رقم البرقية: 08BEIRUT661التاريخ: 12 أيار 2008 16:20
الموضوع: لبنان: قائد الجيش يقول إنّه سيحمي الحكومة
مصنّف من: القائمة بالأعمال ميشيل سيسون
(...)
2. اجتمعت القائمة بالأعمال والملحق العسكري وأحد الدبلوماسيين السياسيين في السفارة، بقائد الجيش اللبناني ميشال سليمان في اليرزة، خلال فترتين مختلفتين من اليوم ذاته، في 11 أيار، مرة في الصباح وأخرى في المساء. بدا سليمان مرتاحاً أكثر مما يتوقع المرء، نسبة إلى حجم الاشتباكات الواقعة بين حزب الله والدروز، المترافقة مع ضغط سياسي هائل يمارسه عليه قادة 14 آذار.

إذلال ضبّاط الجيش بواسطة الأحداث الحاليّة

3. أخبر سليمان القائمة بالأعمال أن التقارير التي تفيد باستقالات على نطاق واسع في الجيش، تقارير كاذبة. بل إن بعض الضباط أتوا إليه لتقديم استقالاتهم وعيونهم مغرورقة بالدموع. ضابط الاستخبارات في الجيش اللبناني، العميد غسان بلعة، المقرّب جداً من رئيس الحكومة السنيورة، كان من أوائل الذين قدّموا استقالتهم. والضابط السنّي في الجيش اللبناني، القائد العسكري للمنطقة الشمالية، اللواء عبد الحميد درويش، قدّم استقالته ايضاً. التقى سليمان بالضابطين المذكورين وطلب منهما عدم الاستقالة.
4. وفقاً لسليمان، فإنه أثار فيهما وطنيتهما والتزامهما تجاه الجيش اللبناني كي لا يقبل استقالتهما. واعترف سليمان بأن الضباط السنّة والدروز، ومجتمعاتهم المذهبية، قد أُهينوا بسبب الأحداث الاخيرة. وأعاد سليمان إلى ذهن الضابطين، الفترة التي أهين فيها عام 1982 عندما كان نقيباً في منطقة الدامور، وطرد الدروز المسيحيين. ورغم إهانته لم يترك الجيش، ولذلك يجب عليهما ألا يستقيلا الآن. ورغم مطالبته الشديدة بعدم تقديم استقالتهما لقائد الجيش، قدّم كل من الضابطين، تباعاً، استقالتهما لمكاتب شؤون الموظفين في الجيش. أخبرنا سليمان أنه لن يوافق على الاستقالات. في ما يخص قائد الجيش بالإنابة اللواء الركن شوقي المصري، تجاهل سليمان سؤالنا وقال: «لم أساله عن استقالته». أبلغنا سليمان أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من جنبلاط ليقول له إنه أمر المصري بالبقاء في صفوف الجيش. وفقاً للضباط في مكتب المصري، فالأخير قدم استقالته أيضاً. من غير الواضح ما إذا كانت هذه إجراءات مخادعة للضغط على سليمان، أو أن الضباط عازمون فعلاً على الانسحاب من الجيش. منذ صباح 12 أيار، لا يزال هؤلاء الضباط يزاولون عملهم ولم يتركوا الجيش.

القتال صعب في المدن: حزب اللّه استخدم الهجوم السرطاني في بيروت

5. أمضى سليمان وقتاً طويلاً، ليصنع رسوماً عن مواقع الجيش، كي يشرح مدى صعوبة الأمر في بيروت. أخبر سليمان القائمة بالأعمال أن الطابع المذهبي المختلط للأحياء السكنية في بيروت الغربية، جعل من المستحيل توزيع فرق الجيش بين الطوائف. في الوقت عينه، افترض سليمان أن الشيعة كانوا يُعدّون لهذا الحدث منذ وقت طويل واستحصلوا على أسلحة وذخائر أكثر من السنة. أوضح سليمان تكتيكات «الهجوم السرطاني» لحزب الله. عند اندلاع الاشتباكات في الأحياء المختلطة مذهبياً، سيتسلل حزب الله إلى الأبنية الشيعية، وينشئ مراكز مستقبلية له، ومن ثم سيتوسع وينتشر من بناء إلى آخر، كانتشار السرطان.
من وجهة نظر سليمان، الطريقة العسكرية الوحيدة التي كانت ستنجح في هذه الحالة، هي إخلاء جميع السكان من مناطقهم والهجوم على المقاتلين الماكثين فيها، «كما فعلنا في نهر البارد، حيث دمّرنا كل شيء». الجدير ذكره أن سليمان المطلع على التسميات السياسية الحساسة، وصف أعمال حزب الله «بالأعمال الميليشيوية». وعند إثارة هذه النقطة، أجاب سليمان أنه يدرك تماماً ما يقوله. «هذه ليست بمقاومة. هذه أعمال ميليشيوية»، قال سليمان. (ملاحظة: هذه المرة الأولى التي نسمع فيها سليمان يصف أعمال حزب الله بالميليشيوية. نهاية الملاحظة). (...)

