عُقد الاجتماع الدوريّ للجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الخميس الماضي، عشية إعلان «مصالحة بكين»، تحت عنوان «توسيع اتفاقيات أبراهام» (فيديو الجلسة). حضر الاجتماع، إلى جانب أعضاء اللجنة، كل من رئيس معهد اتفاقات أبراهام للسلام روبرت غرينواي والجنرال الأميركي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط جوزف فوتيل والسفير الأميركي السابق في إسرائيل دانيل شابيرو مدير «مبادرة N7» (الحرف الأول من normalization أي تطبيع، و7 للدلالة على إسرائيل والدول العربية الست التي طبعت معها: البحرين، مصر، الأردن، المغرب، السودان، الإمارات).وفي مداخلته، أشار شابيرو إلى تقدم مسارات التطبيع عبر مجموعات عمل تشمل أكثر من 150 مشاركاً من الدول السبع في أبو ظبي في كانون الثاني الماضي، إضافة إلى اتفاقية التعاون في مجال الأمن السيبراني بين البحرين والمغرب والإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة. أما الطموحات الكثيرة لتكريس التطبيع فأبرزها برامج تلفزيونية «تثقيفية وترفيهية»، ليخلص المجتمعون بسرعة إلى ضرورة أن يتجاوز الدعم الأميركي في المنطقة التعاون العسكري، إلى المجالات التجارية و«المناهج التربوية والتعليمية» والتعاون الصحي و... «مكافحة الأوبئة»، مع تركيز خاص على لبنان. فبعد إشارة النائب الديموقراطي براد شيرمان إلى نجاح إدارة الرئيس جو بايدن في إنجاز الاتفاق بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية، قال رئيس اللجنة الفرعية الجمهوري جو ويلسون إن هذا الترسيم مهم للاقتصاد اللبناني، ويسمح لإسرائيل بمواصل إنتاج النفط وإرساله إلى مصر لتكريره وتصديره إلى إيطاليا للتخفيف من اعتماد أوروبا على روسيا، في سلسلة تبيّن الترابط الاستثنائي بين الملفات: لبنان يفوز، إسرائيل تفوز، مصر تفوز، إيطاليا تفوز ومجرم الحرب بوتين يخسر. وقال ويلسون «هناك أهمية كبيرة لدعم لبنان الذي يجب أن يكون عظيماً لكنه ليس كذلك». هناـ تدخلت النائبة الديموقراطية كاثي مالينغ لافتة إلى أن «لبنان على وشك أن يصبح دولة فاشلة»، فيما «سوريا مصدر مشكلات لا حصر لها في المنطقة»؛ ما يدفع إلى السؤال ما إذا كانت لدول «اتفاقيات أبراهام» القدرة على «التأثير الإيجابي» في هذين البلدين؟ ليجيب فوتيل، كما تفهم الإدارة الأميركية «التأثير الإيجابي»، بالقول إن «التعاون الأمني والدفاعي بين إسرائيل ودول أخرى في المنطقة يعزز فرص اتخاذ تدابير تحدّ من قدرة إيران على إيصال مواردها الفتاكة أكثر فأكثر قرب حدود إسرائيل». وأكد أن القيادة المركزية الأميركية «تحاول» وضع شبكات استشعار وطائرات من دون طيار لمراقبة حركة «نقل المساعدات الفتاكة»، بحراً اليوم وجواً غداً، ومع مزيد من الاستثمار يمكن معالجة «بعض من النفوذ الإيراني الخبيث» الذي ينتشر في سوريا ويؤثر على إسرائيل. ورداً على سؤال مالينغ عن كيفية توسيع «اتفاقيات أبراهام»، قال شابيرو إن هناك المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة وهناك «التعاون الأمني الذي تقوده وزارة الدفاع والجيش مع جيوش المنطقة، وهناك مجالات صحية وثقافية وتجارية يمكن تحقيق اختراقات مهمة بواسطتها». أما غرينواي فركز على «توفير القدرات لشركائنا بما يمكّنهم من الدفاع عن أنفسهم بشكل أفضل، ويخفف في المقابل العبء الملقى على عاتق الولايات المتحدة للدفاع عنهم». ورأى أن الممر الإلزامي لتكريس التطبيع هو التبادل التجاري بين هذه الدول وحاجتها الاقتصادية إلى بعضها البعض.
بدوره، شدد فوتيل على أن «المشاركة الدفاعية المنسّقة للتعاون المعلوماتي» هي الأساس، عبر ربط المعلومات الأمنية بين مختلف «شركاء الولايات المتحدة»، فيما قال غرينواي إن عدم وجود اتفاق مشترك بين الولايات المتحدة وهؤلاء الشركاء على كيفية التعامل مع التهديد الإيراني يحول دون إحراز تقدم، حتى على مستوى التعاون الأمني. وأكد أن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني يهم دول المنطقة، لكن ليس بقدر «التهديد المباشر لبقائهم من طهران اليوم»، و«الحاجة ماسة لقيادة أميركية مباشرة رداً على هذا التهديد الإيراني»، مشيراً إلى أهمية دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في هذه المرحلة، حيث تراقب بقية دول المنطقة هذا الدعم عن كثب «بشكل لا يصدق».
يمكن تحقيق اختراقات مهمة عبر التعاون الأمني مع جيوش المنطقة وفي المجالات الصحية والثقافية والتجارية

ولا يمكن لدول المنطقة أن تكون أكثر تأييداً لإسرائيل من الولايات المتحدة. مع العلم أن «بناء الدعم يضيف نفوذاً وشركاء للولايات المتحدة»، مطالباً الإدارة الأميركية في ختام مداخلته بتأمين الموارد أو إعادة النظر في الموارد الحالية لاستخدامها بشكل أكثر فعالية لدعم «اتفاقيات أبراهام» والمبادرات التطبيعية الأخرى. وهنا، أشار شابيرو إلى أن الرواية المتداولة في الشرق الأوسط عن «انسحاب أميركي أو غياب أميركي أو تحول أميركي نحو مناطق أخرى» مبالغ فيها ومضر جداً. ولا بد من القول بوضوح «إننا ما زلنا هناك»، و«لا تزال القيادة المركزية الأميركية الجامع الرئيسي والشريك الرئيسي لجميع هذه البلدان، تتقدمها إسرائيل». «قد تكون لدينا وجهات نظر مختلفة حول طرق التعامل مع مشكلة ما، لكن الولايات المتحدة ملتزمة بشراكاتها، وملتزمة بالتأكد من قدرة شركائها على الدفاع عن أنفسهم، وملتزمة بالتواجد هناك كسند نهائيّ. ونحن نتوقع أن يتصرف شركاؤنا الإقليميون بما يتماشى مع المصالح الأميركية الأساسية عندما يتعلق الأمر بالصين وروسيا وأسواق النفط، حيث لا بد أن تتوقع أن تتدفق الشراكة بالاتجاهين، حين تكون شريكاً جيداً ومخلصاً. ولفت في ختام مداخلته إلى أن التدهور الأمني بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيؤدي حكماً إلى زعزعة استقرار الأردن، ويصعّب الأمور على مصر، ويوتّر علاقة إسرائيل وشركائها العرب الجدد، ويؤخّر التقدم بين إسرائيل وشركاء لم ينضموا إلى «أبراهام» بعد، مركزاً على أهمية إظهار الولايات المتحدة دائماً بمظهر «المستثمر المهتم بمحاولة تحسين أوضاع الشعوب الاقتصادية والاجتماعية، قبل وقت طويل من إمكانية التفاوض فعلياً للوصول إلى حلول تطبيعية إضافية».