نجحت القاضية الفرنسية أود بوروزي في سوق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى قصر العدل للتحقيق معه حول جرائم اختلاس وتبييض أموال، بعدما كان يرفض المثول أمام أي جهة قضائية، مستقوياً بالخطوط الحمر التي رسمتها حوله جهات سياسية ودينية لبنانية. لم يتمكن الحاكم من تفادي حضور جلسة الاستجواب مع الوفد الأوروبي، بعدما نجح فقط في إرجاء الجلسة 24 ساعة عبر تقديم مذكرة توضيحية إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا حول تعارض حضوره أمام قضاة أجانب مع معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وخرق سيادة القضاء اللبناني.بدا الطوق الفرنسي محكماً بحيث لم يستطع سلامة الإفلات، خصوصاً بعد إعلان أبو سمرا بنفسه أن حضور قضاة أوروبيين لا يتعارض مع الاتفاقية أو مع مبادئ السيادة، فما كان من سلامة إلا الخضوع. وقد استمعت بوروزي إلى الحاكم على مدى ست ساعات في حضور مساعدين قضائيين لها وكتّاب في المحكمة الفرنسية ومترجمة وقضاة فرنسيين متدرجين صودف وجودهم في بيروت، إضافة إلى رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر ممثلة عن الدولة اللبنانية والقاضي أبو سمرا.
وقد وصل سلامة في الوقت المحدد، في الساعة العاشرة والنصف صباحاً، إلى قصر العدل، ودخل إلى قاعة استجوابه من دون أن يصطحب محامياً كما أكدت المصادر. وفيما أحاط نفسه بعدد من المرافقين الأمنيين لدى دخوله وخروجه، نفّذ الجيش اللبناني انتشاراً كثيفاً على طول الطريق المؤدية إلى قصر العدل بالتزامن مع انعقاد الجلسة. الساعات الست التي طرحت خلالها بوروزي على سلامة نحو 100 سؤال لم تكن كافية، لذلك تم تحديد جلسة أخرى اليوم في التوقيت نفسه لاستكمال التحقيقات بـ100 سؤال آخر.
ورفضت مصادر قضائية الإجابة عما إذا كانت التحقيقات تطرقت إلى ملفات غير تبييض الأموال، «حفظاً لسرية التحقيق»، لكنها أشارت إلى «سذاجة بعض الأسئلة واتخاذها طابعاً شخصياً لا يمت إلى الملف القضائي بصلة». وخلافاً لما نُشر عن حفاظ سلامة على هدوئه خلال التحقيق، أكدت المصادر أن الحاكم بدا متوتراً جداً خصوصاً أنه لم يتوقع استمرار التحقيقات على مدى يومين ومكوثه لساعات طويلة في قصر العدل. على أن قلق سلامة الرئيسي يتمحور حول ادعاء القاضية الفرنسية عليه في باريس، ما سيؤدي إلى تحوّل كبير في مسار التحقيقات اللبنانية وفي قدرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تحمّل بقاء سلامة في منصبه من دون الدعوة إلى جلسة طارئة لإقالته. خصوصاً أن تحقيقات موازية في موناكو وسويسرا تطاول ميقاتي نفسه وسط تنصل فرنسي منه، إذ تبلغ منذ أسابيع من رئيس الاستخبارات الفرنسية الخارجية برنار إيمييه أن «فرنسا لا يمكنها تغطيته بعد الذي حصل».
بدا الحاكم متوتراً جداً خصوصاً أنه لم يتوقع استمرار التحقيقات على مدى يومين


باختصار، يضيق الخناق حول الحاكم يوماً بعد يوم في انتظار قرار القاضية الفرنسية الذي سيشكل فاتحة لادعاءات أخرى ضد سلامة في بلدان أوروبية مختلفة أبرزها ألمانيا ولكسمبورغ. من جهة أخرى، ولأن جلسات استجواب الحاكم امتدت على مدى يومين بعد تأجيل جلسة يوم الثلاثاء، لن تستمع القاضية الفرنسية والوفد المرافق لها إلى كل من شقيق الحاكم رجا سلامة ومعاونته ماريان الحويك قبيل مغادرتهما غداً، على أن يتم الاستماع إليهما لاحقاً في زيارة أخرى قريبة.