strong>أخيراً تحقق الحلم. كأس العالم في الشرق الأوسط، وقطر تحتضن دنيا كرة القدم عام 2022. هو ملفٌ أدهش العالم وتفوّق على «القوة العظمى» الولايات المتحدة الأميركية، فأثار حماسة «الفيفا» وسرق الأضواء حتى من روسيا التي ستستضيف مونديال 2018
إنها قطر مجدداً، حديث الجميع، إذ توّجت نجاحاتها المتتالية على الصعيد الرياضي عبر الحصول على حق تنظيم أكبر تظاهرة كروية في العالم. حصول البلد الخليجي الذي يؤدي دوراً بارزاً في كل المجالات، على هذا الشرف، كان متوقعاً بالنسبة الى كل الذين تابعوا سير العمل على الملف على نحو حثيث، إذ فضلاً عن العرض الرائع للملاعب والبنى التحتية التي ستستضيف الحدث

، كانت الخيارات مثالية لناحية الأشخاص الذين عملوا على إصابة هذا النجاح اللافت. وعلى رأس هؤلاء رئيس الملف الشيخ محمد بن حمد آل ثاني، هذا الشاب الذي يعكس تماماً الصورة الجميلة لكل شابٍ عربي مثقف، فبدا الإعجاب بحضوره على كل مستمعيه في كل مرة ظهر فيها خطيباً باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية التي يجيدها بطلاقة.
فعلاً، تفوّق الشيخ محمد بحماسة الشباب على كل تلك الخبرة التي حملها المخضرمون والشخصيات الشهيرة من سياسيين ورياضيين وغيرهم الى مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم في زيوريخ، وهو حظي بدعمٍ كبير من والده أمير قطر الشيخ حمد ووالدته الشيخة موزة بنت ناصر المسند. وبطبيعة الحال، كان واضحاً التعاطف العربي الكبير مع الملف القطري والدعم المعنوي الذي أحيط به طوال الأشهر الماضية أو منذ اللحظة الأولى لإعلان قطر ترشحها لهذا التحدي الذي لا تجرؤ سوى الدول الكبيرة على دخول معتركه.
كذلك لا بدّ من التوقّف عند عملية اختيار سفراء الملف بطريقة ذكية جداً، أكدت للعالم مدى الجهد الكبير الذي بذله القطريون من أجل اظهار كل شيء بصورة مثالية، فنطق افضل لاعب في العالم سابقاً الفرنسي زين الدين زيدان باسم «العنابيين»، ووقف الى جانبه مدرب برشلونة الاسباني جوسيب غوارديولا والهداف الارجنتيني التاريخي غابريال باتيستوتا والهولندي رونالد دي بور وغيرهم.
منذ اليوم تقف قطر أمام تحدٍّ من نوعٍ آخر، بعدما وعد الشيخ محمد «الفيفا» بعدم تخييب ثقة العالم التي منحت لبلاده الصغيرة بحجمها والكبيرة بإمكانياتها. فالتنفيذ العماري والاستراتيجي والفني سيبدأ سريعاً، والأكيد أن وفود الاتحاد الدولي التي ستزور دورياً الدولة الخليجية ستُدهش بحسن سير العمل على غرار دهشها بالمخطط المختصّ بتلك الملاعب التي ستتحدى الظروف المناخية من دون أن تضرّ بالطبيعة.
شكراً للاتحاد الدولي على هذه الثقة، وشكراً قطر لتحقيقها حلماً عربياً طال انتظاره.

اليوم الكبير في الدوحة

صحيح أن الفرحة كانت عارمة في زيوريخ واختلط فيها التصفيق بالدموع التي طالت حتى بعض الإعلاميين على شاشات التلفزة العربية، إلا أن المشهد في العاصمة القطرية الدوحة كان غير عادي، إذ انفجر العرب من كل الجنسيات فرحاً فور إعلان رئيس

تفوّق الشيخ محمد بحماسة الشباب على خبرة المخضرمين الشهيرين

لا بدّ من التوقّف عند عملية اختيار سفراء الملف بطريقة ذكية

وعد الشيخ محمد «الفيفا» بعدم تخييب ثقة العالم التي منحت لبلاده

الاتحاد الدولي لكرة القدم فوز قطر بشرف استضافة مونديال 2022. وشهد سوق واقف التراثي القريب من كورنيش الدوحة أكبر هذه التجمعات وأكثرها تنوّعاً، كذلك تقاطر الآلاف الى المدينة التعليمية في ضواحي الدوحة ومنطقة «أسباير زون» التي تضم استاد خليفة الدولي وأكاديمية «أسباير» للتفوق الرياضي.
وكانت أصوات الفوفوزيلا التي اشتهرت في مونديال 2010 في جنوب أفريقيا طاغية في سوق واقف مع الأطفال والكبار ومئات الاشخاص الذين تجمعوا وقوفاً أمام شاشة عملاقة لمتابعة التصويت النهائي، بعد أن ضاقت بهم مقاعد عشرات المقاهي المنتشرة في السوق التراثي.

