لم يترك رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مناسبة إلا ذكّر فيها اللبنانيين بأن «حزب الله يخزّن صواريخ في مواقع بالقرب من مطار بيروت الدولي». في المرّة الأخيرة التي خطب فيها بشأن «مخازن الصواريخ قرب المطار»، دعا حزبُ الله، فوراً، الصحافيين ووسائل الإعلام للتجوّل في الموقع المذكور. لم يجد هؤلاء إلا ما يؤكد زيف المزاعم الإسرائيليّة. لكن «إسرائيل» بدأت تبحث عن وسيلة جديدة للضغط على لبنان، من خلال «أذرع قانونيّة».على هذه الخلفية، تقدمت لجنة قانونيّة إسرائيلية تضمّ طاقماً من المحامين الرفيعي المستوى بكتاب تهديدي وجّهته إلى شركات الطيران والتأمين العالميّة. في الكتاب ادّعت اللجنة بأن «الطيران إلى مطار بيروت يرتقي إلى جريمة حربٍ بسبب تقديم المساعدة لحزب الله».
إذاً، بموجب هذا التهديد قد تصبح كبريات شركات الطيران، والتأمين العالمية عرضة للمساءلة والملاحقة القانونيّة، وصولاً إلى المحاكمة الجنائية، بدعوى «التواطؤ في جرائم الحرب التي يرتكبها حزب الله». التحرك القانوني بدأ أخيراً، وكُشف عنه في صحيفة «إسرائيل هايوم»، وكما هو واضح من التوجّه فإنه يعكس رغبة الحكومة الإسرائيلية ومساعيها للتضييق على حزب الله، وتأليب اللبنانيين عليه.
وفق التفاصيل المنشورة في الصحيفة العبرية، فإن التحرك القانوني بدأ بمبادرة طاقم من كبار المحامين الإسرائيليين، الذين بعثوا برسائل تحذير مسبقة، تضمّنت تهديداً بالملاحقة القانونيّة والجنائية، لعدد من المديرين التنفيذيين في شركات التأمين والطيران الدولية. وفي رسالتهم، هدّد القانونيون الإسرائيليون مديري الشركات بأنه إذا لم يوقفوا خدماتهم بشكل فوري في مطار بيروت، فإن ذلك سيقود إلى اتهامهم بمساعدة حزب الله في «ارتكاب جرائم حرب».
الكتاب المذكور أُرسل إلى 15 من المديرين التنفيذيين لشركات التأمين والطيران الرائدة في العالم، من بينها «الخطوط الجويّة الفرنسيّة»، و«أليطاليا»، و«الخطوط الجويّة البريطانيّة»، و«لوفتهانزا». وقد حذر الطاقم الإسرائيلي هذه الشركات، مدعيّاً أن مطار بيروت بات «عش دبابير» لحزب الله «الذي يقود في محيطه عمليات إرهابية على نطاق واسع».
كلّ هذا التهديد يُضاف إليه التهديد الصارخ للركاب والطاقم المدنيين، إذ إن الرسالة حذّرت «من أن الشركات التي تعمل في الطرق المؤدية إلى هذا المطار لا تعرّض ركابها وطاقمها للخطر فحسب، بل تزوّد المنظمة عن علم بالدروع البشرية التي تجري الأنشطة الإرهابية تحت رعايتها». وبالتالي، فهذه الشركات نفسها ستكون عرضة للملاحقة الجنائية بتهمة «تقديم المساعدة لحزب الله».
«إسرائيل» تتّهم شركات الطيران والتأمين بـ«التواطؤ في جرائم الحرب التي يرتكبها الحزب»


الرسالة التهديديّة وقّعتها المحامية نيتسانا دارشان ــــ لايتنر، مؤسسة «منظمة شورات هدين» عام 2002. وهي منظمة تقود مسارات قانونيّة لمحاربة «الإرهاب واللاسامية». وقد جاء فيها: «نلفت انتباهك ونحذّرك من أن توفير الحماية البشرية عن قصد لأنشطة حزب الله الإرهابية يعتبر تقديم مساعدة للتنظيم الإرهابي وحتى جريمة حرب بموجب القانون الدولي. وبالتالي، فإنك وشركتك تخاطران بدعاوى قضائية شخصية وحتى ملاحقة جنائية بسبب استمرار تشغيل المطار في العاصمة. نطلب موافقتك الفورية على الانتهاء من تقديم الخدمات لمطار بيروت».
المعركة التي بدأت ضد «مطار رفيق الحريري» لا تزال في أوّلها وهي نسخة مكبّرة عن مسار خاضته «شورات هدين» الصهيونيّة ضد أسطول بحري كان من المفترض أن يتوجّه لكسر الحصار عن غزة عام 2011. وقد قامت المحامية دارشان ــــ لاينتر في خلالها بتهديد شركة التأمين لإنهاء خدماتها عن السفن المخطط لها للمشاركة في الأسطول. وبالنتيجة استجابت الشركة، ما أدى إلى تعطيل الأسطول المتجه إلى غزة.
في المحصلة، تقود الحكومة الإسرائيلية ومن ورائها الإدارة الأميركية حرباً متعددة الأوجه ضد لبنان، وهي حرب تهدف إلى تعطيل ما يُدّعى أنه رئة حزب الله فيما هو في واقع الحال رئة لبنان واللبنانيين، والمسار الأخير الذي بدأ ضد المطار وصفته لاينتر بأنه «كرة ثلج بدأت تتدحرج من أجل إيقاف الرحلات الجوية إلى بيروت... وقريباً سيصبح حقيقة لا مفر منها». فالهدف من هذا التهديد العلني هو، كما قالت المحامية للصحيفة الإسرائيلية، «إجبار العالم على اتخاذ إجراءات حقيقية ضد حزب الله وكل ما يخصّ أنشطته في المطار ومحيطه، بما في ذلك مخازن الأسلحة، ومحطات تطوير دقّة الصواريخ». وأضافت إن «هذا الإجراء سيصبح رائداً في دول عدّة، وهو من أجل مكافحة الاستخدام السيئ الذي تقوم به المنظمات الإرهابية للمدنيين كدروع بشرية، سواء في المستشفيات والمراكز التجارية، والموانئ، والمطارات وغيرها».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا