هدأت، نسبياً، الاتصالات التي نشطت في أعقاب الاستماع إلى راعي أبرشية حيفا والنائب البطريركي عن القدس والمملكة الأردنية، المطران موسى الحاج، في معبر الناقورة ومصادرة «حمولته» من أموال وأدوية تسلّمها من عملاء فارين إلى داخل الأراضي المحتلة. وبدا أن المعنيين أدركوا صعوبة إدخال تغييرات على طبيعة الإشارة القضائية، بما يؤدي للكف عن إجراءات الملاحقة.
«الخرق» الوحيد الذي تّم تسجيله إتاحة الفرصة لمعالجة الملف بهدوء بالاعتماد على عامل الوقت، علماً أن الإجراءات القضائية لا تزال مستمرة. وعلمت «الأخبار» أن القضاء العسكري بعث بمراسلات رسمية إلى الأجهزة الأمنية كافة، غداة تحول إجراءات التوقيف وما تبعها إلى قضية رأي عام، طالباً إفادته بطبيعة التصريح «الاستثنائي» الذي يُتيح للنائب البطريركي على الأراضي المقدسة الدخول إلى الأراضي المحتلة عبر نقطة الناقورة الحدودية. معلومات «الأخبار» أشارت، أن جواباً لم يرد إلى القضاء حتى هذه اللحظة، ما أثار شكوكاً حول عدم وجود هذا النوع من التصاريح الصادرة عن الدولة اللبنانية. ويعزّز هذه الشكوك نفي مصادر رسمية لـ«الأخبار» علمها بوجود مثل هذا الاستثناء أو أن يكون صادراً عن مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن الأمر قد يكون عبارة عن «مذكرة داخلية» تصدرها الجهات الأمنية بناءً على «طلب حركة» يُقدم من الكنيسة.
وأشارت المصادر إلى أن عبور النائب البطريركي على الأراضي المقدسة إلى الأراضي المحتلة كان يتم، قبل عام 1996، عن طريق الأردن. وفي العام 1996، مع استحداث أبرشية للموارنة في حيفا، استقلّت الرعية عن أبرشية صور، وعيّن النائب البطركي العام الحالي بولس صياح مطراناً للأبرشية الجديدة. وبدءاً من ذلك العام كان صياح يسافر عبر معبر الناقورة في فترات زمنية متباعدة نسبياً بعد الحصول على إذن من الدولة اللبنانية وتصريح خاص من سلطات الاحتلال خلال ذلك الحين. وبعد التحرير عام 2000، تحول منح الإذن إلى صلاحية الأمن العام الذي نظم الأمر من خلال برقية خدمة تحمل الرقم 28 / أ ع ص / تاريخ 29 نيسان 2006، وردت كتوضيح حول آلية التفتيش المعتمدة والجهات التي يُسمح لها بالعبور بناءً على إذن. ولم تلحظ الآلية، عبور راعي أبرشية حيفا، وإنما انحصرت بعبور الموظفين المدنيين والعسكريين في قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان وعناصر القوات وعائلاتهم وآلياتهم وعناصر وآليات المنظمات الإنسانية كالصليب الأحمر بعد تزويد الأمن العام بمعلومات عنهم... فيما انحصر عبور راعي أبرشية حيفا والنائب البطريركي على القدس والأراضي المقدسة من خلال طلب يرد من الكنيسة ويوافق عليه الأمن العام.
إلا أن هذه الآلية خضعت لتعديل عام 2010، في اجتماع لمندوبين عن الأجهزة الأمنية اللبنانية وقوات الطوارئ الدولية، حضره بحسب معلومات «الأخبار» مندوب عن الحكومة اللبنانية. وفيما بقيت أسماء الحاضرين مجهولة بسبب «اختفاء» أو عدم وجود الرغبة بالإفراج عنه، أكّدت مصادر أمنية وأخرى قضائية أنه تقرّر خلال الاجتماع إدخال استثناءات «ذات طابع أمني» على آلية العبور عند نقطة الناقورة. وكان من بين الشخصيات المقترحة، راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدسة (بولس صياح حينذاك)، بالإضافة إلى شاغل مركز القائد العام للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان وآخرين على صلة به وبمنظمات إنسانية. وتضمّن القرار الذي بقيَ داخلياً ضرورة نيل موافقة مسبقة على العبور، والخضوع لآلية التفتيش عند الدخول والخروج. وعلمت «الأخبار» أن القضاء العسكري طلب أخيراً في مراسلة رسمية إلى الأجهزة إفادته بمحضر الاجتماع المذكور خطياً، من دون إجابة طلبه لغاية الآن.