مرّت الدقائق الـ 45 الاولى من مباراة مانشستر يونايتد وجاره مانشستر سيتي، بشعة جداً على جماهير «اولد ترافورد». الدهشة كانت واضحة على الوجوه في كل مرّة مرّ فيها المخرج المشرف على النقل التلفزيوني على مدرجات اصحاب الارض في «مسرح الاحلام»، حيث كانت العيون جاحظة ومترقبة.
اما الترقب، فكان لاول تسديدة على مرمى حارس سيتي جو هارت، وهو امر لم يحصل، لكنه متكرر وبصورة اسوأ هذه المرة. وهنا الكلام عن انها المباراة الثانية فقط هذا الموسم في الدوري الانكليزي الممتاز، التي لا يشهد شوطها الاول اي تسديدة بين الخشبات الثلاث، واللافت ان مانشستر يونايتد كان الطرف الثاني في اللقاء المذكور، وذلك خلال مواجهته مع ليفربول!
بطبيعة الحال كانت قمّة سلبية بامتياز، اداء ونتيجة، والدليل ان كلاًّ من يونايتد وسيتي لم يسدّد بين الخشبات الثلاث الا مرة واحدة طوال الدقائق الـ 90، التي شهدت ايضاً ثلاث تسديدات بعيدة للفريق الاحمر، واربعاً اخرى للازرق السماوي.

ينقسم عالم الكرة حالياً حول مؤيدّ لمسألة الاستحواذ ومعارضٍ لها

اما الاستحواذ على الكرة، فكان لمصلحة «الشياطين الحمر» بنسبة 60% مقابل 40 % لجيرانهم. وهنا اصل المشكلة.
الواقع انه وبرغم الانطلاقة الكبيرة لمانشستر يونايتد في «البريميير ليغ» هذا الموسم، مقارنة بالمواسم القريبة الماضية، فان السلبية في اسلوب اللعب تبدو حاضرة في كثير من المباريات، وهي مسألة اثارت خوف كثيرين من محبي الفريق، وانتقادات من قسمٍ آخر وجّه اصابع الاتهام الى المدرب لويس فان غال، المتهم حالياً بأنه ينقل ما يمكن تسميته عدوى الاسباني جوسيب غوارديولا مدرب بايرن ميونيخ الالماني المهووس بالاستحواذ، وهي المقاربة التي جعلت من برشلونة بطل اسبانيا واوروبا فريقاً لا يقهر في ما مضى، لكنها بدأت تنكشف امام الخصوم وتؤدي دور السيف ذي الحدين بالنسبة الى معتنقيها.
وينقسم عالم الكرة حالياً حول مؤيدّ لمسألة الاستحواذ ومعارضٍ لها بشدة. صحيح ان هذه الاستراتيجية قد تكون مقنعة الى حدٍّ ما عندما يجري تفسيرها وفق فلسفة تقول بأنه بقدر ما تحتفظ بالكرة بقدر ما ستحدّ من خطورة الخصوم، لا بل سترهقهم من خلال التمرير المتواصل الذي يجبرهم على الركض وراء الكرة لدقائق طويلة، لكن فات فان غال انه في بطولة مثل الدوري الانكليزي تنخفض فعالية الفريق الهجومية وسرعة المبادرة ويختفي عنصر المفاجأة عند اعتماد استراتيجة من هذا النوع، لا بل انّ من الصعب محاربة الخصوم بها وحدها، وخصوصاً ان عملية ارهاقهم ليست محسومة، على اعتبار ان فرق الدوري الانكليزي تتمتع بمستوى عالٍ من اللياقة البدنية، وقد اكتشفت الحل للاستحواذ عبر اغلاق مناطقها وتمركز لاعبيها في مناطقهم بانتظار خطأ من الخصم للانطلاق في الهجمات المرتدة واصطياده. وهذا الامر ثبت في اللقاء الاخير بين بايرن ميونيخ وارسنال الذي انتهى لمصلحة الثاني بهدفين.
مانشستر يونايتد يواجه مشكلة حتى لو اراد نفي هذا الامر، والارقام هي الدليل على مشكلته المستجدة التي انعكست سلباً على ارقامه الهجومية، اذ بين الفرق التي تحتل المراكز الستة الاوائل على لائحة الترتيب العام يبدو الاضعف هجوماً، ولو انه يبتعد بفارق نقطتين فقط عن ثنائي الصدارة مانشستر سيتي وارسنال.
انها «عدوى بيب» التي تسحر المدربين وتجعل رجالهم اسرى لتعليماتهم، التي بدأت تدخل الملل الى عالم اللعبة ومحبي كرة القدم الهجومية.