تشهدُ العدلية حراكاً استثنائياً. يحاول قسمٌ من القضاة السير على هدي الانتفاضة الشعبية علّها تُغيِّر الواقع البائس الذي يعيشه القضاء، فيما يجهد آخرون لركوب موجة مكافحة الفساد عبر عراضاتٍ مسرحية لا طائل منها. ووسط هؤلاء، قضاة يخشون إطاحتهم من جرّاء موجة مكافحة الفساد التي انطلقت قبل أشهر، قبل أن تُفرمل من جرّاء ضغوط سياسية لحماية عدد من القضاة. أما جديد الحراك، فكان خارطة طريق حاول مجلس القضاء الأعلى رسمها لمحاولة إعادة بناء القضاء، إذ التأم المجلس، أمس، في جلسة طارئة دُعي إليها عقب حصول اجتماع سابق مع النيابات العامة. واعتبر المجتمعون أن لبنان يمر في «مرحلة صعبة ودقيقة قد تؤسّس لمرحلة جديدة، عنوانها تعزيز دولة القانون والحق، عبر بناء قضاء عادل ونزيه». واعتبر المجلس أن «التنقية الذاتية» و«تشكيلات قضائية وفق معايير موضوعية»، هي المنطلق لإعادة بناء القضاء. لذلك، خُصّصت ساعات الاجتماع لقراءة ما يجري ووضع معايير موضوعية ثابتة عند إجراء التشكيلات. وخلص المجتمعون إلى «دعوة مجلس النواب إلى إدراج اقتراح القانون تاريخ 18/1/2017 الذي يتضمّن تعديل المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي وإقراره كخطوة أولى، بما يعطي مجلس القضاء الأعلى صلاحية إجراء المناقلات والتشكيلات القضائية من دون الحاجة إلى استصدار مرسوم، وذلك إلى حين إقرار قانون متكامل لاستقلال السلطة القضائية في أسرع وقت ممكن». كذلك دعا المجتمعون مجلس النواب الى استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى في اقتراحي القانونين الراميين الى إنشاء محكمة خاصة للجرائم المالية ومنح عفو عام عن عدد من الجرائم، وإلى الإسراع في إقرار اقتراح القانون الرامي الى تعديل قانون الإثراء غير المشروع، علماً بأنه سبق للمجلس أن اجتمع مع القضاة المختصّين، وحثّهم على اتخاذ الإجراءات المفترضة في هذا الصدد، على أن تواكَب هذه الإجراءات عند الضرورة برفعٍ للحصانات الدستورية من قبل مجلس النواب.