ردود الفعل

حققت قطر أفضل نتائج في التصويت منذ الجولة الأولى التي حصلت فيها على 11 صوتاً، مقابل 10 في الثانية و11 في الثالثة ثم 14 صوتاً في الجولة النهائية، مقابل ثمانية أصوات للولايات المتحدة.
وبعد إعلان النتيجة، قال الشيخ محمد: «أولاً أودّ أن أشكر أعضاء اللجنة التنفيذية على ثقتهم بقطر، وأريد أن أعدكم بأننا سنفي بوعودنا ولن نخيّب آمالكم، وسنصنع التاريخ معاً». وأضاف: «بدل أن تشاهد شعوب الشرق الاوسط بأكملها كأس العالم على بعد آلاف الكيلومترات، سيتسنى لها متابعة أكبر حدث كروي على الإطلاق في ضيافتهم».
هذا الفوز القطري قوبل بترحيب من قيادات رياضية خليجية رأت أن جميع دول الخليج معنية الآن بالاستضافة.
وقال الشيخ أحمد الفهد، رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي: «نحن في الخليج مطلوب منّا الشيء الكثير لدعم قطر في مهمتها العالمية، ودول الخليج معنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بدعم الاستضافة القطريةأما شقيقه الشيخ طلال الفهد، رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم، فقال بدوره «فوز قطر باستضافة نهائيات كأس العالم 2022 هو فوز لكل الخليج، بل فوز لكل العرب، والمطلوب حالياً من الاتحادات العربية على وجه العموم والاتحادات الخليجية وحكوماتها الوقوف إلى جانب قطر في كل ما يدعم استضافتها، لنباهي العالم بأسره».
أما رئيس الاتحاد الإماراتي محمد خلفان الرميثي، فأوضح: «من دون شك إنه فوز لكل الخليج»، مضيفاً: «قطر واجهة حضارية خليجية في التنظيم، وكما أبدعت في السابق في تنظيم المناسبات الرياضية الكبرى، ستنجح بدرجة امتياز في استضافة كأس العالم 2022».
كذلك أعرب الأمير سلطان بن فهد رئيس الاتحادين العربي والسعودي لكرة القدم عن ثقته بقدرة قطر على تنظيم مونديال 2022.
وقال سلطان بن فهد في تصريح إلى تلفزيون «الدوري والكأس» القطري: «أثق كل الثقة بقدرة قطر على تنظيم كأس عالم على أعلى مستوى»، مضيفاً: «قطر تمثل الدول العربية، وأيضاً الإسلامية، ونتمنى لها التوفيق في التنظيم».
وتابع: «تابعت عملية التصويت على الهواء مباشرة حتى سمعنا الخبر السعيد بفوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022. أهنّئ أمير قطر وولي عهده والشعب القطري».
وأضاف: «ما قامت به قطر عمل جيد ومتقن على مدار السنة الماضية، حتى استطاعت الفوز بجدارة بتنظيم المونديال». وأبرق الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى أمير قطر أيضاً مهنّئاً «بالفوز الكبير والمستحق الذي حققته دولة قطر كأول دولة عربية وشرق أوسطية، والذي يمثل ثمرة الجهود الكبيرة والمميزة على أكثر من صعيد للفوز بهذا النصر الرياضي العالمي الكبير».
(الأخبار، وكالات)


أضواء

هي ... قطر!



علي صفا
والدولة الفائزة هي ... قالها بلاتر. وتفجّر الاسم على شاشات العالم، وشدهت عيون العرب من الماء إلى الماء، ونزلت دموع باردة من الأحبّاء الأوفياء... ورفع عمال النصر قبضات قلوبهم بين أميرهم ووروده، داخل القاعة التاريخية بين مئات من نجوم الأسماء والملاعب العالمية..
دهش بعض العالم من هذا اللاعب الصغير في كأس العالم الكبير. كيف غزا هذا النبيذي الألوان وتأهّل وخطف الكأس من الجميع؟ ماذا فعل ... كيف لعب، بأيّ خطة وتحت إشراف أيّ مدربين؟ من هي هذه الوردة التي قفزت من دوحة لتفوح في صحراء العرب؟ هي بلد من قالوا بتواضع «نعدكم ... لن تندموا على ثقتكم بنا». صغيرة كبيرة حوّلت العواطف العربية من فراغ الإنشاء الى عمل مخطط بعقول عصرية علمية تقود الى الانتصار، في دوائر الهزائم.
وجذبت أصواتاً من هذا العالم المتناحر لتحترمه وتصوّت له، لبلد جرّب رجاله النجاح والتحدي قبلاً.
نعم مانديلا، أيها الثائر المنتصر «إن الرياضة قادرة أيضاً على التغيير»، تغيير الرؤية والرؤى. فرجل قال في بلدي، بلد الصمود والانتصار ووقف مع من قاوم وانتصر، يقدر أن يخوض مع رجاله معركة رياضية حضارية، فيقاوم وينتصر. كم نحن بحاجة الى انتصار في هذا الوطن الكبير التائه.
شكراً قطر ... شكراً لمن أهدى انتصاره الى الجميع.