«يمكن للقطاع الخاص أن يحصل على تمويل بقيمة 500 مليون يورو بلا جهد، إنما لا يمكن منحكم أيّ نوع من التمويل قبل أن يوقّع لبنان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي». هذا ما قاله مدير مكتب لبنان في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية «EBRD» خليل دنقزلي أثناء لقائه الأسبوع الماضي بهيئات أصحاب العمل في غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان. لكنّ «البلوك» الأوروبي للبنان ليس محصوراً بهذا المصرف، بل يشمل كل عمليات التمويل الغربية التي باتت أداة لابتزاز لبنان وإجباره على الخضوع لصندوق النقد كشرط أساسي لإعادة فتح «حنفيّة» الدولارات.وكان البنك الأوروبي قد سجّل خسائر طائلة في لبنان بسبب استثماراته في القطاع المصرفي بشكل أساسي. بلغت قيمة هذه الاستثمارات نحو 927 مليون يورو وظّفها المصرف في لبنان ابتداءً من عام 2017. لم يحدّد دنقزلي حجم الخسارة اللاحقة بهم، إنما قال إن استثمارات البنك ليست محصورة بخطوط الائتمان التي منحها للمصارف اللبنانية، بل أيضاً في أسهم هذه المصارف. فالبنك الأوروبي، على ما يبدو، كان متهوّراً في توظيف هذه الأموال ولم يتمكن من إدراك حجم المخاطر التي تحيط بعملية التوظيف هذه، ولا سيما أن توظيفات المصارف كانت مركّزة بنسبة عالية مع مصرف لبنان بالعملات الأجنبية.
في عام 2017 انضم لبنان إلى الدول المساهمة في هذا البنك، أي في ذروة «الهندسات المالية» التي نفّذها مصرف لبنان عندما كانت شهية المصارف مفتوحة على السيولة بالعملات الأجنبية. لكنّ المصرف الأوروبي لم يرَ في ارتفاع الفوائد والهندسات مخاطر مرتفعة في القطاع المصرفي اللبناني. لكنّ البنك الأوروبي وقّع في عامي 2018 و2019 سلّة تمويل مع ستة مصارف لبنانية تشمل ستة خطوط ائتمان تجاري، وقرضين مباشرين، وتوزّعت على النحو الآتي: 75 مليون دولار مع «بنك عوده»، 50 مليون دولار مع «فرنسبنك»، 75 مليون دولار مع «بنك لبنان والمهجر»، 100 مليون دولار مع «سوسيته جنرال» (50 قرضاً مباشراً للمصرف و50 خط ائتمان)، 100مليون دولار لـ«بنك الاعتماد اللبناني» (50 قرضاً مباشراً للمصرف و50 خط ائتمان)، 75 مليون دولار مع «بنك بيبلوس».
المصارف استعملت هذه الأموال لإقراض أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في لبنان، وبعد الانهيار لم يعد بإمكانها ردّ الأموال للبنك الأوروبي بقيمته الفعلية، وإلا ستتكبّد خسائر باهظة في ميزانياتها، علماً أن المقترضين ردّوا القروض على سعر صرف يبلغ 1500 ليرة. أما الاستثمارات المتعلقة بشراء أسهم المصارف، فقد باتت تساوي صفراً.