كانت كلّ المؤشرات في طرابلس، يوم الجمعة الماضي، تشير إلى أنّ تظاهرة السبت لن تمرّ على خير. هذه المؤشّرات تمثلت في أكثر من تطوّر، أبرزها كان الاعتصام الرمزي الذي أقامه عدد من مناصري حزبي الكتائب وسبعة والوزير السابق أشرف ريفي وبهاء الحريري في ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النور)، مطالبين بنزع سلاح المقاومة، وهو ما أثار معارضة كثير من الناشطين والمحتجين، لا يشكل سلاح المقاومة حساسية عندهم، وأولئك الذين لا يرون أن التوقيت مناسب حالياً لطرح هذه المسألة.هذا الانقسام حول الاعتصام المذكور دفع الجيش اللبناني إلى تعزيز حضوره في الساحة والفصل بين الطرفين، اللذين تبادلا إطلاق التهم والشتائم وعبوات المياه، في ظل دعوات من تجمعات وهيئات عديدة في الحراك الشعبي والمجتمع المدني لعدم المشاركة في تظاهرة السبت.
في موازاة ذلك، كانت شائعات تبثّ في المدينة عن أنّ يوم السبت سيشهد فوضى ومشاكل، وسط دعوات إلى الإعداد لذلك واتخاذ الاحتياطات الاحترازية، حتى إن البعض كان يُروّج أنّ انفلات الوضع والتصعيد على الأرض سيؤديان إلى انتشار حالات السرقة والتعدّي على المحال التجارية والسيارات وغيرها.
ومع مغادرة عدد من الباصات إلى بيروت، السبت، محمّلة بمواطنين للمشاركة في الاعتصام، كلّ منهم يحمل أجندة مختلفة عن الآخر، عاشت طرابلس ساعات ترقب وقلق، خصوصاً بعد نقل مباشر لمشاهد العنف والفوضى التي سادت التظاهرة، وزاد من نسب القلق والخوف ما بثّ في التظاهرة من شعارات مذهبية مسيئة، الأمر الذي ترجم مساء على الأرض بعد عودة محتجي طرابلس من بيروت، حيث صبّوا غضبهم بمشاركة آخرين في الشارع، في ظلّ مواقف سياسية ودينية واسعة في عاصمة الشمال حذرت من مخاطر التعرّض للرموز الدينية.
هذه التحرّكات الغاضبة ظهرت على شكل قطع طرقات وشوارع وساحات عامّة في طرابلس وجوارها. وكان أبرز تلك التحركات ما حصل في محيط سراي طرابلس، حيث استخدمت القوى الأمنية المكلفة بحمايته القنابل المسيلة للدموع، وهو نادراً ما كان يحصل، في وجه محتجّين حاولوا اقتحام السراي. وحاول محتجّون اقتحام مخفر التل، وسط المدينة، ومقر السجل العدلي والشرطة القضائية، الموجودَين في المبنى ذاته، بعدما كسروا واجهة المبنى الزجاجية والنوافذ المطلة على الشارع، قبل وصول الجيش اللبناني إلى المكان، حيث ضرب طوقاً أمنياً وأبعد المحتجّين الذين كان عناصر المخفر قد أطلقوا فوقهم أعيرة نارية في الهواء بهدف إبعادهم.