«ما بعد جلسة (الحكومة) الخميس 2 تموز، ليس كما قبلها»، بنبرة الحسم، يجيب أكثر من مصدر وزاري ونيابي في «تكتّل التغيير والاصلاح» عن خطوات التيار المقبلة لمواجهة «الإقصاء والعزل اللذين يتعامل بهما بعض أطراف الحكومة معنا». وإذا كانت المعلومات التي تواترت طوال يوم أمس عن نية عون اللجوء إلى الشارع، للاعتراض على مسار العمل الحكومي، والعجز عن حلّ الملفّ الرئاسي، قد تركت مجالاً للشّك، فإن خطاب عون من بلدة الخنشارة مساءً، في عشاء «هيئة المتن الشّمالي» التابعة للتيار، ثبّت نية رئيس التّيار البرتقالي، حين توجّه إلى مناصريه بالقول إن «ما حصل بالحكومة (أول من) أمس، وما قد يحدث الأسبوع المقبل، يستوجب منا فعل قوة، فكرامتنا أكبر من الأزمة، ونحن مدعوون للنزول إلى الشارع، وندعو اللبنانيين إلى النزول معنا، وبصورة خاصة المسيحيين».
وتابع عون: «إننا اليوم مدعوون إما للسكوت والاضمحلال، أو للتهجير بالسيف، واليوم يحاولون وضع اليد على المواقع المسيحية في الدولة، حتى لا يعود هناك مرجعية فاعلة»، مشدداً على «أننا لن نترك وطننا ولن نهاجر، ولن نكتفي بالكلام». ولفت إلى «أننا عملنا من أجل طمأنينة اللبنانيين، وتبين لنا أننا معرضون لخطر الوجود ممّن حملناهم على أكفنا»، مشيراً إلى «أننا تحملنا كل التعب حتى تألفت حكومة ظننا أنها ستعيد الطمأنينة، ولكن تبين أنها ستبشرنا بالخراب، وخصوصا للمسيحيين، ولم أكن أتصور أنني سأتكلم فقط عن المسيحيين في بلد متعدد». ورأى أن «المسيحيين معرضون لخطر الوجود، لأن ثعالب السياسة اللبنانية يضعون أيديهم على كل حقوق المسيحيين ومواقعهم»، مشيراً الى أن «ذنبنا أن المسيحيين عاشوا مع الكل، والمسلمين لم يعيشوا مع بعضهم بعضاً».

