فعلاً هو اللاعب صاحب الحظ الأسوأ في العالم. ميكايل بالاك يعيش المأساة مجدّداً، وهذه المرّة بسبب لعنة الإصابة التي لحقت به في آخر مباراة من الموسم مع فريقه تشلسي الإنكليزي، ليفتقده المنتخب الألماني والعالم الكروي في مونديال 2010
شربل كريّم
أقل ما يمكن قوله إنّ صدمة حلّت على ألمانيا أمس بعد إعلان الاتحاد الألماني لكرة القدم نبأ تعرّض كابتن المنتخب الوطني ميكايل بالاك لكسرٍ في كاحله، ما سيبعده عن نهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا. الخسائر كبيرة على الألمان وتتعدى مسألة فقدانهم مجرد لاعب، لأن بالاك كان في الأمس القريب الملهم الأول لمجموعة المدرب يواكيم لوف، فهو قائد حقيقي على أرض الملعب، ويملك قيمة فنية ومعنوية، ويكفي أنّ «الملك» البرازيلي بيليه وضعه بين أفضل مئة لاعب لا يزالون على قيد الحياة، لنتأكد من أهمية هذا اللاعب الفذّ، الذي سيترك غيابه فراغاً كبيراً في تشكيلة «المانشافت».
ومن تابع مسيرة بالاك يعرف تماماً أنّ سوء الحظ كان رفيق صانع الألعاب المميّز، وخصوصاً في الأحداث الكبيرة أو اللحظات الحاسمة. ويكفي أن نسرد ما عاشه عام 2002 لنلمس مدى الذكريات المريرة التي يختزنها بالاك، إذ إنه خسر مع باير ليفركوزن لقب الدوري الألماني في الأمتار الأخيرة، رغم أن فريقه كان متربّعاً على الصدارة بفارق خمس نقاط قبل ثلاث مراحل على النهاية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ لأن الفريق هُزم في المباراة النهائية لمسابقة الكأس أمام شالكه، قبل أن تكتمل فصول الدراما بخسارته نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد الإسباني. وتكرر هذا السيناريو مع «القيصر» الصغير في 2008، حيث حلّ تشلسي ثانياً في الدوري، ووصيفاً في مسابقتي كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة ودوري الأبطال.
ومع المنتخب الألماني، غاب بالاك عن المباراة النهائية لمونديال 2002، إذ إنّ مسجل هدف الفوز في مرمى كوريا الجنوبية في الدور نصف النهائي، تلقى بطاقة صفراء ثانية حرمته اللعب في النهائي الحلم أمام البرازيل، التي ظفرت بلقبها الخامس عامذاك أمام منتخب عجز عن تشكيل خطورة حقيقية في ظل افتقاده مهندسه.
وعاش الكابتن الألماني لحظات عصيبة أيضاً عندما تابع كرة الإيطالي فابيو غروسو تمرّ إلى جانبه لتسكن الزاوية البعيدة لمرمى الحارس ينس ليمان، وتفتح بالتالي الباب أمام إيطاليا لبلوغ نهائي مونديال 2006 على حساب ألمانيا المضيفة. وفي 2008 أيضاً لم يتمكن بالاك من رفع كأس أوروبا بعد سقوط بلاده أمام إسبانيا في المباراة النهائية.

