هل يبكي طفل عندما تُهيّأ له كل أسباب اللعب والتسلية؟! في الغالب الأعم سيكون الجواب: لا. لكنّ عينَي أحمد (اسم مستعار) تجيبان بنعم، وهما تشاهدان ما حُرِمَه الطفل من تعليم وتسلية. يمسح أحمد دموعه بيد، لتمسك بيده الأخرى يد متطوع في فريق «سيّار» المعني بالأطفال المشرّدين في الشوارع وفاقدي الرعاية الأسرية، وينضم إلى حيث تشرق الابتسامات وتتعالى أصوات الفرح. هكذا؛ شهدت مدينتا اللاذقية وجبلة قبل أيام، اجتماع أكثر من 65 طفلاً متسوّلاً، ليس لطلب المال، أو التدخين، أو التسول تحت ستار بيع سلعة ما. لقد اجتمعوا هذه المرة في نشاط ترفيهي هادف، يتخلله دعم نفسي مركّز، مع متطوعي فريق «سيّار» اللاذقية. يسعى الفريق في عمله إلى بناء الثقة مع أولئك الأطفال، تمهيداً لزيادة نسبة قبولهم في حضور النشاطات والالتزام بها. المتطوعة في الفريق، شهد حمال، تقول لـ«الأخبار» إنه «منذ بدء انطلاقتنا أواخر عام 2014، كنا نعمد إلى البحث عن الأطفال في الشوارع العامة، والحديث معهم وإرشادهم، ثم إعلامهم بمواعيد النشاطات الأسبوعية، وإقناعهم بحضورها في مناطق تجمع معروفة».النشاطات المتتالية، وآلية عمل الفريق، كرّسَت لدى الأطفال شعوراً بالطمأنينة والفرح. كما بنَت جسور صداقة مع المتطوعين، تنتقل عبرها إيماءات وجوه الأطفال من الاكتئاب إلى السعادة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تسهيل جمع الأطفال، وتذكيرهم بمواعيد النشاطات قبل تنفيذها لضمان حضورهم، ومتابعة أحوالهم في كل فرصة ممكنة.
تأسس فريق «سيّار» في دمشق قبل سنوات، وينشط اليوم في محافظات عدة. يعتمد خلال عمله مع الأطفال المهمشين، على محاور تتضمن برامج تعليمية وتوعوية، وبرامج علاج بالفن والتنشيط. لا يذكر «سيّار» أسماء الأطفال الذين يعمل لأجلهم، لا في وسائل الإعلام، ولا عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي. يكتفي بتسمية جامعة لهم، عبر إطلاقه يوماً عالمياً (1 تموز) تحت عنوان «أبناء الشمس»، يحتفي به في احتفالية تُعطى اسماً جديداً في كل عام. كذلك، يتحاشى الفريق نشر صور شخصية للأطفال، إيماناً منه بعمله الذي «سيعيد تأهيل المتسوّلين»، كي لا يتعرض الطفل لمضايقات واضطرابات نفسية تعيق عملية إعادة اندماجه مع المجتمع. ومع انتشار حالات الإدمان على استنشاق مادة «الشعلة» المخدرة، بشكل كبير لدى الأطفال، أطلق الفريق على «اليوم العالمي لأبناء الشمس» هذا العام، اسم «حرّر نفسك». تقول المتطوعة شهد "العديد من الأطفال عزفوا عن تلك الممارسات السيئة، بعد العروض المسرحية التي تركز مضمونها على تسليط الضوء على أخطار تلك المواد على صحة الأطفال". وتضيف «هناك حالات يلزمها وقت طويل للتجاوب مع النشاطات. يختلف ذلك بحسب درجة الأذى النفسي الذي تعرَّض له كل طفل».
تتعدد بواعث مأساة «أبناء الشمس» وأسبابها، لكن «مهما كان السبب، هناك نواقيس خطر تدق حول مستقبل أطفال، سيكونون بطبيعة الحال جزءاً من الأعمدة الفتية للمجتمع بعد سنوات. هل يحتاج المجتمع السوري، بعد كل ما تعرض له، إلى أفراد مدمنين يمتهنون التسوّل؟»، تتساءل المتطوعة، وتجيب «علينا جميعاً أن نعمل من أجل هؤلاء الأطفال».