لم أقصد إحراجه في رسالتي إليه لحلّ المشكلة

8. بعد خطاب رئيس الحكومة السنيورة يوم 10 أيار الذي دعا فيه الجيش للتحقيق في هاتين المسألتين، أصدر العماد ميشال سليمان بياناً صحافياً ينص على قبوله تحمّل مسؤولية هاتين المسألتين. بعد نصف ساعة من قبوله التحقيق في المسألتين، أرسل سليمان «تقريراً» إلى رئيس الحكومة يقول فيه إن التحقيق الأولي قد أنجز واقترح إلغاء قراري مجلس الوزراء. أخبرَنا السنيورة أنه اعتبر هذه الرسالة محرجة ومهينة جدّاً في الوقت ذاته. سألت القائمة بالأعمال سليمان عن توقيت وعملية صنع القرار التي أدت الى إصدار هذه الرسالة. قال سليمان: «لم أقصد إحراجه. لم تكن هذه نيّتي. رأيت أن بإمكاني تأمين التغطية له لإخراجه من الأزمة السياسية».
9. ثم قال لنا سليمان إنه أعدّ التقرير (استخدم مصطلح تقرير، لا «رسالة» كما تناقلتها وسائل الإعلام) قبل ثلاثة أيام، أي يوم 6 أيار، خلال اجتماع المجلس العسكري الأسبوعي. (...) واعتبر المجلس مدير جهاز أمن المطار مذنباً في الحد الأقصى بسبب عدم التزامه بإحالة التقارير الى المعنيين الأرفع مستوى منه، وهي تهمة لا تستحق أن يقال بسببها. حين جرى التصويت على القرار، استحصل المجلس العسكري على 3 أصوات توافق على إلغاء قراري مجلس الوزراء في انتظار تحقيقات الجيش، وصوت معارض واحد، هو العميد السني سعيد عيد، المستشار العسكري لرئيس الحكومة السنيورة. بعد اتخاذ القرار، قال عيد لسليمان إنه موافق مع المجلس لكن لم يكن لديه خيار إلا أن يعارض. أعرب سليمان عن تفهمه لموقفه، كما تفهمه جميع الضباط الآخرين في المجلس العسكري. الحل الوحيد للخروج من الأزمة هو الحوار. يدرك حزب الله أنه لا يمكنه الاستحواذ على كل شيء. (...)
11. «أقول لهم إنهم ارتكبوا خطأ هائلاً» قال سليمان. يعتقد سليمان أن أعمال حزب الله الميليشيوية أثناء الأيام الثلاثة الماضية قد فتحت جبهة جديدة للصراع السني – الشيعي في منطقة الشرق الأوسط ككل. قال سليمان لأحد نواب حزب الله في الآونة الاخيرة، «بتصرفكم هذا، خلقتم إرهابيين من السنة، ليس واحداً فقط، بل سيتكون على الطرقات الكثير من الظواهريين المناهضين لكم». بحسب سليمان، هذه هي الرسالة التي نقلها إلى نصر الله كتحذير ليسترعي انتباهه.

سندافع عن الحكومة حتى الموت، وعلى جثثنا!

12. أخبرت القائمة بالأعمال سليمان أن السفارة قد تحدثت إلى ضابط في الجيش اللبناني اشتكى من أن «السياسيين قد أقحمونا في هذه الفوضى، وليس من واجب الجيش أن يحميهم». وتوجّهت القائمة بالأعمال إلى سليمان بالقول إن هذا أمر مرفوض، ويجب حماية السرايا الكبيرة (حيث يسكن ويعمل رئيس الحكومة والعديد من الوزراء) ومنازل الزعماء السياسيين، خاصة في ظل الشائعات المنتشرة عن احتمال تعرّض هذه المواقع للهجوم خلال الليل. أثناء الاجتماع المسائي مع سليمان، اتصل مساعد وزير الدفاع الأميركي إيريك أدلمان ليتشاور مع القائمة بالأعمال وتحدّث إلى العماد سليمان. بعد توجيهه خطاباً شديد اللهجة لسليمان، يتضمّن توقعات الحكومة الأميركية المتعلقة بحماية المؤسسات الحكومية والزعماء السياسيين، اتصل سليمان بقادته العسكريين. شدّد سليمان، أمام القائمة بالأعمال، على أوامره السابقة لقائد الفوج العميد الركن صالح قيس، شيعي المذهب. قال سليمان بالتحديد، «ستدافع عن السرايا الكبيرة (مركز رئيس الحكومة السنيورة) وقريطم (مكان إقامة النائب سعد الحريري) وكليمنصو (مكان إقامة زعيم الدروز وليد جنبلاط) حتى الموت. ضحوا بأنفسكم لحماية هذه الأماكن. على العدو أن يجتاز جثثكم ليدخل الى هذه المناطق. أكرر، أطلقوا النار إذا هوجمتم». (...)
سيسون