«المانشافت» من دون ضابط إيقاع

عندما أصيب الحارس الأساسي لمنتخب ألمانيا رينيه أدلر لم يُشر أحد إلى أن ثمّة أزمة تواجه «المانشافت»، وهذا الأمر كان سيحصل لو أن أيّ لاعب من تشكيلة لوف تعرّض للإصابة، إذ أصلاً هناك حوالى ثلاثة لاعبين جاهزين في كل من المراكز المختلفة، ما عدا مركزاً واحداً، وهو الذي يشغله بالاك، حيث يأخذ على عاتقه عادةً مهمّة صناعة الألعاب وتكوين خط الدفاع الأول في وجه هجمات الخصوم، مستفيداً من بنيته الجسدية القوية.
ولا ضرورة للحديث عن إمكانات بالاك هجومياً ودفاعياً لتأكيد مدى التأثير السلبي الذي سيتركه غيابه، لكن السؤال هنا، من سيكون خليفة ضابط الإيقاع في خط الوسط؟
الأقرب لشغل هذه المهمة هو باستيان شفاينشتايغر، الذي رأى فيه القيّمون على بايرن ميونيخ البديل المثالي لبالاك عندما قرروا ترك الأخير يذهب إلى تشلسي، وقد أبلى الأول بلاءً حسناً هذا الموسم عندما أسند إليه مدرب الفريق البافاري لويس فان غال دوراً قيادياً في منتصف الملعب. لكن ما يفتقده «شفايني» هو الحسّ التهديفي، الذي يتميّز به بالاك، بالنسبة إلى لاعبٍ في مركزه، والدليل أنه سجل 42 هدفاً في 98 مباراة دولية خاضها بالقميص الألماني.

هل حصل بواتنغ على ثأره؟

ومن دون شك أصبح كيفن ـــــ برينس بواتنغ اللاعب الأكثر كرهاً في ألمانيا، بعدما تسبّب بإصابة بالاك، وهو الذي أثار انتقادات كثيرة بعدما اختار اللعب لغانا التي ستواجه الألمان في المونديال، بدلاً من تمثيل بلاد والدته على غرار ما فعل شقيقه جيروم، وخصوصاً أنه نشأ وتعلّم أصول الكرة في بلاد أبطال العالم ثلاث مرات، ودافع عن ألوان هيرتا برلين قبل رحيله إلى إنكلترا.
وقد برز ما كتبته صحيفة «بيلد» أمس، عندما وصفت ما فعله اللاعب الأسمر بالهجوم الانتقامي، استناداً إلى قصة حكاها والده ومفادها أن بواتنغ فقد الودّ وبالاك على خلفية تلاسنهما عام 2006 خلال مباراة هيرتا وبايرن، إذ بعد تسجيل الأول هدفه، قال له الثاني: «سجلت هدفاً واحداً وتظن أنك الأفضل». ويختم الوالد حديثه: «كيفن لم ينسَ ما حدث، وللأسف هو ليس دبلوماسياً على الإطلاق».


أكثر من نجمٍ كروي

«أديداس» تخسر رمزاً مونديالياً


لن تتوقف خسائر ابتعاد النجم ميكايل بالاك عن نهائيات كأس العالم 2010 عند المنتخب الألماني فقط، إذ إنّ اللاعب يعدّ وجهاً دعائياً بارزاً لبعض الماركات العالمية التي يحمل اسمها عبر الحملات الإعلانية حول العالم، وإحدى الشركات المعلِنة المتضرّرة هي شركة «أديداس»، المتخصّصة في صناعة التجهيزات الرياضية، التي يمثّل كابتن «المانشافت» أهم وجوهها.
وقد بدا جليّاً أنّ بالاك هو النجم الأبرز للشركة الألمانية العريقة في حملتها الإعلانية للمونديال الأفريقي، وذلك إلى جانب الأرجنتيني ليونيل ميسي. لكن أهمية صورة بالاك تكمن في ألمانيا، امتداداً إلى السوق الأوروبي الكبير، حيث تطلّعت «أديداس» إلى تعويض غياب الإنكليزي ديفيد بيكام (الصورة) عبر محاولة بيع أكبر كمّ من القميص الألماني الذي يحمل القميص رقم 13، وقد نجحت بالفعل في تحقيق مبتغاها في المرحلة الأولى التي أعقبت كشفها عن القميص الأسود الرديف للمنتخب الألماني، الذي لقي رواجاً كبيراً في متاجرها في العواصم المختلفة.