يخوض تحالف أحزاب السلطة معارك «كسر عظم» في انتخابات ممثلي الأساتذة في مجلس الجامعة اللبنانية، في أول رد فعل لـ«تأديب» من «تفلّتوا» من الأحزاب في مجلس المندوبين، ونقضوا قرار رابطة الأساتذة فك إضراب الخمسين يوماً الذي نفّذ في أيار الماضي. وبحسب مصادر الأساتذة المستقلين، عكس استبعاد ترشيح الحزبيين المؤيدين للإضراب «إسكات الصوت الاعتراضي والقضاء على أي حيوية نقابية أو فسحة للتغيير في الجامعة».الانتخابات التي بدأت في 6 الجاري وتنتهي الإثنين المقبل، كرّست، بحسب المصادر، ائتلافاً مركزياً معلناً بين حركة أمل وتيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، وآخر تحت الطاولة، مع حزب الله والتيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي، تبعاً لخصوصية كل كلية. ولم يسلم المرشحون المستقلون من الضغوط للانسحاب من المعارك، إما بحجة أن حظوظهم ضعيفة أو عبر الترغيب بإعطائهم مناصب في مواقع أخرى كرئاسة القسم وغيرها. في المقابل، كان لافتاً عزوف أساتذة سلفاً عن الترشح بذريعة وجود «كليات مقفلة»، كما سموها، أي لا مجال فيها لخرق تحالفات الأحزاب.
في المقابل، نفت الأحزاب المؤتلفة أن يكون هناك تحالف حزبي مركزي في كل الجامعة، فالتفاهم على تبادل الأصوات، بحسب ايلي الحاج موسى، مرشح حزب القوات الفائز في كلية العلوم، «جرى في الكليات الكبيرة (العلوم، الحقوق، إدارة الأعمال)، حيث حصلت انسحابات لمصلحة التحالف». لكن ثمة من قال إن القوات تخلت عن مرشحها في كلية الإعلام هاني صافي (الذي نشط في الحراك الأخير) لمصلحة مرشح حركة أمل رامي نجم؟ نفى الحاج موسى ذلك، لافتاً الى أن «كلية الإعلام كلية صغيرة ولم يتفق فيها على أي تبادل للأصوات». مع ذلك، فوجئت الهيئة التعليمية بترشح نجم الذي يشكل، بحسب صافي، خرقاً لعرف سائد منذ 25 عاماً، وهو المداورة بين الفرعين الأول والثاني. صافي نفى أن يكون انسحب من المعركة، داعياً زملاءه في الفرع الأول، في رسالة عشية الانتخابات (الجمعة) إلى «دعمنا في الحفاظ على المداورة لتحقيق المساواة في الفرص واستمرار العلاقات التاريخية بين الفرعين». وإذ بدأ صافي بجمع تواقيع الأساتذة، أشار إلى أنّ الأحزاب اتخذت قراراً بمعاقبة المشاكسين في حراك الجامعة.
ورغم أنّ التزام لوائح الأحزاب لم يحدث «خربطات» كثيرة في الحسابات الانتخابية، إلاّ أنّ الأمل لم ينقطع كلياً. فقد أظهرت النتائج جملة من المعطيات منها أن الأحزاب لم تخض انتخابات سهلة لا سيما في كلية العلوم، حيث نال المرشح المستقل داوود نوفل 40% من أصوات المقترعين، ما أسقط مقولة «عدم وجود أساتذة مستقلين عن الأحزاب». وكان حزب الله سحب مرشحه ليلة الانتخابات، من دون أن يعلن بشكل واضح دعمه لترشيح نوفل. إلاّ أن عضو الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة علاء غيث (حزب الله) أصدر بياناً باسمه الشخصي طلب من اساتذة كليته انتخاب نوفل. وفيما نفى المرشح رامي العاكوم (الناشط في الحراك والمحسوب على تيار المستقبل) أن يكون التيار طلب منه الانسحاب من الانتخابات، قال إنّه فعل ذلك بعدما وجد أن حظوظه لن تكون كبيرة. علماً أن الموقع كان محسوباً لتيار المستقبل وقد سحب مرشحه عامر الحلواني قبل اتفاق التحالف على مرشح القوات.
الأحزاب عاقبت المشاكسين في الإضراب الأخير للأساتذة


وفي كلية الحقوق، حازت المرشحة المستقلة عزة سليمان 15% من أصوات الناخبين مقابل 59% لمرشح حركة أمل حسين عبيد. الأخير لفت إلى أن التحالفات لم تكن نفسها في كل الكليات، نافياً أن تكون هناك اصطفافات حزبية مركزية بل جرى البناء على العلاقات الشخصية التي ينسجها المرشح. فيما تحدثت سليمان عن «معايير خاصة» فرضتها الأحزاب في الكليات لحسم النتائج لصالحها، مثل تحديد موعد الانتخابات قبل بدء العام الدراسي والتأثير على قرار الأساتذة المتعاقدين بصورة خاصة والذين اضطر الكثير منهم الاقتراع بعكس قناعته خشية خسارة ساعات تعاقده. وسألت: «لماذا هُمّش المرشحون الحزبيون الذين برزوا في تأييد الإضراب؟ وكيف يسمح للمتعاقدين بالاقتراع على اساس لوائح الشطب في العام الدراسي الماضي ولا يسمح بالمشاركة للمتقاعدين الذين تقاعدوا في نهاية السنة نفسها؟». وبينما أشار الأستاذ في كلية الآداب باسل صالح إلى أن مواجهة تكتل نقابي أقوى بكثير من مواجهة فرد، أكد أن لا بديل عن استكمال التنسيق بين المعترضين على البنية الحالية في سبيل إصلاح الجامعة وتمثيل خيارات قواعد الأساتذة الذين يلتقون على رفض المحاصصة ومصادرة قرار الأساتذة الجامعيين.