يمكن أن تأخذ فكرة عن تحليلات الصحف الخليجية ومواقع المعارضة السورية ومدوّنات بعض الجماعات التكفيرية، عن تفجير السفارة الإيرانية أول من أمس في بئر حسن في بيروت، من خلال تغريدة نجم التحريض الإعلامي فيصل القاسم. علّق مذيع قناة «الجزيرة»، على حسابه على «تويتر» بعد التفجير المزدوج: «من يلعب بالنار يحرق أصابعه»، ليعلن صراحةً شماتته الصريحة بالموت. الصورة ذاتها تكررت في أكثر من منبر إعلامي ولو بأساليب وتعابير مختلفة. اختار عبد الرحمن الراشد الاعتدال هذه المرة في مقالته أمس في جريدة «الشرق الأوسط». أعطى فرصة صبّ الزيت على النار لزميله طارق الحميد، الذي اعتبر في مقال نشرته الصحيفة السعودية نفسها أنّ التفجير غير مستغرب، وإن كان مستنكراً، ويستحق الإدانة، لكن ببساطة، فإنّ «إيران وحلفاءها يعتقدون أنّ النار التي يلعبون بها لن تحرقهم، فما تفعله إيران، بالسلاح والرجال والأموال، في سوريا، وما يفعله حليفها حزب الله هناك أيضاً، ليس كفيلاً فقط بإحراق سوريا وحدها، وإنما إحراق المنطقة ككل في أتون الطائفية المقيتة التي لا يمكن أن تتوقف عند حدود معينة». ويوغل الحميد في تحليلاته ليخرج بنتيجة مفادها أنّ «إيران وحليفها حزب الله من جهة، والقاعدة هما وجهان لعملة واحدة في ما يخص سوريا». وخلص إلى ضرورة سعي العالم بجدية لوقف «تدخل إيران وحزب الله في سوريا لإنقاذ لبنان من الحريق المنتظر». وقرعت جريدة «عكاظ» السعودية جرس الإنذار لحزب الله، منبّهة قادته من المنزلق الخطير، مشيرة إلى أنّهم أمام استحقاقين «الأول الاستمرار في التورط في قتل الشعب السوري، وهذا يعني استجلاب الإرهاب إلى لبنان، أو التزام روح الوفاق عبر إعلان بعبدا والانسحاب الفوري من سوريا وهذا يعني النجاة بلبنان واستقراره وأمنه».
كل ما سبق لم يكن سوى تمهيد لـ«السبق» الذي خرجت به صحيفة «الوطن أون لاين» السعودية التي أحالت القراء إلى وثائق نشرتها قبل ١٤٤ ساعة، حيث «كشفت عن مخطط يعكف حزب الله على تنفيذه ليمهّد لدخوله الى منطقة القلمون السورية، ويقضي المخطط بافتعال الحزب تفجيراً كبيراً في الضاحية الجنوبية لبيروت أو البقاع، وهو ما حصل تماماً عندما استيقظت بيروت على تفجيرين انتحاريين». وهذا «يثبت بالدليل القاطع»، بحسب الصحيفة، «وجود تنسيق وثيق وعالي المستوى بين النظام السوري وحزب الله وتنظيم القاعدة». ودعمت الصحيفة استنتاجاتها بأنّه في حقبة الرئيس الراحل حافظ الأسد «افتتحت سوريا أراضيها سراً لتدريب عناصر القاعدة بمباركة الاستخبارات الأميركية، وكانت تدفع بأولئك العناصر إلى الأراضي العراقية تحت زعم الجهاد في العراق».
وفي مقال آخر، عنونت الجريدة نفسها بأن اللبنانيين يحمّلون «الحزب الطائفي» المسؤولية، ليكتشف القارئ أنّ «اللبنانيّين» ليسوا إلا رئيس الحكومة السابق ونجم «تويتر» الحالي سعد الحريري، واللواء أشرف ريفي، علماً بأنه لم يرد على لسان أي منهما في تصريحاتهما وصف حزب الله بالطائفي. وكان موقع «العربية» الإلكتروني قد أورد أول من أمس أنّ التفجير المزدوج نفّذه تنظيم «كتائب عبد الله عزام»، مضيفاً إنّ «المعلومات المتوافرة تفيد بأن هذه الكتائب العاملة في لبنان تأسست بعد 2003، وتعمل بتوجيه من الاستخبارات الإيرانية. ويشير بعض المراقبين بإصبع الاتهام إلى الاستخبارات الإيرانية بالوقوف وراء تأسيس هذه الكتائب واستخدامها في أنشطة ضد خصوم طهران في لبنان والمنطقة»!
ولم تفوّت المواقع التكفيرية فرصة الدخول على الخط لتنقل تبنّي «كتائب عبد الله عزام» للعملية، معتبرةً أنّ ما حدث هو تنسيق بين «حزب الله» وإيران والدولة اليهودية مع النظام السوري، وبدعم أميركي، وهو أشبه بغزوة «الأحزاب». ونبّهت هذه المواقع «أهل السنّة» ممّا يحاك ضدهم، وهددت «النصارى كونهم أوهن من الوقوف مع حزب الله في هذه المعارك».