اقتصاد 2019: «النار التي وقودها البلاد والفقراء»!

  • 0
  • ض
  • ض

لم تكن «وحدة البحوث الاقتصادية الخاصة» التابعة لمجلة «الإيكونوميست» متفائلة بشأن أوضاع الاقتصاد السوري لعام 2019، ويبدو أنها ستصيب مرة جديدة في توقعاتها. الشواهد على ذلك كثيرة مع انقضاء الربع الأول من العام، وعلى رأسها تدهور قيمة الليرة في أسواق الصرف السوداء، بفارق تجاوز 35% من قيمة الليرة الرسمية (أقل)، فيما يقف «المصرف المركزي» متفرجاً، ويتلاعب تجار الحرب بالاقتصاد. هي «حرب» أشد ضراوة من الحرب العسكرية؛ إذ تمسّ كل عائلة، بلا استثناء. كانت «الإيكونوميست» قد توقعت انخفاض نمو الناتج المحلي في العام الجاري إلى 2.3%، مقابل 2.9% للعام الماضي، وهو تدهور بدأنا نلمسه واقعياً في ظل الأزمات اليومية المتعاقبة. التوقع الأخطر يُنبئ بانخفاض حصّة الصناعة من الناتج المحلي، من 11% إلى 6% بداية عام 2020. أي إنّ نحو 40% من المصانع مهددة بالإغلاق، والأسباب كثيرة (أزمة الغاز الصناعي، التقنين، ومحاصرة الصناعيين بإجازات استيراد المازوت والفيول من جهة ثانية). لقد فُصِّلَت شروط استيراد شعلة تشغيل المصانع بما يتناسب مع بعض «الحيتان» فقط، لنعود إلى دائرة الاحتكار المقيتة. التوقعات ذاتها لا تبشر بنهايات سعيدة للعام، في المجال الخدمي (بنوك، تأمين، وساطة مالية، صرافة شركات الشحن... إلخ). هذا القطاع مهدد بانخفاض حصته من الناتج المحلي من 8% إلى 2%، أي بمقدار 75%! هذه الكارثة تبدو مؤكّدة التحقق فيما لو استمرّ سعر الصرف في مسيرته الراهنة، وسط تجاهل حكومي، أو عجز، إن افترضنا حسن النّيات. حال القطاع الزراعي بدوره لا يبشّر بالخير. وتشير التوقعات إلى انخفاض منتظر لحصته من الناتج المحلي، من 7.9% إلى 6.6%، ليكون «أفضل المتدهورين». أمام هذه المعطيات، تبدو البلاد على موعد مع انخفاض مؤشر «القدرة على جذب الاستثمارات الخارجية» من 14.5% إلى 3% فقط! ما يعني تراجعاً حادّاً في الاستثمارات المستقطبة، بنسبة 80%. وهو أمر، لن يكون مستغرباً في ظل المشهد العبثي الذي يهيمن على الخريطة الاقتصاديّة: أزمات اقتصادية حادة، وحملات مصادرة أموال لأبسط الأسباب، وتضييق على المستثمرين لمصلحة بعض تجار الحرب، وعقوبات اقتصادية خارجية، وانعدام للتسهيلات المالية، وانخفاض لمؤشر الأمان الصناعي والخدمي إلى مستويات دنيا لم يصلها في ذروة الحرب العسكرية. هل يمكن ردّ كلّ ما تقدّم إلى «أخطاء اقتصاديّة» فحسب؟! أم أن هناك «أيدٍ خفيّة» تعمل بخطى مدروسة؟ أم أنّه ذبح اقتصاد البلاد كرمى لـ«مصالح فلان وعلتان»؟ ثم؛ هل يبدو أحد مهتماً بالبحث عن تفسيرات وإجابات؟ أم أن «النار التي وقودها البلاد والفقراء» لم تلفت أنظار أحدٍ بعد؟ قالوا في الأمثال «اللي إيدو في الماء مو متل اللي إيدو في النار».

0 تعليق

التعليقات