مصادر عونية: قد يجري
حصار مرفأ ومطار بيروت
بحشود من العونيين

وفي الوقت الذي تبدو فيه خيارات تيار المستقبل «الاستمرار في التصعيد لكسر عون»، وتمسّك الرئيس نبيه برّي بـ« ضرورة قيام المستقبل بمبادرة تجاه عون وضدّ كسر الجنرال، ولكن يصر على الوقوف ضدّ تعطيل مجلس الوزراء، وعلى فتح دورة استثنائية لمجلس النّواب، وعلى رفض الفراغ في قيادة الجيش»، أكّدت مصادر في التيار الوطني الحرّ لـ«الأخبار» أن «الاتصالات السياسية مقطوعة منذ جلسة الحكومة». وتتقاطع المصادر مع مصادر وزارية أخرى في قوى 8 آذار، على اعتبار «دعوة الرئيس تمام سلام الحكومة إلى الالتئام الأسبوع المقبل، من دون ترك مجال للاتصالات السياسية، تصعيدا غير مفهوم الأسباب، بدل البحث عن مبادرات تجاه الجنرال عون، لاحتواء المزيد من التصعيد الذي ينذر بشلّ عمل الحكومة، ويهدّد وحدتها، ويعرّض البلد للفراغ الكامل».
ويقول أحد نواب «التغيير والاصلاح» لـ«الأخبار» إن «اجتماع التكتل الاستثنائي (الخميس) لم يخرج بخيارات واضحة ومحددة لكيفية التعامل مع ما حصل في جلسة مجلس الوزراء». وأوضح المصدر أن «عون أبلغ المشاركين في الاجتماع أنه ليس في وارد التراجع مهما كانت الكلفة، إلا أنه لم يحدد أدوات المواجهة وأشكالها». وأكّد أنه «جرى التداول بخيارات الاستقالة من الحكومة والاعتكاف، إلا أن الحديث تركّز أكثر على اللجوء الى الشارع، للتعبير عن موقف حاسم يصرّ على المشاركة».
ويرى المصدر نفسه أن «الاتجاه هو نحو تنفيذ تحرّكات شعبية قد تصل الى حد اعلان الاعتصام المفتوح في موقع حسّاس ومؤثر (قد يكون محيط السرايا الحكومية مثلاً)»، كاشفاً أن «سلام يحاول أن يفتح قناة اتصال جانبية مع عون، وهناك وسطاء حملوا رسائل تدعو إلى التهدئة، من دون أن يحملوا أي اقتراحات أو مبادرات، فيما يتصرّف الرئيس نبيه بري كطرف في المواجهة مع عون». وقالت مصادر نيابية أخرى إنه «قد يجري حصار مرفأ ومطار بيروت بحشود من العونيين».
ويشير المصدر إلى أن «حزب الله أبلغ عون أنه باق معه، ولن يتراجع أو يدخل في أي مساومة أو تسوية لا يكون عون طرفاً رئيساً فيها»، من دون أن يوضح ما إذا كان «حزب الله سيشارك في أي تحرّكات شعبية أم لا». وتأتي معطيات المصادر العونية مع معلومات عن نشاط مستجدّ لهيئات التيار في المناطق، من الجنوب إلى الشوف والمتن وكسروان والبقاع، لخلق أجواء من التعبئة حول أي تحرّك شعبي ينوي التيار اللجوء إليه.

سجال بين المشنوق
وميقاتي على خلفية
أحداث سجن رومية

وفيما بدا خطاب حزب الكتائب متمايزاً عن موقف عون في اليومين الماضيين، مع التصريحات العلنية للوزير سجعان القزّي عن «ضرورة استمرار جلسات الحكومة في الانعقاد»، والإشارة المبطّنة إلى رغبة عون في تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، حيث أشار القزّي إلى أنه «لا يجوز من اجل تعيين شخص ان نعطل حياة مليون ونصف مليون لبناني»، أكّدت مصادر اطلّعت على اجواء اللقاء الذي جمع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الكتائب الجديد النائب سامي الجمّيل، أن «جعجع كان واضحاً أمام الجمّيل، وعبّر عن دعمه لعون في وجه من يريد مصادرة حقوق المسيحيين». وتشير المصادر إلى أن «التباينات السياسية بين الأفرقاء المسيحيين تضمحل لمصلحة موقف مسيحي عام تجاه الاجحاف الذي نتعرّض له».

سجال بين المشنوق وميقاتي

على صعيد آخر، استدعى كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال إفطار لـ«العائلات البيروتية» مساء أمس، ردّاً من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، بعدما قال المشنوق إن «هناك من ينتحل صفة الحرص على الطائفة السنية من باب سجن رومية»، في إشارة إلى ميقاتي، من دون أن يسميه. واتهم المشنوق ميقاتي بـ«حفر حفرة الإحباط الأعمق، حين غطّى الانقلاب على شرعية التمثيل السياسي». وردّ رئيس الحكومة السابق على كلام المشنوق في بيان وزّعه مكتبه الإعلامي، مشيراً إلى أن «معالي وزير الداخلية صاحب الموهبة الأبرز في الاستغلال السياسي، أراد استغلال مناسبة كريمة... ليفجر أحقاده دفعة واحدة، في محاولة يائسة منه لتحوير الأنظار عن سلسلة المآزق التي اوقع نفسه فيها، وآخرها ما حصل للسجناء في سجن رومية». وتابع بيان الميقاتي أن «الرئيس ميقاتي كان الأحرص على الوطن وحقوق الطائفة السنية بالتوازي مع كل الطوائف الأخرى، والوزير المتربع اليوم على عرش الأمن يتنقل في كل المناطق، ومنها المناطق التي اعتبرها سابقاً خارجة على سلطة الدولة، ويشرك من وصفهم سابقاً بالانقلابيين في اجتماعات رسمية في وزارته».