لا تزال عائلة الكاتب والصحافي الزميل ناهض حتر، الذي اغتيل أول من أمس أمام قصر العدل في العاصمة الأردنية، تضع أربعة مطالب للموافقة على تسلّم جثمانه ودفنه، فيما تصرّ على تحميل رئيس الوزراء المكلف، هاني الملقي، المسؤولية المباشرة عن مقتله، وهو ما كررته خلال اعتصام نفذته أمس أمام دار رئاسة الوزراء في عمّان.
لجوء السلطات إلى حظر النشر المتوقّع يهدف إلى إخماد القضية
وكان المطلب الأساسي للعائلة إقالة حكومة الملقي، لكن الملك عبدالله الثاني سارع إلى إعادة تكليفه تشكيل حكومة جديدة خلفاً للحكومة التي أقيلت في أعقاب الانتخابات النيابية، وهو التكليف الذي أشعل غضب عائلة حتّر وأصدقائه، خاصة أنه لم تزر أيّ شخصية من الحكومة السابقة بيت العائلة أو ديوان العشيرة.
وتتمثل المطالب الأخرى في محاسبة كل من وزير الداخلية سلامة حماد، ومحافظ العاصمة خالد أبو زيد، على عدم اتخاذ إجراء بحق المحرّضين على قتل الكاتب، فضلاً عن المطالبة بإقالة مدير الأمن العام اللواء عاطف السعودي، لتقصيره في حماية الزميل حتّر قبل اغتياله.
وشارك في الاعتصام نحو 500 شخص، كرروا تحميل الملقي المسؤولية المباشرة عن حادثة الاغتيال، حاملين صوراً لحتّر، وهتفوا واصفين إياه بالشهيد. كذلك قال عدد من المشاركين إن الحكومة ترعى الإرهاب والتطرف، عبر التحالف مع «جماعة الإخوان المسلمين»، والتساهل مع الحالة السلفية المتشددة والمتزايدة في المملكة، وهو ما سيتبين في الإجراءات اللاحقة بحق الجاني ورعاة هذه الحالة.
في وقت لاحق، نقلت مصادر محلية أن المدعي العام لـ«محكمة الجنايات الكبرى» وجّه إلى قاتل حتّر ثلاث تهم، هي: «القتل العمد مع سبق الإصرار، والقيام بعمل إرهابي أدى إلى موت إنسان، وحمل وحيازة سلاح ناري دون ترخيص»، ثمّ قرر إحالة ملف القضية إلى محكمة أمن الدولة (عسكرية) باعتبارها صاحبة الاختصاص بالنظر في قضايا الإرهاب.
كذلك، أكد النائب العام لمحكمة أمن الدولة أن المدعي العام في الأخيرة باشر التحقيق مع المتهم، تمهيداً لإحالته إلى المحكمة للبدء بمحاكمته وفقاً للأصول القانونية.
لكنّ المدير العام لـ«هيئة الإعلام»، أمجد القاضي، استبق خروج المزيد من التفاصيل بتعميم قرار النائب العام لمحكمة أمن الدولة على محطات البث الإذاعي والفضائي والمواقع الإلكترونية والمطبوعات، بحظر النشر في قضية اغتيال حتّر. وبرّر التعميم هذه الخطوة بأنها جاءت «حفاظاً على سرية التحقيق وتحقيقاً للمصلحة العامة، وذلك باستثناء البيانات أو المعلومات التي تصدر عن النائب العام لمحكمة أمن الدولة».
وحظْر النشر إجراء اعتادته وسائل الإعلام في الأردن، خاصة في القضايا السياسية أو تلك المرتبطة بمحاكمة سياسيين أو شخصيات اجتماعية أو دينية بارزة، وهو من ناحية أخرى يهدف إلى تخفيض مستوى الاحتقان في المملكة بسبب اعتراض جهات كثيرة، شكلياً أو حقيقة، على الاغتيال. كذلك فإنه أسلوب تتبعه الحكومة لجعل القضية على الرف وأقرب إلى النسيان، ثم حرف الاهتمام إلى قضايا أخرى، كنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة وتشكيلة الحكومة المقبلة.