«لا ثقة لحكومة حسان دياب»، تكاد كل المجموعات الناشطة في الشارع منذ انتفاضة 17 تشرين تجمع على الأمر. لذلك، التوجه الرئيسي للناشطين سيكون بمنع النواب من الوصول الى المجلس يوم تعيين جلسة الثقة. ويفترض أن يكون هذا الكلام تحذيراً لحكومة مضى شهر على تكليف رئيسها من دون أن يعلن أي برنامج عمل وخطة إصلاحية للوضع المالي والاقتصادي تطمئن المعتصمين في الشارع. رغم أن مسوّدة البيان تتحدث عن أنها «حكومة الناس» وتسعى لاستعادة ثقة المنتفضين في الشارع، لكن «من يمثّل الناس» اليوم في الشارع لم ينتظر تأليف الحكومة، بل رفض دياب فور تسميته. الخطوة الثانية ستكون حجب الثقة عن حكومته من دون إعطائها فرصة. عاد البعض ليتحدث عن إسقاط الحكومة الحديثة الولادة لتأليف «حكومة مستقلين حقيقية مع إقرار سياسة مالية نقدية إصلاحية». وبحسب الناشط في مجموعة «المرصد الشعبي لمكافحة الفساد» واصف الحركة، فإن جلسة الثقة «ستكون أُمّ المعارك بين المعارضة والسلطة... عارفين بدنا ناكل قتل كتير لأن الجماعة مستشرسين». لن يعطي المرصد فرصة لهذه الحكومة التي «لم نقبل رئيسها من الأصل. ونضع مع باقي المجموعات خطط مواجهة لإسقاط الائتلاف السلطوي». أليس من الظلم عدم انتظار برنامج العمل الحكومي والبناء عليه؟ يجيب الحركة: «طريقة تركيب الحكومة والمحاصصة التي رافقت تعيين الوزراء تثبت أن موقفنا ليس حكماً مسبقاً لمعرفتنا بأن العملية جرت بالعقلية نفسها. وبالتالي، سياستها ستكون نسخة عن سياسات الحكومات السابقة». كلام الحركة ينسجم مع أفكار الناشطة في مجموعة «لوطني» دارين دندشلي. برأيها «المكتوب يُقرأ من عنوانه. يصعب على حكومة التكنومحاصصة التي أبعدت الوزراء الأصيلين لتأتي بمستشاريهم أن تنجز. فلو نجح هؤلاء في مهمتهم لما فشل الوزير». يصعب على دندشلي إعطاء فرصة لحكومة تمثل طبقة سياسية نالت فرصتها منذ 30 سنة. «لم تتألف الحكومة التي طالب بها المواطنون»، تقول، إلا أن «نتائج الاعتراض تتعلق بطريقة تفاعل الشارع، والحقيقة أن الشارع بحاجة إلى إعادة الزخم اليه». ما المطلب الذي يحظى بأولوية بالنسبة إليك؟ «تحقيق استقلالية القضاء بعد تطهيره».يوم أمس، توافق عدد من القوى والمجموعات المنخرطة في الانتفاضة الشعبية على ورقة إجراءات نقدية عاجلة تكون بمثابة خطة إنقاذ مالية يجب أن تتبعها سياسات اقتصادية طويلة. وأهم ما تضمنته: - وضع السلطات السياسية والنقدية ضوابط عادلة تمنع تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج. - إعادة هيكلة شاملة للدين العام الخارجي والداخلي. - إعادة رسملة المصارف ضمن إعادة هيكلة شاملة للقطاع ووقف توزيع الأرباح مرحليّاً بما يحمي الائتمان. - فرض ضريبة تصاعدية استثنائية ولمرة واحدة على أصل الودائع. - استعادة مليارات الهندسات الماليّة. - تخفيض الفوائد على القروض بالتوازي مع تخفيضها على الودائع.
«جلسة الثقة ستكون أُمّ المعارك بين المعارضة والسلطة؛ عارفين بدنا ناكل قتل كتير»


ويفترض أن تضغط المجموعات على السلطة السياسية لتبنّي ورقتها. في غضون ذلك، ثمة من يرى أن المعركة طويلة وينبغي عدم المراهنة على الأوهام لإحباط الشعب، بل استغلال الفرص للضغط نحو تحقيق نتائج تنعكس إيجاباً على الوضع الحالي. من هذا المنطلق، يشير عضو حركة الشعب عمر واكيم إلى أنه لا يتوقع تغييراً سريعاً في لبنان. فالوضع المترسّخ منذ عقود يستحيل أن يتبدل في ليلة وضحاها. ولا شك في أن طريقة تأليف الحكومة غير مرضية، الا أنها بالنسبة إلى كثيرين بمثابة «هدنة» أو حكومة انتقالية من خارج الطبقة، فيما المطالب الرئيسية: «قانون انتخاب لا طائفي، استعادة الأموال المنهوبة ووضع حجز احتياطي على كل من تداولوا السلطة». هل ستمنحون الحكومة فرصة للعمل؟ «الأجدى القول إننا سنكمل تحركاتنا نحو الإدارات العامة والخاصة والقضاء، وسنضغط على الحكومة من أجل تحقيق مطالبنا. لا يمكن أن نرفضها تماماً، لأن ذلك بمثابة مقاتلة خيالنا. فالشعب فرض للمرة الأولى نفسه كمراقب للسلطة، وما يهمنا ألا يكون الوزراء متورطين في أي ملفات فساد أولاً، وبرنامج عملهم ثانياً».
من جهته، يرى الناشط في مجموعة «شباب المصرف» ميمون شدّاد أن «الحكومة تكسب ثقة الشعب من خلال القرارات التي يفترض أن تأخذها بأسرع وقت. بالنسبة الينا، استعادة الأموال المنهوبة، ووضع آلية لتخفيف العبء عن الناس، أكان في ما خص المصارف أو الازمة المالية النقدية، هما الأساس. كمجموعة، نحن غير مؤمنين بأن النظام بإمكانه إنتاج حكومة قادرة على نيل ثقة الشعب، وأيضاً لا ثقة بمجلس النواب الذي سيمنح هذه الحكومة الثقة». سيكمل شباب المصرف تحركاتهم ما دام ما يطالبون به لم يتحقق، لا في ظل الحكومة السابقة ولا بعد استقالتها.

«مشكلتنا ليست مع مكوّنات الحكومة بل مع السياسات الاقتصادية التي تغذّي الأوليغارشية»


«لا ثقة» المجموعات السابقة، تضاف اليها أصوات كل من الحزب الشيوعي اللبناني ومجموعتيّ «بيروت مدينتي» و«لِحقّي». فور تأليف الحكومة، صدر بيان عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي أعلن فيه «لا ثقته بحكومة المحاصصة الطائفية والسلطوية» مشيراً الى أن «مفتاح الخروج من الأزمة الحالية لن يكون الا من خارج تلك السلطة ومنظومتها الحاكمة». لذلك «لا بد من الاستمرار في الانتفاضة الشعبية وتجذيرها في معركة طويلة ضمن برنامج يحمل رؤية سياسية واحدة للانتقال الى الدولة العلمانية الديمقراطية». على المنوال نفسه، يقول الناشط في «بيروت مدينتي» طارق عمار، «إن الساحات التي تنتفض اليوم تعلن حجبها الثقة عن هذه الحكومة التي لا تمثل الحراك. كان ينبغي على دياب أن يورد في خطابه برنامجاً أو خطة تطمئن اللبنانيين ليرتاح الشارع بتأليف الحكومة، لكن حصل العكس». ويضيف عمار أن «الحراك مستمر ومرتبط مباشرة بحركة الناس. حتى لو تألفت حكومة مستقلة، فنحن باقون لنكون الرقيب عليها». أما أدهم الحسنية من مجموعة «لحقي»، فمشكلته ليست مع مكونات الحكومة، بل ترتبط بالمنظومة السياسية وسياستها الاقتصادية الساعية للسيطرة على كل مكوّنات البلد لتغذية «الأوليغارشية». وهذه الحكومة «استمرار لنهج السلطة، وأتت بمستشارين الى وزارات حساسة، من دون تغيير جذري في السياسات، أو تصور مستقبلي لتوزيع الخسائر مع عدم تحميل الأقل فقراً نتائج الفشل في السياسة المالية».