«لأنني أُحب الجيش اللبناني ولأن العماد ميشال عون هو الجيش كنت أُساعد الشباب العونيين. لست حزبيّاً، ولكنني انتميت الى التيار الوطني الحرّ»، بهذه الكلمات يبدأ الحديث مع الياس السخن. الاسم ليس شعبيا وقلّة من الناس تعرفه، الا أن الرجل لا يغيب عن ذاكرة الناشطين القُدامى في التيار العونيّ. حين كان العمل سريّا ونشاط العونيين مقموعا، كان السخن الوحيد الذي «يسترجي» أن يضع مكبرات الصوت على باصه الصغير ويتقدم مسيرات «أبناء الأوميغا».
رجلٌ في منتصف الخمسينات، جسيم البنية وفي جاهزية دائمة. حالما يرنّ هاتفه ويطلب منه طلاب الجامعات مواكبتهم، «يُدوزن» مكبرات الصوت وينطلق باتجاههم دون أن يعرف وجهة التظاهرة.
أحد المسؤولين العونيين يعرف السخن منذ عام 1991. يتذكر كيف كانت «الحركة صعبة على الأرض وكان العمل سريّا». من جامعة الى أخرى كان يتنقل غير آبه بالمخاطر، «ويتعرض للملاحقات والتوقيفات». أهميته أن «أحدا غيره لم يتجرأ على العمل معنا».
قبل أي تظاهرة كان يسأل: «هل هناك خطر؟ كُنا نجيبه بكلا كاذبة»، يقول أحد الناشطين البيروتيين في «التيار». رغم ذلك، ظل السخن أولّ الذين يصلون أمام «حواجز الجيش السوري والشرطة العسكرية حيث كان يُعتقل رفاق لنا». لم يغب السخن عن تظاهرة «فبات يشعر أنه واحد منّا. وأصبح يرتدي الوشاح البرتقالي». وتحول مع الوقت «الى حاجة للقوى الأمنية التي كانت تشترط حضوره في التظاهرات من أجل استخدام مكبرات الصوت في باصه للتواصل مع المعتصمين وضبطهم».

السخن ساعد
العونيين لأنه يحب الجيش وعون هو الجيش


يضحك الناشط العوني وهو يتذكر احدى التظاهرات التي أُقفلت خلالها كل الطرقات المؤدية الى منطقة المتحف. السخن لم يستطع الوصول، «فما كان من الضابط المسؤول في حينه الا أن أرسل دراجتين لقوى الأمن الى الأشرفية لتأمين وصول الياس. هو نفسه لم يُصدق ذلك».
السُخن لم يكن يطلب مُقابلا للخدمات التي يُقدمها، «أحياناً كان يتذمر من أوضاعه المادية فنجمع له القليل من المال».
يُمثل الرجل الحركة النضالية بين عامي 1996 و2005 «من بعدها تحولنا نحن الى ارستقراطيين ننظم المهرجانات في البيال وحبتور والرويال، فلم نعد بحاجة اليه»، يزيد الناشط ساخراً.
ابن بلدة قرطبا مُزارع متواضع: «بتحكيني وقت تغيب الشمس؟ عم رشّ أرضي»، يطلب السخن. الا أنه ما يلبث أن يسرد الحكايا التي تحتضنها ذاكرته: «سقى الله هيديك الايام. لم تبقَ منطقة لم نمرّ بها». البارحة غاب عن تجمعات العونيين لأنه «ما حدا قللي. وحتى لو طلبوا مني الحضور لم أكن سألبي لأن الأولوية للأرض التي بحاجة الى ريّ». التقى السخن بعون مرّة أو مرتين: «حتى أنا قديه ناضلت بايديي واجريي بدي معاملة لشوفو»، ولكنه في نهاية المطاف «تيار مئة بالمئة ولا يهمني أنني موظف في الدولة».