التضارب الكبير حول موعد قدوم الرئيس سعد الحريري الى بيروت، لا يبدو مرتبطاً حصراً بحصوله على موافقة «القوات اللبنانية» على مشروع ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. وتكشف مصادر مطلعة عن أسباب أخرى تقول إن الحريري يعمل على معالجتها حتى تكون عودته مثمرة على أكثر من صعيد.وتكشف المصادر أن القيادة السعودية التي تدعم مبادرة الحريري، لا تمارس الضغوط الكافية على بقية الأطراف بغية السير فيها، كما أنها لا تعمل على توفير بعض مستلزمات عودة الحريري، وخصوصاً المالية منها، حيث أظهرت اتصالات الأيام الأخيرة تفاقم المشكلة بأكثر مما هو متوقع.
وفي ما خص التفاهم مع النائب فرنجية، حاول الحريري الاستعاضة عن بيان الترشيح الرسمي والعلني، بإجراء مقابلة تلفزيونية يشرح فيها الوضع وينتهي الى القول بأن التسوية «إلزامية». لكن فرنجية عاد وأكد له أن الترشيح الرسمي يجب أن يتم من لبنان، وأن يكون من خلال بيان يصدر عن كتلة الحريري النيابية وعن تياره السياسي، وهو ما يلزم الحريري بالمجيء الى بيروت.
على صعيد 14 آذار، لا يزال الحريري يواجه مشكلة في إقناع قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع بمبادرته، وأن موقف الأخير قد تحول الى ذريعة لدى قيادات وقوى مسيحية أخرى، من بينها حزب الكتائب الذي نقل عن رئيسه السابق أمين الجميل أنه «سيكون آخر الموقعين على الصفقة»، مروراً بقيادات وشخصيات سمع الحريري منها «موافقة خجولة»، وأنها حثته على التوصل الى تفاهم يؤمن تغطية واضحة وصريحة من بكركي أولاً.
وتشكو قيادات في فريق 14 آذار من طريقة التسويق التي يتولاها مساعدون للحريري في بيروت، وخصوصاً الأمين العام للتيار أحمد الحريري، الذي يتحدث «بلغة الأمر، وأن المستقبل لديه جميل على كل هذه القوى، وأنها ملزمة الوقوف الى جانبه» وأنه «يوجّه إهانات مباشرة وغير مباشرة، وآخرها قوله، إن لدينا من الوسائل ما يكفي لإقناع جميع قوى 14 آذار بالسير خلفنا».
لكن المشكلة الأكبر، تتصل بفريق «المستقبل» نفسه، وبالواقع الشعبي لقواعده، وجمهور القوى الإسلامية. وبات بحكم المؤكد لتيار المستقبل أن نائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت لن يكون ضمن الكتلة النيابية التي ستصوت لمصلحة فرنجية، وأن الجماعة بصدد إعلان موقف، لكن بعد أن تصير المبادرة رسمية.
أما داخل «المستقبل»، فيبدو أن الوزير أشرف ريفي، قد عاد من السعودية بمناخات «تجبره على كتم اعتراضه، لا على تغيير موقفه». وحسب زوار الرياض، فإن الحريري «كان قاسياً مع ريفي، إذ عندما شرح الأخير أجواء الشمال وقواعد التيار الرافضة لهذه الخطوة، أجابه الحريري بأن «القرار يعود لي، وما قاله أحمد يمثلني»».
وكان ريفي قد شكا أمام الحريري من طريقة تصرف الأمين العام لتيار المستقبل. ونقل له «الأجواء المشحونة داخل التيار التي تقول بأن الحريري يكرر خطأ زيارته لدمشق ونومه في سرير بشار الأسد، وأنه يريد إعادتنا الى مرحلة ما قبل عام 2005».
وحسب الزوار، فإن ريفي نجح في ترتيب موعد له مع ولي العهد السعودي محمد بن نايف، ونقل عنه «أن لا علم له بالمبادرة من أصلها، وأنه لا يعرف كيفية تسويقها، وأنه لا يتوقع أن تمارس بلاده الضغوط كما يرغب الحريري، وأن السعودية لديها الكثير من الأمور التي تشغلها». وقال الزوار إن ريفي سمع «نصيحة» بأن لا «يدخل في معركة مع الحريري تؤدي الى إبعاده، وأن يلتزم الصمت لأن المبادرة سوف تفشل، وأن يصار الى إبراز اعتراضات قواعد التيار».
من جانب آخر، نقل الزوار نصيحة تلقاها الحريري بشأن عودته الى بيروت، وأن أحد أبرز مستشاريه قال له «إذا كان معك المبلغ المالي الذي يؤمن سداد الديون التي بلغت حدود 250 مليون دولار وما يفيض لأجل خلق مناخات شعبية إيجابية، وإذا كان لديك ضمانة بأن التسوية سوف تتحقق، فعندها اذهب الى بيروت. أما في حال عدم ضمان نجاح التسوية، ولم يكن معك الأموال اللازمة، فإن الخسارة لن تقتصر على المشروع، بل سيكون التمرد عليك داخل «المستقبل» أكبر وأكثر فعالية».
وبناء على نصيحة المستشار، صدر تعميم إعلامي داخل «المستقبل» بعدم الحديث عن موعد لعودة الحريري، وإجابة السائلين بأنه موضوع غير معلن ربطاً بالظروف الأمنية الخاصة للرئيس الحريري.
(الأخبار)