بعد مضي نحو 4 أعوام على انفجار مرفأ بيروت، أطلقت الدولة اللبنانية ممثّلة بإدارة المرفأ، مزايدة بيع الخردة والردميات التي خلّفها الانفجار. أربع شركات تنافست على الفوز من أصل 14 شركة سحبت دفتر الشروط. جرى استبعاد عرض واحد بسبب خلط عرضه المالي مع الفني والإداري ومن دون أي غلاف يبيّن هويته، وبقيت في المنافسة 3 شركات: تحالف شركتَي كونكور- سلطان، أبناء أحمد علي حسين خليفة، شركة خالد سيف الدين طالب، إنما جرى تأجيل فضّ العروض المالية إلى حين استكمال هذه الشركات الثلاث المستندات والمتطلبات الإدارية التوضيحية.
تأتي هذه المزايدة، وسط غياب لافت لأي تفسير للتأخير الحاصل في رفع الردم والمخلّفات عن أرض المرفأ، علماً أنها مصدر إيرادات للخزينة ولا تكلّفها أي قرش. كما أنه لا يوجد تفسير لتوقيت إطلاق المزايدة وتأجيلها مرتين منذ 5 أيلول الماضي، سوى أن مشروع صيانة وتوسعة المرفأ الذي كشف عنه وزير الأشغال علي حمية منذ نحو أسبوعين، يتطلب «تنظيف» المرفأ. فمن دون رفع الردميات لا يمكن البدء بإجراءات تنفيذ المشروع. وكل هذه المسألة، سواء في ما يتعلق بتطوير وتوسيع المرفأ أو بيع الخردة لم يكن ليحصل لولا قرار سياسي- دولي بذلك، ظهرت أولى إشاراته في أن شركة فرنسية «تبرّعت» بإعداد دراسة للمشروع وإطلاقه بحضور السفير الفرنسي هيرفي ماغرو متوسّطاً وزير الأشغال العامة والنقل، والمدير العام للجنة المؤقتة لإدارة واستثمار المرفأ عمر عيتاني.
وبحسب المعلومات، فإن مزايدة بيع الخردة ومخلّفات الانفجار لا تشمل هياكل السيارات المحطّمة التي يبلغ عددها نحو 1200 سيارة، إذ يفترض أن تقوم إدارة الجمارك بعرضها في المزاد العلني وهو ما لم يحصل حتى الساعة. إنما من يقول إن ثمة مشكلة في تسكير قيودها ومشكلة أخرى تتمثل في حاجة الجمارك إلى قانون صادر عن مجلس النواب، ما دفع إدارة المرفأ إلى إعداد دفتر شروط لبيع السيارات في حال تعذّر الحلّ الأول تمهيداً لإيجاد آلية تسمح لها بإطلاق مناقصة عبر قرار حكومي طالما أن عائدات تلك المناقصة ستُحوّل مباشرة إلى الخزينة العامة.
بحسب المعطيات المتوافرة، فإن تنافس العروض المالية للشركات الثلاث، مرتبط بتسعير ثمن طن الخردة. ولا توجد تقديرات واضحة لدى إدارة المرفأ لتحديد الكمية الموجودة، بل هناك تفاوت في التقديرات بين تقريرين، إذ سبق لشركة recigroup الفرنسية أن قدّرت كمية الخردة بـ9500 طن، بينما قدّرها الجيش اللبناني بضعف الحجم أي 18 ألف طن. وهذا التناقض شكّل عائقاً في البداية أمام إتمام دفتر الشروط، وموافقة هيئة الشراء العام عليه. لذا، اعتُمدت طريقة أخرى في الاحتساب تتمثل بتحديد سعر افتتاح الطن الواحد بـ175 دولاراً ليكون الحدّ الأدنى الذي يفترض أن تزايد عليه الشركات المتنافسة. هكذا، يدفع العارض الرابح، ثمن كل كميون محمّل بالخردة على حدة، بعد وزنه على أرض المرفأ وإجراء الحسابات المالية على هذا الأساس، والدفع مباشرة بمراقبة مسؤولين مكلّفين من الإدارة. وسُمح للعارضين التجول في المرفأ لمعاينة الخردة عن قرب قبل تقديم عروضهم. وإذا صحّت أرقام الشركة الفرنسية، فإن قيمة الخردة الدنيا، تبعاً لسعر الافتتاح، تبلغ 1.7 مليون دولار، أما إذا صحّت أرقام الجيش فإن الحدّ الأدنى سيتضاعف ليتجاوز 3 ملايين دولار.


يشار إلى أن recigroup حاولت الاستيلاء على الخردة بطريقة احتيالية، إذ أبدت استعدادها رفع الأنقاض مقابل دفع الدولة اللبنانية لها مبلغ 6 ملايين يورو، وقدّمت العرض على أنه مسعى لمساعدة لبنان على النهوض. واستُكمل المخطط الاحتيالي بإبداء شركة ألمانية تدعى combilift استعدادها تأمين هبة بقيمة 6 ملايين يورو التي يطلبها الفرنسيون، مقابل الموافقة على دراسة الفرنسيين وإعطائهم الإذن ببيع أنقاض المرفأ. علماً أن «كومبي ليفت» هي الشركة نفسها التي فرضت على الدولة عقداً بقيمة 3 ملايين دولار لنقل المستوعبات التي تحتوي على موادّ خطرة من المرفأ قبل أن يتبين لاحقاً أنها مجرد مستودعات تركها أصحابها وتحتوي على بضائع مثل أجهزة التلفاز والصابون ومستحضرات الشعر والاستحمام وغيرها.