أكثر من اعتبار يجعل انتخابات نقابة المحامين في طرابلس غداً تكتسب أهمية كبرى في «أمّ النّقابات» الشّمالية التي تأسّست عام 1921، والتي احتفلت قبل أيّام بالذكرى المئوية لوجودها، في احتفال أقيم في دار النّقابة حضره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونقباء سابقون وقضاة وحشد غفير من المحامين.أبرز هذه الاعتبارات أنّ المحامين، الذين ناهز عددهم 1300 محامٍ مسجلين على الجدول ويحقّ لهم الاقتراع، سيدلون هذا العام بأصواتهم للمرّة الأولى لاختيار 4 أعضاء من بينهم النّقيب الذي سيكون مسيحياً هذه المرّة وفق عرف يقضي منذ تأسيس النّقابة بمداورة المنصب بين المسلمين والمسيحيين، بعدما تمّ تأجيل انتخاب نقيب جديد وعضو آخر في مجلس النّقابة العام الماضي بسبب تفشّي فيروس كورونا، ما فرض تمديد فترة ولاية النّقيب الحالي محمد المراد، المحسوب على تيّار المستقبل، وأحد الأعضاء، عاماً إضافياً.
ثاني هذه الاعتبارات أنّ من بين المرشّحين لمنصب النقيب يبرز اسم مرشّحة تيّار المردة ماري تيريز القوّال، التي ستكون في حال فوزها أوّل امرأة تحتلّ هذا المنصب، فضلاً عن أنّ الانتخابات في نقابة المحامين تأتي قبل أشهر من الانتخابات النّيابية التي يرتقب إجراؤها العام المقبل، ما فرض إجراء تغييرات في التحالفات بين التيّارات والقوى السّياسية المؤثّرة داخل النقابة، وجعل حساباتها مختلفة عن دورات الانتخابات السّابقة.
أبرز هذه التبدّلات تمثّلت في تلقّي القوّال دعماً واضحاً من تيّار المستقبل، بعد خلافات سياسية أبعدته عن تحالفاته السّابقة مع القوّات اللبنانية التي دعمت مرشّحها جوزيف عبدو. أما التيّار الوطني الحرّ فيدعم إلى جانب الحزب السّوري القومي الاجتماعي المرشّح بطرس فضّول. فيما ترشّح كل من طوني خوري وجورج جلّاد لإثبات حضورهما وتسجيل موقف.
وإلى جانب تيّار المستقبل، تلقت القوّال دعماً من تيّار الكرامة والجماعة الإسلامية والمؤتمر الشّعبي وآخرين، ومن نقباء سابقين ومكاتب محاماة كبرى ومستقلين، ما يجعلها حسابياً تتقدم على منافسيها، وتحديداً فضّول وعبدو اللذين يسعيان إلى منع حسم نتائج الانتخابات من الجولة الأولى، وجرّ القوّال إلى جولة ثانية، انطلاقاً من اعتبارهم أنّ حسابات الجولة الثانية مختلفة، وأنه من الممكن تحقيق مفاجأة فيها.
محامو التيار الوطني الحر يدعمون المرشح فضّول إلى جانب «القومي»


لكنّ القوّال توقّعت في حديث لـ«الأخبار» أنْ تُحسم الأمور من الجولة الأولى، لافتة إلى أنّ «المعنويات لديّ مرتفعة جدّاً نظراً للدعم الكبير الذي تلقيته من بقية الزملاء، الذين أعرفهم ويعرفونني قبل وبعد فوزي بعضوية مجلس النّقابة عام 2010». لكنّها توقفت عند من يحاربونها في السّياسة، والتصويب على انتمائها لتيّار المردة، للتأكيد أنّه «لديّ كلّ الجرأة لأعلن موقفي السّياسي، على عكس آخرين معروفين بانتماءاتهم السّياسية، لكنّهم يخجلون من الإعلان عنه، أو الاختباء خلف شعارات أخرى».
لكنّ انتخابات غدٍ لا تقتصر على منصب النّقيب، إذ تدور في الموازاة انتخابات تنافسية حامية على العضوية بين تسعة مرشّحين من أجل الفوز بثلاثة مقاعد، مسيحي ومسلمَيْن، أفضت الاستعدادات لها إلى خلط أوراق التحالفات، وقد تدفع نتائجها نحو الذهاب إلى جولة ثانية من عدمه. فعن المقعد المسيحي ترشّح كلّ من مروان ضاهر المحسوب على تيّار المستقبل وسمعان إسكندر المقرّب من حركة الاستقلال. وإذا كانت حظوظ ضاهر متقدمة على إسكندر، فإنّ تنافساً كبيراً يدور على المقعدين المسلمين اللذين ترشّح لهما كلّ من محمود هرموش ومنير الحسيني (تيّار المستقبل)، زاهر العلي (تيّار العزم)، غسان مرعي (القومي)، هاني المرعبي (مُقرّب من الوزير السابق أشرف ريفي)، سهير درباس، رنا تانيا الغز وعبد السّلام الخير.
وإذا كانت كلّ القوى والتيّارات السّياسية قد أعلنت موقفها من الانتخابات ودعمها هذا المرشّح أو ذاك، فإنّ تيّار العزم وحده لم يكشف عن موقفه بعد من الاستحقاق، على رغم أنّ لديه مرشحاً للعضوية هو زاهر العلي. وتوقعت مصادر نقابية «ألا يتبنى تيّار الرئيس نجيب ميقاتي أيّ مرشّح، سوى مرشحه للعضوية، على أن يترك الخيار للمحامين المحسوبين عليه لاختيار من يرونه مناسباً، سواء لمنصب النقيب أو العضوية».