اليوم، تبدأ وزارة الصحة العامة «معركتها» مع المستودعات والشركات الكبرى. هذا ما أكده وزير الصحة حمد حسن، أمس، معلناً انتهاء فترة السماح التي حددتها الوزارة للشركات المستوردة بعشرة أيام، مشيراً إلى أن المداهمات «ستكون شاملة»، مسنودة بمعطيات «واضحة ودقيقة يتيحها لنا نظام التتبع الإلكتروني».
(هيثم الموسوي)

في انتظار «ساعة الصفر» اليوم، استكملت الصحّة أمس مداهماتها التي شملت مستودعات في البقاع (زحلة) والشمال والضاحية الجنوبية لبيروت ومنطقة النقاش. وإذا كانت «الحصيلة» لم تحسم بعد، بانتظار جردة التفتيش الصيدلي، إلا أن ما بات أكيداً أن «بكرا رح يبيّن دوا كتير»، على ما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، مشبّهاً ما يحصل في مداهمات الدواء «بما يجري في البنزين والمازوت». في الحصيلة المتوافرة حتى اللحظة، قال حسن إن كمية الأدوية المصادرة تكفي السوق المحلية ثلاثة أشهر، وأن ما وجدته الوزارة في المستودع العائد لحسين مشموشي في جدرا، من أدوية معظمها مفقود ومستورد على أساس السعر الرسمي (1500 ليرة)، «تكفي حاجة كثير من المرضى».
مصادر الوزارة لفتت إلى أن «مستودع جدرا» من أكبر المستودعات «وهو وكيل لعدة أصناف، ويملك أكثر من وكالة ويشتري أيضاً من وكلاء»، ولذلك، اعتبره وزير الصحة أمس «صيداً ثميناً». أما في مستودع العاقبية، فإن الكميات المصادرة كانت أقل، إلا أنها تختلف «في النوعية إذ عثر على أدوية أمراض مستعصية ومزمنة مفقودة من السوق. ولفت حسن إلى أن المداهمات تستند إلى المعلومات والمعطيات المتوافرة من نظام التتبع الإلكتروني الذي تعتمده الوزارة، والذي أظهر أن ثمة أدوية دخلت إلى لبنان، إلا أنها لم توزع على الصيدليات ولا هي موجودة في المستودعات المصرّح عنها «ما يعني وجودها في أماكن أخرى كالشقق السكنية وغيرها من الأماكن التي اضطررنا لخلع أبواب كثيرة قبل الوصول إليها».
التفتيش الصيدلي رغم صلاحياته يمتنع عن القيام بواجباته


إلى الآن، أحيل إلى القضاء المختص، بعد مداهمات أول من أمس، محتكران اثنان. وينتظر من القضاء أن يتخذ الإجراءات التي توازي الجرم الذي ارتكبه هؤلاء. الجرم الذي يوازي إخفاء آلاف أدوية الحروق في وقت كانت بلدة التليل العكارية تحترق بأهلها. لكن، هل يفعلها القضاء؟
مناسبة السؤال هنا ليست في المداهمات الأخيرة، ولكن في مداهمات سابقة في قطاعات مختلفة، سواء في الأدوية أو في المحروقات وغيرها، والتي لم يتوقف فيها «نفر واحد». وقد جرت في الآونة الأخير مداهمات كثيرة كشفت عن ملايين من أطنان المحروقات المخزنة ومئات الأصناف من الأدوية التي تحتسب كمياتها بالآلاف، فيما لم تصدر أية مذكرة توقيف بحق أحدهم. فلمَ لا يعتبر القضاء ما يجري إخباراً يستدعي التحرك؟ ولماذا لا يأخذ المبادرة من دون الحاجة لمن يدلّه على المحتكر؟ ولو فعل القضاء ذلك «لما كنا أمام هذا المشهد»، يقول أحد المتابعين لملف الدواء.
كذلك يمكن الحديث عن وجه آخر للأزمة يتجلى في انخراط عدد من الصيادلة في صفوف التجار، إن كان لناحية احتكار بعض أصناف الأدوية أو في بيعها بغير أسعارها الرسمية. وهذا ما خبره كثيرون أوصلوا شكاويهم إلى وزارة الصحة ونقابة الصيادلة. والسؤال هنا: ماذا يفعل التفتيش الصيدلي؟ وما هو دور النقابة إزاء هذه الأزمة؟
يرفض نقيب الصيادلة «التعميم»، مشيراً إلى أن أعداد المستغلين «ليست بهذا الحجم». وإذ يشير إلى أن التفتيش يتحرك على إثر الشكاوى التي ترده، إلا أنه من ناحية أخرى يردّ «العجز» إلى صعوبة تغطية نحو 3500 صيدلية موجودة في لبنان. وهو ما لا تؤيده مصادر في الوزارة، معتبرة أن «التفتيش الصيدلي رغم الصلاحيات التي يملكها، يبدو اليوم في مظهر الممتنع عن القيام بواجباته».