«كثير من الزبائن يطلبون كتباً بأغلفة ملونة ومزركشة، بغرض تزيين مكتباتهم المنزلية، من دون قراءة المحتوى، ومعرفة قيمتها الأدبية أو العلمية»، يقول عبد الجليل القدور، بائع الكتب، بضحكة تخفي بين تفاصيلها الحسرة. اعتاد أبو أحمد، منذ خمسة وعشرين عاماً، الجلوس على كرسي بسيط على زاوية شارع «أنطاكيا» في اللاذقية، ومن خلفه مكتبة تحوي أكثر من 3000 عنوان. يقضي القدور أغلب وقته في المطالعة، ومناقشة بعض زبائنه في مضمون الكتب التي يختارونها. «صحيح أنني أُمّي في حسابات أصحاب الشهادات العلمية، لكنني اكتسبت الشوق للعلم، وتعلّمت القراءة والكتابة»، يقول لـ«الأخبار». في رصيد الرجل الخمسيني مئات الكتب، ما خوّله القدرة على نصح الزبائن ببعض ما يجب اقتناؤه، خاصة في مجالات الأدب والفلك والكيمياء.يضع أبو أحمد بعض الكراسي حوله، مخصصة لكل من يريد المطالعة مجاناً، في مبادرة يهدف منها إلى التحفيز على القراءة لمن لا يستطيع شراء الكتب. ورغم أنّه يبيع بأسعار رخيصة لا تدرُّ عليه أرباحاً تذكر، يأسف أبو أحمد لانخفاض عدد القرّاء، ولا سيما الشباب. يمسح الغبار المتراكم عن إحدى الروايات، ويقول: «هذا الجيل لا يقرأ»، ويردف متسائلاً: «كيف سيكون المستقبل بلا جيل مثقف؟». يصمت لحظات، ثم ينفخ الغبار عن يده، ويتذكر زبوناً كان قد اعتاد شراء كتاب شهرياً. يقول: «توقف ذلك الشاب عن شراء الكتب منذ فترة، ربما بات مضطرّاً إلى إنفاق أثمان الكتب على حاجات أخرى».