخة «سي آر 7» كانت بمثابة دلو من الثلج نزل على معظم النجوم حول العالم، وفي مقدّمهم ميسي في القاعة، مستفزاً قسماً منهم وموقظاً آخرين من ثباتهم.
إلا أن العنوان الأبرز في الحفل كان حلول نوير في المرتبة الثالثة، بعد أن كانت التوقعات والترشيحات، وقبلها المنطق، يضعه كالمنافس الأول لرونالدو ومصدر الخطر الحقيقي على كرته الذهبية الثالثة.
لا انتقاص هنا طبعاً من ميسي، لكن أن يحل نوير في نسخة عام 2014 تحديداً في المركز الثالث، فهذا الظلم الكبير بعينه، وهو ما ذهب إليه زميله في المنتخب وزميل رونالدو في ريال مدريد، طوني كروس، فيما اعتبر، على سبيل المثال، المدافع الدولي الفرنسي السابق إيريك دي ميكو، أن عدم حصول نوير على المرتبة الثانية يُعَد بمثابة «انتحار الكرة الذهبية».
مجدداً، وكما كل عام، ظُلْم «الفيفا» بخياراته اللامنطقية يتكرر. مجدداً، وكما كل عام، الشعار يبقى ذاته: «فيفا، مكانك راوح».