في وقت تعاني فيه الرياضة اللبنانية من شحّ الأموال وغياب التمويل الكافي للنهوض بها، يحلّ وزراء الشباب والرياضة العرب ضيوفاً على لبنان مطلع الشهر المقبل، وكلفة استضافة اجتماعهم هي فقط... نصف مليار ليرة
عبد القادر سعد
في 12/10/2006، أصدر مجلس الوزراء اللبناني قراراً (رقم 64) وافق فيه على استضافة اجتماع مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب ومكتبه التنفيذي في مطلع عام 2007. حينها حالت الأوضاع التي كانت قائمة في البلاد آنذاك دون عقد المؤتمر. ومع تلقّي وزارة الشباب والرياضة اللبنانية اتصالات من كبار القيادات الرياضية والشبابية العربية التي أبدت رغبتها في انعقاد المؤتمر المقبل في بيروت، كان لا بد للوزارة أن تلبي رغبات الأشقاء العرب وتعمل على استضافة المؤتمر في 8 نيسان 2010... حتى لو كان الثمن هو 536 مليون ليرة لبنانية فقط لا غير، علماً بأن المبلغ المرصود في عام 2006 كان 450 مليون ليرة، لكنه لم يعد يكفي الآن نظراً إلى ارتفاع التكاليف والأسعار.
ومثل هذه الرغبة «تمثّل إشارة إلى عودة الاستقرار إلى ربوع وطننا وعودته إلى ممارسة دوره في احتضان الأشقاء العرب، كما أن المؤتمر المقبل يتضمن في حد ذاته أهمية خاصة على اعتبار أن جدول أعماله يحوي البند الخاص بانتخاب المكتب التنفيذي، إذ يتجه لبنان إلى الترشح لعضويته بغية استعادة موقعه ودوره فيه، مدعوماً من معظم الدول الأعضاء وخصوصاً الخليجية منها»، كما جاء في رسالة وزير الشباب والرياضة علي عبد الله إلى وزيرة المال ريا الحفار في 2 شباط الماضي.
واللافت أن الدولة اللبنانية مستعدة لصرف نصف مليار ليرة لبنانية على مؤتمر عربي، في وقت أقرّت فيه موازنة الرياضة في لبنان للعام الجاري بثلاثة مليارات ليرة، فيما رأى رئيس لجنة الشباب والرياضة البرلمانية سيمون أبي رميا أنها يجب أن تكون 30 مليار ليرة نظراً إلى أهمية الرياضة، قبل أن يستقر المبلغ على خمسة مليارات ليرة. هذا يعني أن موازنة الرياضة في لبنان من الممكن أن ترتفع 10% في حال إضافة أموال المؤتمر إلى هذه الموازنة.
وبالعودة إلى تكاليف المؤتمر، يلاحظ من خلال الجدول المقدم من وزارة الشباب والرياضة إلى وزارة المال أن كلفة صالون الشرف مع استئجار سيارات تصل إلى 43.900 دولار أميركي (سيارات مميزة، فخمة، عادية مع سائقيها)، أما الإقامة في فندق FOUR SEASONS فتبلغ قيمتها 150.305 دولارات (أجنحة ملكية وعادية وغرف مفردة) كما هو مذكور في الجدول، علماً بأن قسم المبيعات في الفندق ذكر أنه لم يجر الاتفاق لاستضافة الوزراء. وبالنسبة إلى غرف الاجتماعات تبلغ الكلفة 27 ألف دولار، الإعلام 7.200 دولار، وحفل الختام بكلفة 55.980 دولاراً، أما فريق التنظيم فسيكلّف 40.165 دولاراً، إضافة إلى مبلغ احتياطي بنسبة 10% من الكلفة العامة أي 32.500 دولار، لتصل الكلفة الإجمالية إلى 357.500 دولار (536 مليون ليرة لبنانية).
وبعد التدقيق في توزيع النفقات، نجد أنه خلال الاجتماعات سيوضع أمام الضيوف مجموعة مشروبات ومحارم... بكلفة إجمالية تبلغ 3 آلاف دولار، إضافة إلى مبلغ مماثل للملفات التي تحوي «بلوك نوت» وأقلاماً ومغلفات.
أما حفل الختام، فيستضمن فقرة ترفيهية بكلفة 31.500 دولار تشمل غناء ورقصات، أضف إليها الهدايا التذكارية وتبلغ كلفتها 6 آلاف دولار.

قريطم: لبنان سيستفيد

الأمين العام للجنة الأولمبيّة اللبنانية عزّت قريطم له رأي آخر من ناحية الفائدة التي سيحصدها لبنان من الاستضافة، معتبراً أن مثل هذا المؤتمر يضعنا على الخريطة العربية، وخصوصاً أن الدول تتسابق من أجل إقامة مثل هذه المؤتمرات وتخصّص موازنات لها.
ويضيف قريطم أن هذا المال الذي سيخصصه مجلس الوزراء للمؤتمر لن يذهب إلى الرياضة اللبنانية إذا لم يستضفه لبنان، وبالتالي يخسر أهمية تنظيم مثل هذا المؤتمر. وأكد أن من الممكن أن يؤمن أموالاً للرياضة اللبنانية.

