كثيرة هي الاعلانات التي رفعها رجل الاعمال ابراهيم الصقر على الطرقات في مدح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. تلك التي وصفت جعجع بـ «صاحب مبدأ»، تُعد الاقرب الى الواقعية، بحسب القواتيين. بعيدا عن الاسباب الضمنية التي دفعت قائد القوات الى الثبات على رفضه مشاركة حزب الله في أي حكومة، فهو قد تجانس منذ البداية مع موقفه، على العكس من حلفائه وخصومه، الذين ناوروا طوال عشرة أشهر. «التركيبة الهجينة» للحكومة، بحسب أحد الاعلاميين القواتيين، التي نتجت عن تزاوج فريقين ما يفرقهما اكثر بكثير مما يجمعهما، وقفت على خاطر الجميع باستثناء القوات. فالنائب سعد الحريري تواصل مع غريمه النائب ميشال عون، بعدما أصر على أن أي قرار لن يُتخذ اذا لم يكن مطلعاً عليه، فيما لم يبال «الشيخ» بملاحظات القوات، الحليفة. الكتائب عدّلت موقفها من التضامن مع «ابنتها العاق» في عدم المشاركة، لحصد ثلاثة وزراء في الحكومة. برغم أن النائب سامي الجميل حذر «افتراضيا» على صفحته على الفايسبوك من الاصطياد في الماء العكر، فـ«وزراء الكتائب هم وزراء القوات».

«تفرجت» القوات وحيدة على «العشاق» الجدد، وهم يحتفلون بانجازهم الجديد. الناشطون من أعضائها على شبكات التواصل الاجتماعي عبّروا هناك عن آرائهم، التي صبت بأغلبها على ضرورة انتظار البيان الوزاري لاصدار الموقف الرسمي. مصدر مسؤول في القوات يبدو قريباً مما يقوله أنصار حزبه. يذكّر بأن القوات «نبّهت خلال الأسابيع الماضية إلى أنه يجب ألا تتألف أي حكومة من دون اتفاق مسبق على البيان، لاننا نُدرك جيدا أن حزب الله لن يغير مواقفه في ما خص التدخل بالازمة السورية». وإذا غيّر الحزب رأيه، واستطاع المستقبل أن يفرض قناعاته في البيان، «فلن تكون هناك مشكلة، نعطي الثقة للحكومة، ونعد أنفسنا ممثلين حتى بوزراء حزب الله. أما في حال صوغه بكلمات ملغومة، فسنحجب الثقة ونرفض أن يمثلنا أي من وزرائها». لا ينفي المصدر أن «تيار المستقبل غطى حزب الله بقبوله تأليف حكومة من دون أي شروط مُسبقة». وهو بذلك قد أخطأ «بحق نفسه قبل أن يكون بحقنا». في الكلام عن الحلفاء مسحة عتب، «وخصوصاً أن الكتائب والآذاريين المستقلين رفضوا بداية حكومة من دون القوات». هذه «الخيانة» لا تعني الخلاف، «فالحكيم هو من ضغط من أجل محاولة ايصال سجعان القزي الى وزارة الدفاع»، كما أن العلاقة مع قوى 14 آذار وتحديدا تيار المستقبل «في أحسن أحوالها، والدليل على ذلك مشاركتنا في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري»، برغم أن حضور النائب ستريدا جعجع كان باهتا، فهي لم تلق الترحيب الذي تتوقعه في مناسبات كهذه.
يؤكد المصدر أن الثقة ما زالت تحكم العلاقة مع المستقبل، «برغم أن التنازل في الملف الحكومي غير مفهوم ومجرب سابقاً عندما كان الرئيس رفيق الحريري مقداماً في الدفاع عن المقاومة، وفي الاتفاق الرباعي واتفاق الدوحة، الذي كان الحكيم الوحيد الذي وافق عليه بتحفظ، وقد دفع المستقبل يومها غالياً حق هذه التنازلات». الحفاظ على العلاقة مع «الازرق» لا يعني عدم الانتقاد، «فلا يجوز أن يتهموا حزب الله باغتيال الوزير محمد الشطح ويشاركوه الحكم». على العكس مما يُشاع، «فالقوات لا تعتقد بوجود اتفاق بين المستقبل والتيار الوطني الحر، التسويات معروفة».
في الاطار نفسه، يقول مصدر آخر مقرب من القوات ان «الحكيم» مرتاح لوجود «وزراء قريبين من جوّه كالقزي ونهاد المشنوق. بيد أن ذلك لا يلغي أن موضوع رئاسة الجمهورية بات يمثل هاجسا عند قيادة معراب، بعد الانفتاح المستقبلي على عون، وخصوصاً أن الحريري في كلمته الأخيرة وجّه رسالة مبطنة الى عون بما معناه أن خياراتنا الرئاسية مفتوحة على الجميع. رسالة تبدأ عند عون وتنتهي عند قائد الجيش جان قهوجي». اذا «الشيخ سعد» مستعد لأن يفاوض على الرئاسة. العمل القواتي يتركز حاليا على شقين. أولاً، «التركيز على البيان الوزاري وما بعده». ثانياً، «الضغط على المستقبل ليوضح مسار اللقاءات الغامضة مع العونيين، بدءا بروما، مرورا بدبي، وصولا الى بيروت». المشكلة أنه لا «يمكننا محاورة عون اذا لم يفك ارتباطه بحزب الله، فهو حالياً مهتم بالحفاظ على السلاح لا الحفاظ على الدستور».

يمكنكم متابعة ليا القزي عبر تويتر | @azzilea