لا بد من التوقّف طويلاً في كأس العالم 2010 عند اللاعب دييغو فورلان، الذي أعاد زمن اللاعبين العظماء، بقيادته بلاده إلى المركز الرابع في البطولة، ليحصل إثر ذلك على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب عن جدارة
حسن زين الدين
كثيرون ممّن تابعوا مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، وعاشوا حيثياته يوماً بيوم، واحتفلوا بالمفرقعات وأبواق الفوفوزيللا، ربما لم يكونوا يعلمون مدى حجم موهبة دييغو فورلان، أو يعرفون من هو هذا اللاعب، في أيّ ناد يلعب، أو كم يبلغ من العمر؟ لكنّ المتابع عن كثب لمسيرة فورلان في ملاعب أوروبا يوقن أنّ ما حقّقه هذا اللاعب في ملاعب جنوب أفريقيا لم يكن عن عبث ولا مفاجئاً. المفاجأة الوحيدة التي قدمها إلينا هذا اللاعب هي دخوله التاريخ، بعدما أصبح ثاني لاعب في تاريخ المونديال يحصل على لقب أفضل لاعب في كأس العالم، دون أن يكون مشاركاً في نهائي البطولة، وذلك بعد الإيطالي سلفاتوري سكيلاتشي عام 1990، حين حصل على الكرة الذهبية آنذاك، وتوّج هدافاً للبطولة التي نظّمتها بلاده. «توتو» كما كان يلقّب سكيلاتشي اشتهر في كأس العالم بعدما كان لاعباً مغموراً في الدوري الإيطالي، أمّا فورلان، ذلك الفتى القادم من مونتفيديو، فاستطاع أن يترك بصماته في ملاعب أوروبا منذ دخوله إليها عام 2002، وتوّج خبرته بعد 8 سنوات في كأس العالم بنيله الكرة الذهبية.

موهبة فذّة

بطول 180 سنتمتراً وبجسم مثالي للاعب كرة القدم، وبفنياته العالية وحنكته أمام المدافعين وتسديداته الرهيبة استطاع فورلان (31 عاماً) أن يكوّن أسطورته الخاصة في البطولة الحالية، إذ يكفي التوقّف مثلاً عند هدفه المِقصّيّ الرائع في مرمى ألمانيا، في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، لنتأكد من مدى موهبة هذا اللاعب الفذ، الذي حمل فريقه على كتفيه. نعم، ببساطة، أدّى فورلان دور النجوم العظماء، الذين يقودون بلادهم إلى تحقيق المجد. فقد كان فورلان في هذه الدورة عبارة عن دييغو مارادونا عام 1986، ولكن بشعر أشقر كثيف وذلك ليس بقليل، أو قل كان بمهارة زين الدين زيدان في عام 1998 وذلك أيضاً ليس بقليل، إذ إنّ مقارنة قدرات منتخبَي هذين النجمين الخارقين بمنتخب أوروغواي تُظهر الفارق كبيراً في المستوى الفني، وحجم الأسماء الموجودة.

مسيرة مظفّرة

مسيرة اللاعب انطلقت في فريق انديبندينتي الأرجنتيني عام 1998، حيث سجل 37 هدفاً في 80 مباراة، فلفت أنظار المدرب الداهية السير الاسكتلندي أليكس فيرغيسون، الذي جلبه إلى مانشستر يونايتد الإنكليزي عام 2002.
هناك حيث ترك بصمة واضحة رغم تسجيله 10 أهداف في 63 مباراة فإنّه استطاع أن يصنع الكثير منها لزميله آنذاك الهولندي، رود فان نيستلروي. من ثم بدأت تجربته الناجحة جداً في ملاعب إسبانيا بدءاً من عام 2004، حيث لعب في صفوف فياريال، واستطاع تسجيل 54 هدفاً في 106 مباربات، ثم توّجها في صفوف اتلتيكو مدريد، بتسجيله حتى الآن 50 هدفاً في 73 مباراة، وهو رقم هائل جداً بالنسبة إلى مهاجم.
«إنه لاعب مقدَّر جداً في إسبانيا، استطاع أن يكرّس نفسه لكل الفرق التي لعب لها» يقول خافيير غوميس، الصحافي في يومية «أل موندو» الإسبانية، مضيفاً: «بالتأكيد فإنّ وصول أوروغواي إلى المركز الرابع في المونديال كان بفضل فورلان، بينما فوز إسبانيا باللقب كان بفضل المجموعة، لذا فهو يستحق الجائزة».