2009 كان بامتياز عام النجوم والأرقام القياسية لا البطولات الكبرى. هكذا صفّق العالم خلاله لإبداعات ليونيل ميسّي الساحرة، وسرعة يوسين بولت الخارقة، وضربات روجيه فيديرر الساحقة... واستحقت «يد هنري» صفة لقطة الموسم، عندما أهّلت فرنسا إلى مونديال 2010
حسن زين الدين
كرة القدم في 2009 تساوي ليونيل ميسّي. هذا أقل ما يمكن أن يوسم به، بكل بساطة، موسم 2009 في ملاعب الكرة العالمية. قد تبدو العبارة مبالغاً فيها، ربما، لكن من تابع إبداعات هذا الفتى الأرجنتيني الموهوب لا بد أن يغيّر حساباته مهما كانت ميوله. لا بد أن يرضخ للأمر الواقع، كيف لا، و«إمبراطورية» لعبة كرة القدم المتمثّلة بالـ«فيفا» نصّبت «ليو» أفضل لاعب في العالم في 2009 بفارق كبير عن البرتغالي كريستيانو رونالدو. وكيف لا، والكرة الذهبية التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية أبت إلى أن تمسكها يدا هذا النجم «الخارق للعادة». ميسي أبدع إذاً في 2009، ومن المفترض أن يكون برشلونة قد حذا حذوه أيضاً... وهذا ما حصل. 6 ألقاب تاريخية ما كانت لتتحقّق لولا بصمة ميسي فيها، وهكذا حقق «البلوغرانا» ألقاب الدوري المحلي والكأس والسوبر المحلية ودوري أبطال أوروبا والسوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية.
بالانتقال إلى البطولات الأوروبية فقد توِّج مانشستر يونايتد في إنكلترا وإنتر ميلانو في إيطاليا وبوردو في فرنسا، فيما كانت المفاجأة في ألمانيا بتحقيق فولسبورغ اللقب، كما في هولندا بتتويج ألكمار. في هذا الوقت، كان شاختار دونيتسيك يحقق لقباً تاريخياً لأوكرانيا بتتويجه في مسابقة كأس الاتحاد الأوروبي في نسختها الأخيرة تحت هذا الاسم لتنتقل إلى «يوروبا ليغ».
أفريقيا كانت على موعد مع حدثين كرويين هامين، في مقدمتهما قرعة مونديال 2010، التي أوقعت البرازيل في المجموعة الأقوى وهي السابعة، إلى جانب البرتغال وساحل العاج، بعد تصفيات كانت قاسية على نجوم كبار كالروسي أندريه أرشافين والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش والأوكراني أندريه شفتشنكو، الذين سيغيبون عن الحدث العالمي، فيما عانى مارادونا الأمرّين لبلوغ النهائيات، وكان الأمر مشابهاً بالنسبة إلى فرنسا التي حجزت بطاقتها بفضل «يد هنري» التي أثير حولها جدل كبير استمر أسابيع عدة، ولم يتوانَ النجم الفرنسي عن تقديم اعتذاره إلى الإيرلنديين.
كذلك، فإن الصيف الماضي شهد البروفة الأولى لمونديال 2010 في جنوب أفريقيا، من خلال استضافة بلاد نيلسون مانديلا لبطولة القارات، التي حققت لقبها البرازيل على حساب أميركا، فيما شهدت تراجعاً رهيباً لإيطاليا، وخروجاً مفاجئاً لإسبانيا أمام أميركا في نصف النهائي، لكن هذا الأمر لم يقف حائلاً دون تتويج «الفيفا» منتخب «الماتادور» الأفضل للعام الثاني على التوالي.

بولت يخطف الأضواء مجدداً

مرة أخرى، أثبت الجامايكي يوسين بولت أنه عداء من كوكب آخر. بمدة قياسية لم تتجاوز السنتين استطاع هذا الشاب الأسمر أن يصنع أسطورته في رياضة «أم الألعاب» بتحطيمه رقميه القياسيّين في سباقي 100 و200 متر، اللذين كان قد أحرز ذهبيتَيهما في أولمبياد بكين 2008، بتسجيله رقم 9.58 ثوان في الأول، و19.19 في الثاني.
العداء الإثيوبي كينينيسا بيكيلي كان له كلمته في الحدث العالمي أيضاً، عندما فرض هيمنته على سباقي 5 و10 آلاف متر، محقّقاً ثنائية فريدة في البطولة.
وبينما كانت الأنظار متجهة إلى الروسية يلينا ايسنباييفا، فإذا بهذه الأخيرة تخذل عشّاقها، حين فشلت في تحقيق اللقب العالمي الذي تملك رقمه القياسي في أولمبياد بكين (5،05 أمتار)، إضافةً إلى أنها توّجت باللقب في النسختين السابقتين وفي الألعاب الأولمبية، لتسقط كل هذه الإنجازات أمام البولونية آنا روغوفسكوفا، بيد أن ايسنباييفا عادت لاحقاً، وحفظت ماء وجهها عندما استطاعت تحطيم رقمها القياسي السابق مسجّلة 5،06 أمتار في لقاء زيوريخ.

