يتفاعل جمهور المركز الثقافي في الحسكة، مع عزف فرقة موسيقية تراثية، توسط أعضاؤها مجموعة من دلال القهوة والأواني والمفروشات التقليدية. وعلى أنغام آلة الربابة يتناوب فنانان متفاوتان بالعمر، على أداء أغانٍ تراثية، وسط حضور جماهيري لافت. هذه الأصبوحة الموسيقية، هي واحدة من فعاليات «مهرجان عبق للتراث» الذي نظمته مديرية المسارح والموسيقى، ومديرية الثقافة، وجمعية «صفصاف الخابور» الثقافية. اختار المنظمون الربابة، آلة رئيسية في المهرجان، تذكيراً بمعزفٍ أسهم في إظهار ألوان غنائية مختلفة، باتت جزءاً أساسياً من التراث الغنائي للجزيرة، كالنايل والعتابا. تركزت فعاليات المهرجان بأيامه الخمسة على الغناء والعزف التراثي، مع إقامة معرض وندوات متنوعة، ليكون بذلك أول مهرجان شامل للتراث في الحسكة، منذ سنوات. تضمنت الفعاليات ثلاث أصبوحات موسيقية، إلى جانب الغناء والدبكة الشعبية والسريانية، فضلاً عن الغناء الشعبي والتراثي للمنطقة التي اكتسبت غناها من التنوع القومي والديني لسكانها. يقول رئيس فرقة الفرات للتراث، يحيى عبد الجبار، إن «الفرقة تعمل على غناء الألوان الجزراوية والفراتية بألوانها المتعددة، كالموليا واللالا والمايا والبوردانا والميجنا والعتابا»، ويؤكد أن «هذه الأغاني لا تزال تحتفظ بجمهور واسع، لارتباطها بتراث المنطقة». يرى عبد الجبار، أن «هذه المهرجانات تساعد في الحفاظ على الذائقة الفنية للمتلقّين، في ظل انتشار الفن الهابط، كلماتٍ وعزفاً وغناء». بدوره يؤكد مدير المهرجان، إسماعيل خلف، أن المهرجان «محاولة لتسليط الضوء على الموروث الشعبي بشكل يليق بتراث المنطقة، ويبرز الامتداد الحضاري لسوريا». فيما تشرح رئيسة فرقتي «ناباذا» و«أورناشا» للتراث السرياني، سيلفا آسيا، أن «الفرقة قدمت التراث السرياني، الذي يُعتبر جزءاً رئيسياً من التراث السوري العريق. هي ذاكرة يجب أن تبقى في أذهان كل السوريين».
متحف للمقتنيات التراثية
امتلأت صالة المعارض في المركز الثقافي، بمقتنيات تراثية ثمينة من تراث الجزيرة، تمتد أعمار بعضها إلى أكثر من قرن من الزمن. في قسم خاص داخل معرض التراث يرتب محمود الحمود، جزءاً من المقتنيات التي يعرضها، بعد أن قدمها هدية لجمعية «صفصاف الخابور»، لإتمام جهد تعمل عليه في جمع المقتنيات الأثرية. يقول الرجل الستيني إنه يعمل منذ فترة طويلة على جمع وحفظ مقتنيات أثرية، كانت جزءاً من الحياة العامة في حقب زمنية سابقة، كأدوات الزراعة والحرب والطبخ والزينة والمنسوجات. بدوره، يكشف نائب رئيس «صفصاف الخابور»، الباحث محمد باقي محمد، أن هدف المهرجان، «التأسيس لإنشاء متحف للتقاليد والمقتنيات التراثية والشعبية في الحسكة».