فيكي تالار هارنتسيان: شركتي منزلي

على طاولة خشبية صغيرة في منزلها بباب شرقي، بدأت فيكي تالار هارنتسيان قبل عامين تصنيع أقراط وزينة يدويّاً، لأختها. سرعان ما لمعت الفكرة في رأسها، وقررت إطلاق أول مشروع تجاري في حياتها من خلال إنتاج «إكسسوارات» يدوية، تلتقط لها صوراً عبر هاتفها المحمول، وتعرض الصور عبر صفحة مخصصة على الإنترنت. بقيت الطاولة الصغيرة في مكانها، فيما كبُر مشروع فيكي شيئاً فشيئاً، حتى أمسى لديها عشرات الزبائن الذين يراسلونها ويطلبون بضاعتها دورياً. تقول فيكي (24 سنة) لـ«الأخبار» إنّ «شركتي هي منزلي، ومكتبي هو طاولتي. أشتري المواد الأولية بنفسي من السوق، وأبدأ بالعمل بحسب الطلب، ليأخذ مني يومياً ساعة أو ساعتين... هو تحدٍّ يتجدّد كل يوم: أن أنجز قطعة تنال رضى الزبون». تخرّجت فيكي من «معهد المراقبين الفنيين»، وسعت منذ بداية مشروعها إلى أن يكون لها دخل شهري خاص مستقل عن دخل عائلتها، فضلاً عن أنها تمارس العمل من مبدأ «حبّ التفاصيل ودمج الأشياء بعضها ببعض، لتخرج في شكل جميل». تتذكر الفتاة أول مبلغ جنته من عملها، فتقول: «كانت فرحة عارمة حين تلمّست بيدي مالاً جنيته من عرق جبيني. تمكنتُ لاحقاً من شراء كومبيوتر شخصي». لا يتوقف طموح فيكي عند الطاولة الخشبية، بل تأملُ أن تكون لها شركة خاصة، وماركة مسجّلة باسمها.

مريم الراعي: سيدة نفسي
تدرس مريم الراعي «اللغة الإنكليزية وآدابها» في جامعة دمشق، وقد دخلت عامها العشرين قبل فترة وجيزة. أطلقت الشابة مشروعاً يقوم على استيراد الثياب وإعادة بيعها، بعد عرض صور الملابس ونشرها بين الأصدقاء والأقارب، عبر تطبيق «واتس أب» وموقع «فايسبوك».
بدأت فكرة مريم منذ أشهر قليلة، لكنها تطورت سريعاً. وبات لديها ست صديقات بحكم الموظفات في شركتها الافتراضية، مهمتهنّ إيصال الملابس إلى الزبائن، لا في دمشق فحسب، بل إلى معظم المحافظات السورية. تستفيد مريم من شبكة علاقاتها من أجل الحصول على كميات محدودة من الثياب، وتعمل على اقتناء القطع الفريدة والجميلة، وتجميعها وفق مجموعات، وتصويرها، ثمّ تسويقها. تقول مريم لـ«الأخبار»: «تحوّل منزلنا إلى محل ثياب صغير. القطع موزّعة هنا وهناك، أعرضها على الكراسي والطاولة كي تجذب أكبر قدر ممكن من الزبائن، سواء من أولئك الذين يرونها عبر الإنترنت، أو من خلال الأقارب الذين يزوروننا ويشاهدون آخر ما لدينا من بضائع». نجحت مريم من خلال هذا المشروع، في إشباع اهتمامها بالموضة والثياب، والتعامل مع كمٍّ كبير من الأذواق المختلفة للزبائن، ما أكسبها خبرة في التعاطي مع الشخصيات المختلفة. تقول عن موقف المجتمع المحيط بها: «كنتُ أجيب كلّ من يسألني، بأنني أعمل من أجل إثبات وجودي، والإحساس بذاتي، وليس من أجل المال فحسب».
تكره مريم فكرة «المعلم» في العمل، ولا ترغب «في العمل عند أحد»، بل تحرص على استمرار عملها الخاص، الذي «يشتغلُ فيه الآخرون». تقول: «أنا سيدة نفسي، أقلّل العمل في فترات امتحاناتي الجامعية، وأزيده في العطل. أقدّر نسبة الأرباح المناسبة، وأعطي من يعمل معي أجره». لا تربطُ الفتاة الشابة بين الحرب، وبين انطلاقتها إلى سوق العمل، فحلم مريم اليوم أن يصبح لديها محل صغير، يكون نواة لسلسلة متاجر ثياب كبيرة. تشعرُ بأن في داخلها «تاجراً صغيراً»، يكبر معها ومع الأيام، لتكون يوماً «سيدة أعمال سورية كبيرة».

عليا الأشقر: تاجرة صغيرة


خلقت منصات التواصل الاجتماعي فضاءً لفرص عمل جديدة، استثمرتها الشابة عليا الأشقر، لتؤدي دور «الوسيط التسويقي» من دون أن تدري، وتُسهم في إحضار حقائب ونظارات وبيعها بعد أن تتواصل مع الزبائن والمنتجين على حدّ سواء. لا تزال عليا (22 سنة) تدرس الهندسة المدنية، لكن ذلك لم يمنعها من أن تكون «شخصاً منتجاً يعتمد على نفسه». قبل عام فكرت الفتاة في اكتساب خبرات عملية إلى جانب دراستها، تمكنها من جني المال. تشرح عليا لـ«الأخبار»، قائلةً: «وددت أن أشعر بالمسؤولية والاستقلالية على حدّ سواء. واجهتني الكثير من الصعوبات اللوجستية والمجتمعية، لكنني كنت أقابلها دائماً بالتجاهل والاستمرار في العمل». برغم بُعد مجال دراسة عليا الهندسي عن الاقتصاد، فإنها تقرأ كثيراً عن التسويق، وتحاول أن تطالع آخر ما توصلت إليه الدراسات في هذا الصدد، وتستفيد من التكنولوجيا إلى أقصى حدّ في إنجاح عملها. تواجه الفتاة بعض الصعوبات «ليس لدي مكان فيزيائي، فعملي التسويقي يعتمد على الانترنت، لكنني أواجه صعوبات انقطاع الكهرباء، والتعامل الافتراضي مع الأشخاص، وبطء الإنترنت. مع ذلك اكتسبت مناعة، وصارت لدي خطط بديلة لكل مشكلة تعترضني».
ترفض عليا أن تكون موظفة في عمل روتيني، وترغب دائماً في العمل «الذي يطوّر نفسه بنفسه». تستذكر أول مبلغ حصلت عليه من عملها، وتقول بابتسامة كبيرة: «صرفت كلّ ما جنيته في رحلة مع أصدقائي». تصف الشابة نفسها بأنها «تاجرة صغيرة». تطمح إلى إنشاء متجرها الخاص يوماً ما، وتؤكّد أنها ستستمر في مشروعها حتى «لو تزوجت وأنجبت أطفالاً».