زيادة دخل الموظّفين و«فنّ الممكن»

  • 0
  • ض
  • ض

هل يمكن أن تُقدم الحكومة السورية على خطوات تزيد عبرها رواتب الموظّفين؟ من المسلّم به أنّ الإجابة هي «لا»، أقلّه في خلال العام الجاري، وهو أمرٌ استفضنا في شرح أسبابه سابقاً. لكنّ هذا لا يعني أنّ الحكومة عاجزةٌ بالمطلق عن دعم شريحة الموظّفين، شريطة أن تتوافر لديها الرغبة، وتفكر في اجتراح حلّ جريء يتيح لهذه الشريحة العريضة زيادة حقيقيّة في الدخل. وعلى سبيل المثال، ثمّة بندٌ لا يزالُ حاضراً في موازنات الدولة السوريّة اسمه «الدعم الحكومي»، وقد بلغت مخصّصات هذا البند في موازنة عام 2018 كتلة تقارب قيمتها ملياراً وربع مليار من الدولارات (627 مليار ليرة). وتنوّعت تفاصيل هذا البند ما بين دعم المحروقات ودعم القمح ودعم المعونة الاجتماعيّة... إلخ. تُعدّ هذه المخصّصات أقلّ من نظيرتها في موازنة العام الماضي (1870 مليار ليرة، أي ما يزيد على 3.5 مليارات دولار وفقاً لسعر صرف 500 ليرة مقابل الدولار الواحد). وفيما كانت نسبة مخصصات الدعم 70 في المئة من حجم الموازنة العامة في العام السابق، تقلّصت هذه النسبة في موازنة العام الحالي إلى 25 في المئة فقط. هذا التخفيض في مخصّصات الدعم يأتي في الدرجة الأولى تعبيراً عن الاتجاه الحكومي العام (تمهيداً لإلغاء الدعم بشكل نهائي ربّما؟). السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا تخطو الحكومة بوضوح نحو «إلغاء الدعم» لشريحة الموظّفين الحكوميين بشكل كلّي، وتجيير كتلته النقديّة لصالح زيادة حقيقيّة في دخل هذه الشريحة، بحيث يقبض الموظف مخصّصاته من «الدعم» نقداً موزّعاً على مدار العام؟ ولتفتّش العقول الحكوميّة في الوقت نفسه عن طريقة لإيصال «الدعم» إلى شرائح «غير الموظّفين» توخّياً للعدالة، وهذه مهمّة ليست مستحيلة. إنّ خطوة من هذا النوع ستتيح للموظّف أن يُنفق «دعمه» وفق الأولويات التي يفرضها عليه نمط حياته، وهي أولويات باتت تختلف ما بين عائلة وأخرى، فما بالنا بها بين مدينة وأخرى؟ صحيح أن معظم المستفيدين المحتملين من خطوة كهذه (في حال تم الإقدام عليها) سيعمدون إلى تجيير هذا التحسّن الطفيف في مداخيلهم الشهريّة لصالح سدّ مديونياتٍ متراكمة، أو ترميم احتياجاتٍ طارئة وفق نظام التقسيط (ما يعني أنّها لن تتمكّن من زيادة إنفاقها بشكل فعليّ) لكنّ الخطوة ستكون مفيدة حتماً (مفيدة للموظف، ولو لم تصبّ في صالح فائدة السوق). هذا لن يكون حلّاً سحريّاً بطبيعة الحال، لكنّه مثال عن الحلول التي يمكن التفكير فيها في الظروف الراهنة ومن دون مراكمة عجزٍ إضافي. هو بشكل أو بآخر تجسيد للمقولة المعروفة «الرمد أفضل من العمى».

0 تعليق

التعليقات