تتحدث معلومات موثوقة يجري تداولها في وسط سياسي ضيق عن أسماء مرشحين لرئاسة الجمهورية مطروحة بجدية بين قوى سياسية تتكتم على هويتها، وأن هناك مؤشرات أولية على احتمال تقاطع المواقف عليها. وتؤكد المعلومات أن عملية جس النبض حول هذه الأسماء بدأت بين قوى سياسية غير حليفة. وتشير إلى أن بورصة الأسماء المتداولة والشخصيات التي يروّج لها وسطاء وعاملون على خط الرئاسيات، من دون تكليف رسمي من أي من المعنيين مباشرة بالملف الرئاسي، تختلف عما هو مطروح في المشاورات الخلفية. وتضيف، في المقابل، أن ثمة قوى سياسية تعمد إلى حرق أسماء يفترض أنها «مستحقة» ومعروف أنها على علاقة جيدة بها، لإزاحتها عن مسار الترشيحات.وبحسب المعلومات، فإنه بخلاف انحسار التداول العلني في الملف الرئاسي، يُسجّل حراك في الكواليس بدأ ينشط منذ أيام. وما ظهر حتى الآن أن كل القوى الأساسية المعنية التي تعمل حالياً على تجميع الأوراق الرئاسية، لم تقفل الباب أمام إمكان إجراء الانتخابات الرئاسية، ولو في الأيام الأخيرة للمهلة الدستورية. لا بل إن الذين يفترض أنهم متشدّدون في اختيار المرشحين الذين يقبلون بهم، فتحوا الباب نصفياً أمام مشاورات وحوارات مع كل الأطراف للوصول إلى تفاهم على شخصية رئاسية. وفي الاعتقاد، بحسب ما رشح من الجولات الأولى للمشاورات غير المباشرة، أن هناك تسليماً بأن الفراغ مكلف على كل القوى السياسية من دون استثناء، وأن هذه القوى لا تبدي استعدادها لتحمّل الكلفة، نظراً إلى الخسائر التي ستلحق بها نتيجة تضافر العوامل السلبية والمؤثرة في قواعدها، في حال كانت احتمالات التوافق على مرشح مقبول من الجميع مرتفعة. لا سيما أن الوضع الداخلي لا يحتمل تبعات ما سيجري بعد 31 تشرين الأول، في ظل حدّة الانقسام السياسي والانهيار الاقتصادي والأمني. كما أن المنطقة لا تحتمل، تبعاً للأزمات المتفاقمة، أزمة جديدة ستنشأ حكماً في لبنان، في وقت ينشغل رعاة لبنان إقليمياً ودولياً بتبعات اقتصادية وسياسية تشغل المنطقة.
وتقول المعلومات إن بعض القوى السياسية الأساسية دخلت، بناء على ذلك، جدياً في مرحلة جوجلة الأسماء، وجسّ النبض حولها في صورة أكثر وضوحاً. وهي تتصرف وكأنها استبعدت كلياً الأسماء المرشحة المنتمية إلى أطراف النزاع، بما في ذلك المرشحون التقليديون، وأن المطروح جدياً أسماء مرشحين بعيدين كل البعد من التجاذبات ويمكن أن يحظوا بدعم القوى الأساسية، ولا يشكلون استفزازاً لأي منها.
وبحسب بعض العاملين على خط تحريك الملف الرئاسي، فإن ما يعزز هذا التوجه أن حزب الله يرسل رسائل واضحة بعدم سلوكه المسلك نفسه قبل انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فالحزب الذي كان في تلك المرحلة متشدداً إلى حد التمسك بعون سنتين ونصف سنة من الفراغ وما قبلها، كان يتصرف من وحي صعود قوته الإقليمية وذهابه إلى الحرب في سوريا ورغبته في حماية ظهره داخلياً.
بعض القوى السياسية الأساسية دخلت جدياً في مرحلة جوجلة الأسماء وجسّ النبض حولها

وهو اتخذ لاحقاً قرار فك الاشتباك مع الرئيس سعد الحريري ورسّخ دخوله إلى السلطة عبر تسوية عون - الحريري. لكنه، خلافاً لمرحلة حكومة اللون الواحد أو رفض تشكيل حكومة أكثرية، بعد انتخابات عام 2009، أصرّ في مرحلة عون رئيساً على تشكيل حكومات وحدة وطنية ودعا جميع القوى السياسية إلى المشاركة فيها. حتى في السنة الأخيرة التي أعيد فيها تكليف الحريري من دون نجاحه في تشكيل الحكومة، أصر الحزب على انضمام الجميع إليها وتحمل المسؤولية جماعياً، رغم أن دعوته في نظر معارضيه كانت لتغطية قوته التي فرضها من الداخل. هذا الأداء يشكل حجر أساس في تعامل قوى أساسية مع موقف حزب الله من الاستحقاق الرئاسي. فالحزب لم يسم أي مرشح ولم يدعم أياً من حلفائه المفترضين، ولم يقارب الاستحقاق كما قاربه في مرحلة الفراغ التي تلت خروج الرئيس ميشال سليمان من القصر الجمهوري. وهذا في حد ذاته يمكن البناء عليه، ويعوّل عليه حلفاؤه ومعارضوه رغم اختلاف الحسابات بينهم. علماً أن المعارضين والحلفاء لا يزالون يقاربون موضوع الانتخابات الرئاسية، في حد ذاته، بهدوء مدروس تحت سقف عنوان وحيد هو ضرورة إجرائها في موعدها من دون فتح معارك عالية السقوف. والتشنج الذي شهدناه سابقاً والحدّة في المواقف المتقابلة لم يظهرا بعد، على مسافة أسابيع من انتهاء عهد الرئيس عون، ما يسمح بالرهان على احتمالات فتح أقنية حوار أكثر تشعباً مع جميع المعنيين من دون استثناء، مع اقتراب المواعيد الحاسمة. إلا أن العبرة تكون دوماً في اللحظات الأخيرة وفي ترجمة النوايا الحسنة انتخابات رئاسية قبل 31 تشرين الأول.