يمتلئ المكان بالبالونات الحمر، أما الجدران فتتقاسمها رسوم مُبهجة، وطبعاتُ أكفٍّ باللّون الأحمر. هذه بعض أجواء احتفاء غير تقليدي بـ«الڤالانتاين»، عنوانُه «في أمل». والعبارةُ ليست اجتزاء من أغنية لفيروز يغنيها العشاق المتخاصمون ليخففوا زعلهم، فحسب، إنما هي اسم لفريق تطوعي يدعم الأطفال المرضى بالسرطان. يغطّي الفريق جوانب عدّة، أهمّها الأدوية والجرعات الكيميائية ونشاطات الدعم النفسي. إضافة إلى دعم ذوي الأطفال المرافقين لهم، في «مركز المعالجة الإشعاعية والكيميائية» في «مشفى تشرين الجامعي» في اللاذقية. باشر «في أمل» العمل قبل أربع سنوات، وحرص على «التخصص في تقديم الدعم» وفقاً لمنسّقة أنشطة الفريق سارة يوسف، التي تقول «أحسسنا بأننا بدأنا ملامسة أهدافنا حين سمعنا والدة أحد الأطفال المصابين تتمتم: في أمل. من دون أن تعلم أن العبارة هي اسم الفريق». توضح يوسف لـ«الأخبار» أنّ كلام الأم جاء «بعد تأمين جرعة إسعافية لطفلها، وسط ظروف معيشية صعبة تعيشها الأسرة التي نزحت من إدلب إلى اللاذقية». وتضيف «ظروف الأزمة فرضت على كثير من المرضى دفع ثمن الجرعات في الحالات الطارئة، بعدما كانت مجانية بالكامل». ويصل ثمن الجرعة الواحدة إلى 100 ألف ليرة سورية (200 دولار)، المبلغ الذي يعدّ مرهقاً لشريحة كبيرة من السوريين، ما حفّز الفريق على العمل لتأمين تلك الجرعات مجاناً.

عشرون شخصاً هو عدد متطوعي الفريق، وتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً. ومع أن تقديم الدعم مستمرّ على مدار العام، فإن الفريق حريص على توظيف المناسبات والأعياد (الرسمية وغير الرسمية) لتقديم مزيد من المساعدة. ويولي المتطوعون اهتماماً خاصّاً لـ«الڤالانتاين»، لكونه يسبق بيوم واحد موعد «اليوم العالمي لأطفال السرطان» (15 شباط). وحتى الآن، يغطي الدعم الذي يقدمه «في أمل» الجرعات والأدوية لمئة طفل، إضافة إلى خمسين عائلة (هي الأشد حاجة) تكفل الفريق بتأمين بعص احتياجاتها الأساسية من غذاء وملابس وسواها. كذلك؛ يعمل الفريق على دعم «مركز المعالجة» بكثير من التجهيزات الضرورية، علاوةً على إقامة حملات تنظيف وتعقيم بالتعاون مع إدارة المسشفى والعاملين فيه.
كَسبَ الفريق ثقة عدد من الأطباء والصيادلة في اللاذقية ودمشق، وباتوا مساهمين في دعم النشاطات، عبر منح الفريق حسومات على أدوية السرطان التي يحتاج إليها الطفل مع الجرعات الكيميائية. تؤكد ساما سليمان، إحدى متطوعات الفريق، أن زيارة المستشفى باتت عادةً يوميّة. تتذكر الشابّة، خريجة علم الاجتماع، بألم أحد الأطفال الذين رافقتهم خلال رحلة علاجه إلى أن ودّع الحياة، تقول «في أمل، كرمى للأطفال الباقين». وتشير إلى أن الفريق يستمر بدعمه لذوي الطفل حتى في حال وفاته. من بين الأطفال الذين تلقوا دعم الفريق، يتماثل اليوم خمسةٌ إلى الشفاء. تقول أم زينب «عندما استيقظت زينب من غيبوبتها، كان السؤال عن متطوعي الفريق أول ما تلفّظت به، لتراهم ينتظرون عند باب الغرفة، ومعهم لعبة طالما تمنّت الحصول عليها قبل دخولها في الحالة الحرجة».