بغياب أي إحصاء حينها، ارتكز حمادة في قراره ـ كما يقول ـ إلى ضرورة «تمييز العمالة العربيّة عن الأجنبيّة، فالعمالة العربيّة لها تأثيرها في السوق اللبناني بوجود تبادل خبرات ومهن بين عمال عدد من الدول ولبنان، أبرزهم العمال الفلسطينيون والسوريون والمصريون والسودانيون». التمييز بين العامل المقيم والوافد أساسي، «فالأول يعني المولودين في لبنان أو من أمّ لبنانية، بمن فيهم الفلسطينيّون، وهم دخلوا دورة الإنتاج». حمادة يلفت إلى مبدأ «التفرقة بين الفلسطيني القادم من الأردن (على سبيل المثال) أو الأراضي المحتلة الذي يمكن معاملته كالأردني وفق مبدأ المعاملة بالمثل». الاستفادة من اليد العاملة الأجنبيّة وتبادل الخبرات بين لبنان وغير بلدان، «يجب أن تحكم أي قرارات بشأن تنظيم العمالة»، وخلفيّة أي وزير عمل «يفترض أن تراعي مجموعة قيم، لا أن تقوم على أساس اقتطاع جزء من القدم لتناسب حجم الحذاء»!
سياسة الدولة اللبنانية بحرمانها اللاجئين الفلسطينيين معظم المهن، كانت «نقطة سوداء في تاريخها». الفلسطينيّون «يملكون خبرات أغنوا بها السوق اللبناني، ومنها زراعة الليمون في الجنوب، الخضار في البقاع، الحِرف اليدويّة، التعليم، إضافة إلى رأس المال وافتتاحهم البنوك الأولى في لبنان... خبراتهم مستمرّة وليست موسميّة كسواهم من العمال».
يتطرّق حمادة إلى إجازة العمل على أنها «وثيقة تعوّض عن الإقامة، إنما في حالة الفلسطيني اللاجئ والمقيم فإن وثيقة لجوئه تكفي». فهذا العامل وإن «كان مخالفاً لا يمكنه العودة إلى بلده، فما هدف الخطة؟ إرسال الفلسطينيين إلى السجون أو ترحيلهم؟». لا ينفي حمادة أن الترخيص «هام ومساعد في الإحصاء»، لكن بالنسبة إلى الفلسطيني يمكن الاكتفاء بـ«عقد عمله مع رب العمل لتسجيله في الضمان من دون إلزامه بإجازة عمل». الجهات الثلاث المعنيّة بالمساهمة باشتراكات الضمان: الدولة والعامل ورب العمل، «يجدر بها، في حالة الفلسطيني، بدلاً من تدفيع رب العمل عنه (اقتطاع قيمة 23.5% من راتبه للضمان)، القيام بتعديل قانون الضمان الاجتماعي لتدفع الأونروا للدولة والدولة تدفع للضمان عن العمال الفلسطينيين».
حماده: وزير العمل قادرٌ على إصدار قرار باستثناء الفلسطينيين وبشكل قانوني
وفق حمادة، يجب استثناء الفلسطينيين من القرارات السارية على الأجانب، عبر «مرسوم جديد من مجلس الوزراء، وباتخاذ قرار حكومي يساوي الفلسطينيّ باللبناني من ناحية الحقوق المدنية والإنسانية والحريات والعمل السياسي والحق بالانتخاب في النقابات المهنيّة، باعتباره مقيماً بشكل خاص بحكم اللجوء». بالإضافة إلى «منحهم بطاقة من الدولة يمكنهم من خلالها إبرام عقود عمل تنطبق عليها شروط عقود عمل اللبنانيين». هكذا «نصبح دولة تحترم حقوق الإنسان، بما يشكّل قوة لا ضعفاً للدولة ولا يخسّرها أموالاً»، فالأهمّ «أن لا نتوقف عند عدم تطبيق الخطة الجديدة على الفلسطينيين، بل باستكمالها بالقرارات المناسبة».
يمكن إذاً، «إيجاد أبو سليمان المخرج قانوني عبر الاستثناء الذي من حقّه. أما هواجس التوطين فأوهام، بضغط خارجي». زمان تطبيق خطة أبو سليمان «خاطئ»، و«من سوء حظّه أنها تزامنت مع صفقة القرن والوضع في سوريا... إضافة إلى التسابق السياسي بين القوات والتيار الوطني الحر». فحماية العمالة اللبنانية تكون «عبر فرض شروط لنسب مرتفعة على المؤسسات لتوظيف لبنانيين».
في ما يخص العامل السوري «يفترض تطبيق الاتفاقيات بين لبنان وسوريا عام 2005، وقد أنشأنا على أساسها دائرة رعاية شؤون العمال السوريين في وزارة العمل ليتسجل العامل السوري وفق عقد عمل موسمي أو سنوي ويأخذ إقامة على أساسه، وهذا يساعدنا على التمييز بين العامل والسائح واللاجئ حالياً. لكنهم جاؤوا بنظام الكفالة في الأمن العام، وهو نظام عبودية. عليهم العودة إلى قواعد الاتفاق مع الدولة السورية الذي على أساسه أسسنا الدائرة. العمال السوريون نحن بحاجة لهم في كثير من القطاعات، ويجب عدم الاشتراط أيضاً بإجازة وفق المعاملة بالمثل واتفاقات الـ2005».