أكثر من ثلاثة أشهر مرّت على طلب وزارة الأشغال العامة والنقل من شركة «خطيب وعلمي» إعادة النظر في دراستها حول مصير الأهراءات، من دون الخروج بأي نتيجة حتى اليوم. الدراسة كانت قد أُجريت قبل انهيار الجزء الشمالي من المبنى، وباتت بحاجة إلى مراجعة لاتخاذ القرار في ما يتعلق بالجهة الجنوبية الصامدة منه حتى الآن. إلا أنّ الشركة لم تباشر بهذه المراجعة بعد، في انتظار الحصول على موافقة من وزارتَي البيئة والأشغال العامة والنقل على تأمين مبلغ 190 ألف دولار أميركي بدل كلفة إعادة النظر هذه.وفي هذا السياق، تشير مصادر في وزارة الأشغال العامة والنقل إلى أن «الشركة أرسلت كتاباً تطلب فيه هذا المبلغ لكننا وجدنا أن الرقم كبير جداً»، مضيفة أنّه «جرت محاولات مع البعض لتخفيض المبلغ لكنها لم توصل إلى شيء، ولا يزال الموضوع متوقفاً عند هذه النقطة».
وفي انتظار حلحلة لا تبدو قريبة، بسبب استحالة الموافقة على دفع هذا المبلغ كما تتوقع المصادر، تبرز الخشية من أن تلقى الجهة الجنوبية من المبنى مصير الجهة الشمالية منه: أي الانهيار. فمع بدء موسم الأمطار، يذكر رئيس اللجنة العلمية لمعالجة الحبوب في مرفأ بيروت، الدكتور محمد أبيض، أن «الصوامع التي لا تزال تحتوي على الحبوب ستصلها الأمطار، ما يُنذر بحدوث عملية تخمّر قد تؤدي إلى عودة الحرائق إلى الصوامع وتكرار حوادث سقوطها».
وبالعودة إلى الجهة الشمالية من المبنى، فهي لا تزال تشهد مداً وجزراً في أعمال التنظيف ورفع الركام، لأسبابٍ كثيرة، أولها التمويل وآخرها القرارات المتأخرة جداً لمتابعاتٍ أخذت صفة «المعجّل المكرّر».
فبعدما توقفت الأعمال لأسابيع بسبب العجز عن تأمين تمويلٍ بقيمةٍ تقارب الستين ألف دولار لشراء الأدوية والمبيدات اللازمة لرشّ الفطريات، عادت... لتتوقف مجدداً للسبب العتيد نفسه: التمويل. فقد بيّنت الأعمال على الأرض الحاجة إلى مبلغٍ يقارب الـ250 ألف دولارٍ أميركي لتأمين بدل أكلاف تكسير الردميات ونقلها إلى خارج أرض المرفأ، كما ثمن المحروقات للآليات. وفي هذا السياق، يشير أبيض إلى أن «المبلغ بات جاهزاً، فقد تمكنّا من تأمين حوالى 260 ألف دولار»، غير أن ما يؤخّر الأعمال هو «انتظار الموافقة الخطية من وزارة الأشغال العامة والنقل على نقل الردميات إلى الكوستابرافا»، بعدما نالت اللجنة موافقة من استشاري مجلس الإنماء والإعمار على عملية النقل «خصوصاً بعد إجراء فحوص للردميات التي تبيّن إمكانية استخدامها». موضحاً أن «الموافقة الشفهية لا تتيح المباشرة بالعمل التي تتطلّب كتاباً خطياً». ويبرّر أبيض تأخر الموافقة بما أنّ «وزارة الأشغال العامة كانت تريد ربط تنظيف المرفأ ككلّ بالعمل القائم في المبنى، إلا أننا طالبنا بالفصل وهو ما جرى».
مع ذلك، تشير آخر المعلومات إلى أن هناك سبباً آخر يؤخّر الموافقة، وهو «اعتراض اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية على نقل كامل الكمية، التي تُقدّر ما بين 20 إلى 30 ألف متر مكعّب، ما بين ردميات أحجار وبقايا حبوب إلى مكبّ الكوستابرافا من دون الزجاج والحديد والنفايات التي طُلب منّا معالجتها وفرزها قبل نقلها». وعلى الرغم من تبلّغ وزارة البيئة من الاستشاري في مجلس الإنماء والإعمار أن «وجهة استخدامها ستكون لردم حفرة هناك»، إلا أن ما صدر عن اتحاد البلديات قد يؤجل الأعمال أكثر. وفي هذا السياق، تواصلت «الأخبار» مع اتحاد البلديات الذي اعتبر أن كلّ ما قاله «كان أقرب إلى إبداء الرأي أكثر مما هو اعتراض»، مشيراً إلى أن «المرجعية في هذا الإطار هي مجلس الإنماء والإعمار الذي يقرّر ضمناً ما إن كانت هذه الردميات صالحة من الناحية والفنية والتقنية لردم الحفرة التي يفترض أن يقوم عليها معمل تكرير نهر الغدير». وسبب التخوّف لدى اتحاد البلديات هو «عدم صلاحية هذه الردميات واتخاذ قرار غير مدروس بالنقل قد يتبيّن لاحقاً أنه كان خاطئاً، ونبدأ عندها بالتفتيش عن مكان آخر للنقل».
وبغضّ النظر عن موقف الاتحاد، تعتبر وزارة البيئة أنها قامت بما يلزم «وزيادة»، حيث عملت بحسب أبيض على «تأمين كلّ ما نحتاج إليه لمتابعة العملية من تأمين الأموال، إلى تأمين مواد الرش، إلى أخذ الموافقات اللازمة من جميع الأطراف المعنيين». واليوم، هي ترمي الكرة في ملعب وزارة الأشغال ومجلس الإنماء والإعمار «لاستكمال باقي الإجراءات من أجل متابعة الأعمال في المرفأ»، لافتة إلى أن آخر المعلومات هو «أن الردميات قد تُقسم ما بين مكبَّي الكوستابرافا والجديدة».