من نافل القول أن العاصمة الإسبانية مدريد ستعيش غداً أجواء خاصة حتى الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي (22,00 بتوقيت بيروت) موعد انطلاق مباراة الجارين اللدودين ريال مدريد، بطل أوروبا، وأتلتيكو، بطل إسبانيا، على ملعب «فيسنتي كالديرون»، في ذهاب دور الـ 16 لمسابقة كأس إسبانيا.
فقد بات لهذه المواجهة أهميتها وخصوصيتها تحديداً منذ تطور مستوى «لوس روخيبلانكوس» في العامين الماضيين بعد النقلة النوعية بقيادة المدرب الأرجنتيني المميز دييغو سيميوني، حيث تمكن من أن يصبح عقدة للفريق الملكي الأشهر والأغنى في المدينة، كادت أن تكون أكثر وقعاً لولا الدقيقة الأخيرة من نهائي دوري أبطال اوروبا الموسم الماضي، التي بدلت الكأس ذات الأذنين من ساحة «نبتون» الخاصة بأتلتيكو إلى ساحة «لا سيبليس» الخاصة بالملكي.
الا ان أتلتيكو عاد سريعاً ليواصل علوّ كعبه على جاره بتفوّقه عليه في الكأس السوبر الإسبانية مطلع الموسم، وبعدها بإلحاقه الهزيمة به في ذهاب «الليغا» في معقله «سانتياغو برنابيو».
الليلة يتجدد الصراع بين الفريقين، وهو بطبيعة الحال صراع بات محبباً لدى متابعي الساحرة المستديرة نظراً لحدة المنافسة في لقاءات الطرفين، التي باتت حتى تفوق شراسة «إل كلاسيكو» بين ريال وبرشلونة، بحيث أضحى الجاران يُدخلان المتابعين في نوبات من الحماسة قل نظيرها في الملاعب في هذه الأيام، واللافت هو أنه حتى في حال التعادل السلبي، فإن مباراة الفريقين لا تخلو من النديّة والتشويق.
ريال مدريد مُطالب
بالفوز بعد خسارتين متتاليتين


مجرد وجود لاعبي «روخيبلانكوس» و«الميرينغيز» على أرض الملعب، وتحديداً في الـ «كالديرون» بأمواجه الحمراء الرائعة، يعد بأن يكون المتابع أمام وجبة كروية دسمة، وقد أضفى عليها سيميوني والمدرب الايطالي كارلو أنشيلوتي، بفكريهما التكتيكيين الهجوميين، رونقا آخر، لكن كيف إذا كان ريال مدريد مطالبا بالفوز؟ فإن ذلك سيزيد حتماً من الصراع على أرض الملعب، الذي يمكن توقع حدوث أي شيء فيه، بما في ذلك الركلات واللكمات والبطاقات الحمراء، التي لم ينجُ منها حتى النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.
إذاً، العنوان الأول لهذه المواجهة هو وضع النادي الملكي الذي وجد نفسه فجأة في موقف غريب عنه هذا الموسم، بعد عودته متوَّجاً بكأس العالم للأندية، وإذا به يتلقى هزيمة كبيرة أمام ميلان الإيطالي في مباراة كأس التحدي الودية في دبي 2-4 وبعدها سقوطه اول من أمس أمام فالنسيا في ملعب «ميستايا» 1-2 بعد تقدمه في الشوط الاول، مقدماً أداء معاكساً لذاك الرائع الذي قدّمه منذ بداية الموسم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل الشك بدأ يدخل الى نفوس المدريديين فعلاً بعد هاتين الهزيمتين، لا قولاً كما ذهب إلى ذلك مالك ميلان، سيلفيو برلوسكوني، عندما رأى أن فريقه وجّه ضربة معنوية كبيرة للملكي، أم هي مجرد كبوة عابرة في مطلع العام؟
على أي الأحوال، فإن المباراة غداً ستُعطي إجابات واضحة عن ذلك، وقد تكون على العكس حافزاً للملكي لمحو صورتيه السابقتين والعودة مجدداً لإرعاب باقي فرق إسبانيا وأوروبا.
على الطرف المقابل، فإن أتلتيكو مدريد يدخل المباراة في أفضل أحواله مع وصوله إلى قمة مستواه، ووصول لاعبيه إلى فورمتهم، وخصوصاً مع تألق الفرنسي انطوان غريزمان، ما أدى إلى ارتقاء «روخيبلانكوس» للمركز الثاني في «الليغا» مناصفة مع برشلونة، بعدما كان قد حقق نجاحاً لافتاً في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا في مجموعة ضمته إلى جانب يوفنتوس الإيطالي. الا أن النقطة الأبرز التي ستخطف الأضواء، لا شك، في ملعب «فيسنتي كالديرون» غداً هي عودة فرناندو توريس إليه بعد رحلته الإنكليزية فالإيطالية، وبطبيعة الحال فإن مشاركته، ولو احتياطياً، ستُلهب أكثر حماسة جماهير أتلتيكو المتحمسة أصلاً على الدوام وفي كافة الأحوال، وهذه النقطة (مساندة الجمهور) بحدّ ذاتها تُعد سلاحاً فتاكاً بيد الفريق عندما يلعب على أرضه.
إذاً، «أمّ المعارك» بانتظار المتابعين غداً في «كلاسيكو مدريد». كل شيء يشي بذلك، بدءاً من حدة المنافسة في مواجهاتهما السابقة إلى اكتمال صفوفهما، وقبل كل شيء لامتلاكهما اثنين من أفضل المدربين حالياً: أنشيلوتي وسيميوني.