لا يخفي الإسرائيليون تقديراتهم إزاء الإمكانات العسكرية التي يمتلكها حزب الله في الساحة البحرية، وهم في العادة ينشرون جزءاً من هذه التقديرات لأهداف مختلفة. والمؤكّد أن لدى الإسرائيليين معلومات عن جزء معتدّ به من هذه القدرات، وهي كافية بذاتها، بغض النظر عما خفي منها، أن تردع، أو تساعد في ردع، قرارات إسرائيل بالاعتداء على لبنان، وتضع حداً لها في الساحات الأخرى.قدرات حزب الله البحرية، على تواضعها عام 2006، أخرجت سلاح البحرية الإسرائيلية من الحرب في حينه. وما تراكم من قدرات، منذ 2006، ترميماً وتعاظماً، لا يقاس.
ووفقاً لمنشورات عبرية، «طوّر حزب الله ثلاث قدرات في الساحة البحرية: إصابة منصات بحرية ثابتة، وضرب سفينة أو هدف بحري متحرك، إضافة إلى قدرة على الإبرار، وهو وصول القوات بحراً إلى البر عبر قوارب وزوارق إنزال مسلحة لتنفيذ مهام عملياتية. ويؤكّد مسؤولون في البحرية الإسرائيلية (موقع واللا) أن حزب الله سرّع في العقدين الماضيين عمليات بناء القوة البحرية، و«يكفي أنه وفقاً لسجلات عمليات سلاح البحر الإسرائيلي. وبعد تحقيق معمّق وفحص للبيانات والاستخبارات، اتضح أن غوّاصين من قوة النخبة في حزب الله وصلوا، في حالة واحدة على الأقل، إلى منطقة الحدود البحرية وعبروا الجانب الإسرائيلي بهدف فحص التكنولوجيا الإسرائيلية تحت الماء»، وهو يشير إلى أن الجمع الاستخباري البحري منتظم وتقليدي وعلى مدار الساعة، ولا يتعلق فقط بتحضير مسبق وفوري لعمليات تقرر تنفيذها في النطاق البحري. ويمكن القياس على ذلك.
إلا أن ما يبرز في الإعلان، هو الحديث عن القدرات البحرية المرتبطة تحديداً بالوسائل القتالية، وتبدأ من حيازة غوّاصات صغيرة قادرة على الوصول إلى أهداف قريبة وبعيدة نسبياً، وقوارب مطاطية سريعة الحركة والتنقل من حيّز مائي إلى آخر بسرعة معتدّ بها، إضافة إلى صواريخ بر - بحر، قديمة وحديثة، دقيقة أو أخرى في طور التحول إلى دقيقة، جرى تفعيل عدد منها خلال حرب تموز عام 2006، بواسطة قدرة صاروخية صينية محسّنة، كانت تعد في حينه من الصواريخ ذات الشأن والتأثير، رغم تقادمها النسبي قياساً بالترسانة الموجودة حالياً، كمّاً ونوعاً.
الآن، وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، يحوز حزب الله منذ سنوات على صواريخ روسية الصنع من نوع «ياخونت» قادرة على استهداف أي قطعة بحرية إسرائيلية في عرض البحر، مع إصابة دقيقة وقدرة فائقة على التملص من الرادارات. إضافة إلى «ياخونت»، لدى حزب الله - وفقاً للتقديرات نفسها - صواريخ بر - بحر من أنواع مختلفة، معظمها إيراني الصنع، أو نسخات محسّنة وتلائم حاجات حزب الله العملياتية، من صناعات إيرانية وغير إيرانية.
تخيلوا لو أرسل حزب الله سرباً من 100 مسيّرة نحو ميناء حيفا


ووفقاً لمنشورات عبرية (مركز علما الإسرائيلي)، حدّث حزب الله منذ عام 2006 ترسانته الصاروخية الساحلية مع عشرات القواعد على طول الساحل، و«لديهم مجموعة متنوّعة من القدرات التي تسمح لهم الوصول إلى شواطئ إسرائيل. وهناك تقدير بأن لديهم غواصات إيرانية الصنع صغيرة لنقل المقاتلين. وهم يتدربون أيضاً على استخدام معدّات غوص متطورة لمسافات طويلة قبالة سواحل لبنان على أعماق مختلفة. كما يعرفون كيفية تنفيذ الغارات والاستيلاء على الأهداف البحرية واستخدام العبوات الناسفة وزرع الألغام».
ويبقى الشغل الشاغل للاستخبارات الإسرائيلية، هو توسيع ما أمكن من الكشف والاستعلام الاستخباري عن القدرات الدقيقة التي تعد تهديداً داهماً يفوق أي تهديد عملي آخر تواجهه إسرائيل، سواء بهدف المعرفة والإدراك المسبق لوجه التهديد وماهيته، تمهيداً لاستهدافه إن أمكن، أو للاستعداد لمواجهته لاحقاً إن أمكن كذلك. علماً أن تهديداً كهذا لا يقتصر بطبيعته على وسائل قتالية، تستثنى منها الساحة البحرية، ما يعني أن أي مكان شاطئي في إسرائيل، أو في عمق البحر، بما يشمل المنشآت الغازية والنفطية، هي عرضة للاستهداف بدقة، وفقاً للقرار والإرادة، من لبنان.
وبحسب منشورات عبرية، «وفقاً للتقديرات، لن يتسرّع حزب الله في إرسال مقاتلين إلى معارك مع الجيش الإسرائيلي، إذ إنه قادر على أن يتحكم عن بعد بروبوتات تحتمائية، يمكن أن تهدد السفن ومنصات الغاز». ووفقاً لصحيفة «معاريف»: «تخيلوا لو أرسل حزب الله سرباً من 100 مسيّرة نحو ميناء حيفا. حزب الله قادر على مهاجمة أهداف استراتيجية في إسرائيل بواسطة مئات المسيرات في آن. حتى الآن خبرت إسرائيل وواجهت مسيرات معدودة أتت من سوريا أو من غزة وأيضاً من العراق ومن اليمن. لكن لم نر بعد أسراب المسيرات».
وقال مصدر أمني لـ«معاريف» إن حقل «كاريش» خاص جداً، بني بعيداً عن حدودنا، وضربه يمكن أن يشل قطاع إنتاج الغاز في إسرائيل. وأضاف: «البعد عنا لمسافة 90 كيلومتراً، خلافاً لحقول غازية أخرى قريبة من الساحل الإسرائيلي، يصعّب علينا حماية هذا الحقل».