سامر حبلي الذي قتله الدَّين

  • 0
  • ض
  • ض

ليس مألوفاً على صيدا خبر الانتحار. تتحاشى المدينة التداول بأمر انتحار أحد أبنائها لدواعٍ اجتماعية ودينية. لكن انتحار سامر حبلي (كما تفيد الروايات الأولية) ليل الخميس الفائت، استدعى حالة عارمة من التضامن مع الفقير البائس الذي بات كثيرون يشبهونه. تشابه أقله في اضطراره إلى الإقامة خارج المدينة، حيث الإيجارات وكلفة المعيشة أرخص. فاختار استئجار مسكن في وادي الزينة (ساحل إقليم الخروب) بعيداً بأقل من عشرة كيلومترات عن مدينته. قبل سنوات، كان الشاب الثلاثيني يعمل قصاباً. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية أخيراً، أقفلت الملحمة التي كان يعمل فيها. لم ييأس. ناضل للبحث عن مصدر رزق بديل يعيل زوجته وابنته الوحيدة. استأجر «فان» لنقل الركاب. أصبح بالكاد يحصّل قوت يومه. إلى أن سرقت التعبئة العامة لمواجهة كورونا ذلك القوت القليل. انسحب الإقفال العام على حركة النقل المشترك، قبل أن تسمح وزارة الداخلية والبلديات بعمل الباصات وسيارات الأجرة، إنما بعدد ركاب أقل لحفظ التباعد الاجتماعي. عدد ركاب أقل تزامن مع ارتفاع جنوني في أسعار السلع، ضيّق الخناق على حبلي المحاصَر أساساً بالديون المتراكمة عاماً بعد عام. حتى إنه قبل سنوات قليلة، سار برجليه نحو السجن لأنه لم يتمكن من دفع غرامة ضبط سير حررته بحقه القوى الأمنية. وعلى غرار الكثيرين، هام أخيراً بين أقاربه ومعارفه وأبناء مدينته باحثاً بينهم عمّن يستدين منه ليوفر القوت اليومي وإيجار البيت. لكنه لم يفلح. أسرته وأصدقاؤه يشبهونه في ضيق الحال. منتصف ليل الخميس الفائت، بحسب ما روى أقرباؤه، «وبعد عودته إلى منزله من زيارة مع زوجته، دخل إلى إحدى الغرف وأقفل الباب على نفسه. وبعد فترة من الوقت، شعرت الزوجة بغيابه. قرعت الباب من دون إجابة. فخرجت لتنظر إليه من النافذة الخارجية فوجدته متدلّياً من السقف مشنوقاً بقطعة قماش». القوى الأمنية التي فتحت تحقيقاً بالحادث «توصلت إلى وفاة حبلي انتحاراً»، بحسب مصدر أمني. بعد ظهر أمس، ووري الثرى في مدينته صيدا. أما زوجته فقد «غادرت إلى منزل عائلتها في البقاع» وفق أحد أقرباء زوجها. فماذا عن ابنته؟ إذا ارتاح سامر من قهر الدنيا، فإنه أورث ابنته ذات التسع سنوات قهراً لا ينتهي ليس أقله اليتم. بعض المتضامنين معها «تعهد بكفالتها من قبل إحدى جمعيات الرعاية الاجتماعية في المدينة لأن وضع إخوته المادي ليس أقل سوءاً من وضعه» قال قريب حبلي. انتحار حبلي أذكى التحركات الاحتجاجية في ساحة إيليا في بوابة الجنوب. فور تداول خبر الحادثة صباحاً، تداعى ناشطون للتجمع عند ساحة النجمة وساروا في تظاهرة رمزية باتجاه تقاطع إيليا، حيث قطعوا الطريق أمام السيارات لبعض الوقت. ومساء، تجددت التجمعات الاحتجاجية في إيليا، تخلّلها قطع للسير مؤقتاً.

من ملف : يا علي...

0 تعليق

التعليقات