... وفيلبس يحاكيه

وحده الأميركي مايكل فيلبس حاكى إنجازات بولت للعام الثاني توالياً، وإن في رياضة مختلفة، حيث نجح السباح الأميركي في تحطيم رقمي 100 و200 متر فراشة في بطولة العالم للسباحة في روما. وسجل فيلبس في المسافة الأولى 49،82 ثانية، وفي الثانية 1:51،51 د، بيد أن عام فيلبس خارج أحواض السباحة لم يكن مثالياً، حيث أُوقف 3 أشهر لثبوت تعاطيه الماريوانا.

فيديرر يدخل التاريخ

لا مبالغة في القول إنّ يد روجيه فيديرر، التي يمسك بها مضربه، باتت في 2009 بمثابة الأيقونة الذهبية في بلاده سويسرا، التي لا تملك سجلاً حافلاً في الرياضات الكبرى. يد فيديرر إذاً وضعت زيوريخ على خارطة الرياضة العالمية، وأدخلت صاحبها تاريخ كرة المضرب من بابه الواسع، حيث تمكّن روجيه من الانفراد بالرقم القياسي العالمي في البطولات الكبرى «الغران شيليم»، الذي كان يتقاسمه مع الأميركي الأسطوري بيت سامبراس، عندما نجح بتحقيق لقبه الـ 15 بعد فوزه بجائزتَي «رولان غاروس» الفرنسية، وويمبلدون الإنكليزية.
بيد أن فيديرر لم يكتفِ بذلك، بل حقق نصراً معنوياً شخصياً في 2009 عوّض فيه عن إخفاقه في 2008، عندما أطاح غريمه اللدود الإسباني رافاييل نادال عن صدارة التصنيف العالمي.
من جهتها، استعادت الأميركية سيرينا وليامس ألقها أيضاً بعد فوزها بلقبي أوستراليا المفتوحة وويمبلدون، لتتصدر التصنيف العالمي لدى السيدات.

فورمولا 1 دراماتيكية

عام 2009 في رياضة «الفورمولا 1» كان زاخراً بالأحداث المشوّقة بدءاً من منصات التتويج، حيث ظفر البريطاني جانسون باتون باللقب للمرة الأولى في مسيرته، كما حقّق فريقه براون جي بي لقب المصنّعين في أولى مشاركاته، وشهدت هذه البطولة بروز نجم الألماني الشاب سيباستيان فيتيل خلف مقود «ريد بُل»، حيث كان قريباً من انتزاع اللقب لولا بدايته المتعثرة في البطولة. وتميّز ختام الموسم بتغيّر في خارطة الفرق وسائقيها، بعدما اشترى فريق مرسيدس 75 % من أسهم براون، ليصبح اسم الفريق «مرسيدس جي بي»، حيث سيكون الألماني ميكايل شوماخر العائد أحد سائقيه في موسم 2010، فيما انتقل باتون إلى ماكلارين، والإسباني فرناندو ألونسو من رينو إلى فيراري.
كذلك اتسم موسم 2009 بوقوع الفرق في مآزق مالية، ما دفع مثلاً فريق هوندا الياباني العريق إلى الانسحاب من البطولة.
في رياضة المحركات أيضاً، كرّس الفرنسي سيباستيان لوب سائق سيتروين نفسه أسطورة في عالم الراليات، عندما حقق لقباً سادساً قياسياً على التوالي.
هكذا، كان 2009 عام إبداعات النجوم والأرقام القياسية، مسلّماً المشعل لعام سيكون أفريقيّ النكهة بامتياز، من خلال كأس العالم التي تستضيفها جنوب أفريقيا صيف 2010.


2009 لم يخلُ من الفضائح

لم يخل عام 2009 من الفضائح، اذ شهد استقالة المدير العام لفريق رينو في «الفورمولا 1»، الايطالي فلافيو برياتوري وإيقافه مدى الحياة، بسبب فضيحة غش في جائزة سنغافورة الكبرى في موسم 2008.




أموال بيريز تغزو كرة القدم!

لا يمكن الحديث عن عام 2009 الرياضي من دون التوقّف عند عنصر المال الذي أضحى سمة لعبة كرة القدم. هكذا، كان «هجوم» فلورنتينو بيريز (الصورة) العائد الى رئاسة ريال مدريد الاسباني مذهلاً حين دفع 200 مليون يورو للتعاقد مع أهم النجوم على رأسهم البرتغالي كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد الانكليزي بمبلغ قياسي تاريخي بلغ 93 مليون يورو، إضافة الى تعاقده مع البرازيلي كاكا من ميلان الايطالي بـ65 مليوناً، وغيرهما. ومن المتوقع أن يستمر النادي الملكي في نهجه هذا في 2010، وخصوصاً أن هدفه الحالي الفرنسي فرانك ريبيري لاعب بايرن ميونيخ الألماني يبلغ سعره في سوق الانتقالات 80 مليون يورو!