خسر «بائع الكرافاتات» في انتخابات «نقابة المحرّرين». يبدو أنّ هذا «الزميل» سيكون طرفة الموسم. أما أندريه قصّاص، ففاز، لكنّه، في اليوم التالي، أعلن استقالته «حفاظاً على الميثاقيّة». هو يقصد «الميثاقيّة الطائفيّة». شكراً على هذه اللفتة، اللبنانيّة جدّاً، التي ستجعلنا نكتشف النقابة أكثر. خسر المرشّح (الشيعي) داود رمّال. لم يفز مِن لائحته إلا ثلاثة. فاز مِن اللائحة الأخرى تسعة. وصلت «اللقمة» إلى فم رمّال، كاد ينجح، لكن نحو عشرة أصوات حالت دون ذلك. طار بغضبه. هاجم «صحافي القصر الجمهوري» في تغريدة، بُعيد إعلان النتائج، أحزاب السُلطة التي «اجتمعت على محاربتي». وأضاف رمّال: «عتبي كبير على الثنائي الشيعي، الذي لم أبخل يوماً بموقف وبمخاطرة في الدفاع عنه. هذا الثنائي... أثبت بما لا يقبل مجالاً للشك أنه ثنائي العصر الحجري». بالنسبة إلينا، نحن الذين خارج «تقريقة» انتخابات النقابة، تكون مثل تلك التغريدات والتصريحات والبيانات مفيدة جدّاً. تجعلنا نفهم المسرحيّة أكثر. أقلّه، تخفّف شيئاً مِن مللنا. تجعلنا نبحث، فنسأل، فنعلم أنّ «العُرف» النقابي، بحسب أحد الأعضاء الفائزين، يقول إن «المناصفة الطائفيّة» ضروريّة في مجلس النقابة. يعني هذا أن يكون ستّة أعضاء مِن المسيحيين وستّة مِن المسلمين. لسببٍ ما لم يُحدّد «العُرف» كيفيّة توزيع المقاعد المسيّحيّة مذهبيّاً. طبعاً، وفي مطلق الأحوال، لا يُمكن القفز فوق «المارونيّة». أمّا المقاعد الإسلاميّة، فتتوزّع وفق الآتي: ثلاثة سُنّة، شيعيّان ودرزي. بالمناسبة، خسر المرشّح الدرزي، أمس، في الانتخابات. إذاً، النقابة الآن بلا تمثيل درزي. يا للهول! كذلك لم يفز إلا سُنّي واحد. السُني هذا «لصيق» برئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، لكن، عموماً يعني، هو تحت عباءة تيّار المستقبل. هذا لم يمنع صحيفة التيار المذكور من أن تُعلن «فوز تيّار المستقبل مع حلفائه».
أعلن الفائز أندريه قصّاص استقالته حفاظاً على «الميثاقيّة الطائفيّة» في النقابة

تخال أنّ لهم عشرة أعضاء مثلاً. آه، لديهم الفائز جورج البكاسيني. أليس الأخير مسيحيّاً؟ بلى. إذاً، تبّاً، لا تزال «الميثاقيّة» مضروبة. هنا سيتدخّل «الفدائي» أندريه قصّاص، الفائز مِن «لائحة تُحارب السُلطة» وتضم مرشح حزب القوّات اللبنانيّة، إضافة إلى النقيب إلياس عون... أو «نقيب السُلطة» (بحسب بعض الروايات). قصّاص يُعلن استقالته. لسبب ما ظنّ داود رمّال، الغاضب، أنّ تلك الاستقالة تهدف إلى «تطييب خاطره». هنا سيُعلن رمّال «رفضه المُطلق لانسحاب الزميل الخلوق، والكبير بحسّه الوطني الصادق، أندريه قصّاص، لأنّ الميثاقيّة ليست بالانتماء الطائفي إنما بالانتماء إلى الوطن». لن يطول الأمر برمال ليُفاجأ بأن قصّاص، باستقالته، لم يقصده هو، أي لم يقصد «التمثيل الشيعي» (المكتمل). إنّه قصد «إخوانه» الدروز والسُنّة. بعد ذلك لم تصدر بيانات إضافيّة. هكذا كانت أجواء أمس، بعد انتخابات نقابة محرّري الصحافة اللبنانيّة، بين الفائزين والخاسرين، فضلاً عن المراقبين والمتابعين والضاحكين. هذه هي اللغة المتداولة. قد تبدو للبعض مقرفة، لكثرة التطييف، لكن هذه هي «لغة القوم». بطلٌ مَن يخرج بخلاصة واضحة لنتائج انتخابات النقابة، في ظلّ «الخبيصة» الحاصلة، والتي، كما قيل سابقاً، تنتهي دائماً في مصلحة «السُلطة».قصّاص الفائز، وقبل استقالته، استغرب اتصال رئيس الجمهوريّة ميشال عون بالفائز جوزف القصيفي لتهنئته، وذلك «مع أنّه لم يُصبح نقيباً بعد». لِمَ لم يتصل بالفائزين الآخرين لتهنئتهم أيضاً؟ هذا ما شغل بال قصّاص. مسألة أخرى كانت تشغله أيضاً: «يوم أمس، رأيت رئيس بلدية يقترع في الانتخابات، هذا يتعارض مع النظام، كيف ذلك؟».
بالمناسبة، حركة أمل أيضاً أعلنت فوزها بالانتخابات (مع الحلفاء طبعاً)، علماً بأن العضو الثاني الفائز، المحسوب عليها، إنّما فاز «على الحفّة». هذه رسالة، إضافيّة، تحمل إشارة يفهمها المعنيّون. الجميع أمس كانوا يُعلنون فوزهم. لعل الأكثر طرافة في المشهد، أمس، كانت إشارة اللائحة الفائزة إلى التغيير، وما شاكل. هذا وسبعة مِن التسعة الفائزين، أمس، كانوا قد فازوا بالانتخابات السابقة قبل ثلاث سنوات، ومِنهم رئيس اللائحة، القصيفي، الذي يشغل حالياً منصب أمين السر في النقابة. هذا هو «التغيير»... أو التفسير الموضوعي لمعنى «هي هي».