مصادر مطّلعة على نقاشات الأساتذة على مجموعاتهم «الواتسابية» أشارت إلى أن بعض أساتذة الجامعة لم يقاربوا المسألة كقضية وطنية عامة، إنما جرى النظر إليها كجزء من الإيديولوجيا، أي أن الآراء بدت منقسمة بصورة عامة وتعذّر الخروج بمواقف جامعة، تحاشياً لأن يفهم الوقوف ضد التطبيع جزءاً من «بروباغندا الممانعة»، أو أن الأمر ببساطة ليس أولوية للأساتذة في الوقت الحاضر نتيجة الظروف التي يمر بها لبنان، أو أن البعض يخاف إعلان أي موقف ضد رئاسة الجامعة يعرّضه للمساءلة والتهديد في وظيفته. إلا أن حملة المقاطعة رأت في مستهل بيانها الأول أن مثل هذه الظروف التي ينوء فيها الشعب تحت أثقال تأمين لقمة عيشه وصحّته وسُبلِ تنقّله، قد تكون فرصة تطبيعية مناسبة، إذ «يُبرَّر التطبيع بمسمَّيات مختلفة مثل ضرورة التواصل مع العالم، والتبادل العلمي».
فشل أهل الجامعة والمكاتب التربويّة في الخروج ببيانات شاجبة للمشاركة
«الموقف من القضية مبدئي وليس سياسياً»، كما قالت الأستاذة في كلية الحقوق والعلوم السياسية عزة سليمان، مشيرة إلى «معيارين أساسيين يحكمان هذا الواقع. الأول قانوني، إذ إن القانون اللبناني يحظر على كل شخص، طبيعي أو معنوي، أن يعقد، بالذات أو بالواسطة، اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيّتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوعُ الاتفاق صفقاتٍ تجاريّةً، أو عمليّاتٍ ماليّةً، أو أيّ تعامل آخر مهما تكن طبيعته». والمعيار الثاني، بحسب سليمان، «أخلاقي ويندرج ضمن المسؤولية الاجتماعية، وخصوصاً أن الوفد كان يمثّل الجامعة وليس كلية طب الأسنان فحسب. أما الحجة المتعلقة بأننا لا نستطيع أن نقاطع كل الأنظمة العربية فمردودة لأن المطلوب ليس مقاطعة الأنظمة التي تحاسبها شعوبها، وإنما يجب التدقيق في عدم الانضمام إلى نشاطات تطبيعية بما يخالف القوانين اللبنانية، وأيّ بلبلة في هذا الإطار تحتاج إلى توضيح».
الأنظار اتّجهت إلى الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين لإصدار موقف واضح، إلا أن رئيس الهيئة عامر حلواني قال لـ«الأخبار»: «لا نعرف بالضبط ماذا حصل، وما هو حجم الوفد الإسرائيلي وإذا كانت هناك مشاركة رسمية أو لا، لكننا في الرابطة مع تطبيق القوانين اللبنانية، إذ جرت العادة أن يشارك أساتذة في مؤتمرات في دول أوروبية، من دون أن يكون هناك احتكاك مباشر مع الوفود الإسرائيلية. أما إذا عقدت مثل هذه المؤتمرات في دول عربية، فتجري مقاطعتها».
الفشل في إصدار بيانات شاجبة لم يقتصر على رابطة الأساتذة و«الأساتذة المستقلين»، إنما انطبق أيضاً على المكاتب التربوية في «محور الممانعة»، فالمسؤول المركزي في التعبئة التربوية في حزب الله يوسف مرعي قال إنه لم يتسنّ له الاطّلاع على تفاصيل الملف، وبالتالي لا يستطيع أن يسجّل موقفاً الآن، وهو يريد أن يستمع إلى وجهة نظر من كانوا مشاركين في المؤتمر ولا سيما الرئيس أيوب الذي يسعى إلى الاجتماع به قريباً. أما مسؤول المكتب التربوي المركزي في حركة أمل علي مشيك فرأى أنه «لا داعي لأن نحمّل الموضوع أكثر مما يحتمل، فالمسألة بالنسبة إلينا خلصت عندما أصدر الرئيس بيانين توضيحيين كافيين فور عودته من دبي، وقد لمّح إلى أن هناك من يفتعل قضية لأسباب تتعلق بانتخابات نقابة أطباء الأسنان، وإن كنا نفضل أن يكون هناك حذر وتدقيق أكثر في أي مشاركة من هذا النوع انطلاقاً من موقفنا المبدئي الرافض للتطبيع».
بيان التجمع الأكاديمي في لبنان لدعم فلسطين لم يصوّب، بحسب أمينته العامة لور أبي خليل، باتجاه أي شخص، إنما «أدان السابقة التي وقعت فيها الجامعة من باب الحرص على الخط الممانع والنهج المقاوم للمؤسسات الوطنية»، مشيرة إلى أن «مشاركة الجامعة في مؤتمر تحضره شركات إسرائيلية فعل مدان ومرفوض وغير مقبول بأي شكل من الأشكال، ويجب أن لا يتكرر». وقالت أبي خليل إن «الرسالة وصلت، والهدف كان لفت الانتباه وليس الدخول في أي مشاحنات نحن في غنى عنها».