استنسابية بين الوزراء


الوفدان السعودي والمصري سيتمتعان بامتيازات تختلف عن تلك التي ستتمتع بها سائر وفود

الحفل الترفيهي تبلغ كلفته 31 ألف دولار، منها 20 ألفاً للموسيقى والزينة والإضاءة

وإذا سلّمنا جدلاً بأهمية استضافة لبنان لهذا المؤتمر «وعودته إلى ممارسة دوره في احتضان الأشقاء العرب» كما قال الوزير في رسالته، فهناك مسألة مهمة تظهر من خلال الأرقام، وهي الاستنسابية في الامتيازات، وخصوصاً في توزيع السيارات والغرف. إذ نجد أن السيارة المميزة هي فقط للوزيرين السعودي والمصري، إضافة إلى سيارات وسط وعادية (السعودي: 2 وسط و2 عادي، المصري: 1 وسط و1 عادي)، فيما وزيرا السودان والصومال وغيرهما سيحصلون على سيارتين وسط وعادية.
أما على صعيد الغرف، فنجد أن الوفدين السعودي والمصري يتمتعان بامتيازات تختلف عن تلك التي ستتمتع بها وفود الصومال والسودان وجزر القمر وغيرهم.
وهذه الاستنسابية تؤثر على سمعة لبنان على أنه بلد مضيف لا يعامل زواره بطريقة متساوية، علماً بأن مثل هذه المشكلة حصلت سابقاً خلال القمة العربية التي استضافها لبنان، حين اعترض الرئيس الصومالي على تخصيص غرفة عادية له في فندق مونرو، فيما نزل الأمير السعودي عبد الله بن عبد العزيز في جناح ملكي في فندق الفينيسيا، ما أدى الى إشكال بروتوكولي.
هذا إضافة إلى الكلفة الزائدة التي يفرضها مثل هذا التمييز. فإذا كان لبنان يقع تحت عجز في الموازنة، فلماذا استئجار سيارات مميزة مع أجنحة ملكية؟ إذ يمكن خفض الكلفة باستئجار سيارات فخمة للجميع، إضافة إلى غرف سوبر، علماً بأن جدول المصاريف المقدم من الوزارة يشير إلى أن كلفة سيارتين مميزتين هي 5.600 دولار، فيما كلفة 13 سيارة فخمة هي 16.120.
وهذا ينسحب على غرف الإقامة، إذ إن كلفة الجناح الملكي هي 1825 دولاراً لليلة، فيما الدرجة الأقل هي 680 دولاراً.
ولا تتوقف المسألة على السيارات والغرف، إذ إن الحفل الترفيهي أيضاً يشمل بعض المصاريف العالية، كالإضاءة والموسيقى والزينة بكلفة 20 ألف دولار.
وهنا يمكن السؤال، ما هي الفائدة التي ستحصدها الرياضة اللبنانية فعلياً من هذا المؤتمر، بعيداً عن السياحة وحسن التنظيم والبيانات الختامية الإنشائية؟
وهل مناسب صرف كل هذه الأموال على مؤتمر إداري، فيما ترزح الاتحادات الرياضية تحت عجز صناديقها وخلوّها من الأموال؟
وهل التمييز بين الضيوف يليق بكرم الضيافة الذي من المفروض أن ينسحب على الجميع بالتساوي؟


تعليق

الوزير عبد الله: الكلفة عالية والفائدة قليلة


يوافق وزير الشباب والرياضة اللبنانية علي عبد الله على اعتبار كلفة استضافة المؤتمر في لبنان عالية، وخصوصاً أن تأثيره الإيجابي على الرياضة اللبنانية قليل. لكن ما دام لبنان كان قد التزم باستضافة المؤتمر في عام 2006، وبما أن الوزراء العرب فضّلوا أن يقام المؤتمر في لبنان، فقد «طرحت المشروع على مجلس الوزراء اللبناني بطريقة عادية جداً، دون أن أعمل على إقراره، وهم وافقوا ووفّروا الأموال اللازمة».
ويشير عبد الله إلى أن الأموال المرصودة هي من احتياطي الموازنة، لا من تلك المخصصة لوزارة الشباب والرياضة. ولو كان في استطاعته إضافة هذا المبلغ إلى موازنة وزارته، لكان ألغى الاستضافة ووظّف هذه الأموال لاستضافة وفود رياضية ومدرّبين يرفعون من مستوى الرياضة اللبنانية، ويعملون على تطويرها.
وعن المؤتمر يشير عبد الله إلى أن مجرد إقامته في لبنان في وقت سيُنتخب فيه المكتب التنفيذي، فإن لبنان سيكون ممثلاً في هذا المكتب. أما بالنسبة إلى ارتفاع الكلفة بين عام 2006 و2010 فهذا طبيعي، نتيجة ارتفاع الأسعار، وخصوصاً الفنادق، مضيفاً «أن استضافة وزير واحد تتطلّب مصاريف كبرى، فكيف إذا كان عدد كبير من الوزراء سيكونون حاضرين في لبنان، فهذا لا شك في أنه سيرفع الكلفة كثيراً».


الوزير عبد الله (الصورة 1) يفضّل استثمار الأموال في الرياضة اللبنانية وقريطم يرى فائدة في الاستضافة