أكثر من نقطة يمكن استخلاصها من النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات البلدية في الضنية، والتي أعادت خلط بعض الأوراق أمام القوى السياسية والمحلية فيها.النتائج أظهرت أن الصراع بين العائلات، وحتى ضمن العائلة الواحدة، له الصدارة على صعيد التنافس الانتخابي، وأن العائلات هي من تقرر مصير أي انتخابات بلدية في أي بلدة في الضنية، تزكية أو تنافساً أو تحالفاً. وهذا ما أكدته النتائج التي أظهرت بقاء أكثر من نصف بلديات المنطقة الـ27 في أيدي العائلات نفسها التي فازت في انتخابات 2010.
تيار المستقبل ليس الأكثر نفوذاً وهو واحد من عدة لاعبين

أما سياسياً، فقد بدا واضحاً تقدّم قوى وتراجع أخرى، بما يرسم معالم توزيع للقوى في الضنية يختلف عن الواقع البلدي ــــ السياسي الذي كان قائماً قبل استحقاق الأحد الماضي بشكل واضح، ما ستكون له تداعيات واضحة في الاستحقاقات القريبة والبعيدة.
وإذا كان انتخاب رؤساء البلديات الجدد للمجالس البلدية المنتخبة حديثاً لن يشكل أزمة، ولن تكون له تداعيات عائلية أو سياسية سوى في بلديتين أو ثلاث على الأكثر، نظراً الى وجود توافق مسبق في هذه البلديات على انتخاب رؤسائها، ينتظر رؤساءَ البلديات، سواء الجدد أو الذين سيعاد انتخابهم، استحقاقٌ جديد يتقدم فيه الطابع السياسي على العائلي، وهو انتخاب رئيس جديد لاتحاد بلديات الضنية.
وليس خافياً أن تيار المستقبل سعى منذ تأسيس الاتحاد عام 2004 إلى وضع يده عليه، إلا أنه فشل في ذلك، وتعذر عليه إبعاد رئيس الاتحاد محمد سعدية عن المنصب الذي يتربع عليه منذ 12 عاماً، رغم محاولاته العديدة التي باءت بالفشل.
ولا تبدو حظوظ التيار الأزرق في ترؤس الاتحاد متوافرة هذه المرّة أيضاً، خصوصاً بعد الخسارة الموجعة للائحة التي دعمها النائب أحمد فتفت في بلدته سير، إذ إنه يفتقد الأغلبية التي تمكّنه من تحقيق مبتغاه، لأن البلديات المحسوبة على تيار المستقبل، في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة، لا يزيد عددها على عدد أصابع اليد الواحدة، في مواجهة القوى السياسية الأخرى التي كشفت الانتخابات أن لها ثقلاً وحضوراً سياسياً لا يقل ــــ وأحياناً يفوق ــــ عن نفوذ تيار المستقبل.
ويأتي على رأس هؤلاء النائب السابق جهاد الصمد الذي تربطه بعدد من رؤساء بلديات الضنية صلات وثيقة، وله مونة عليهم، ويعتبر من المؤثرين في انتخابات رئاسة الاتحاد، إضافة إلى الجماعة الإسلامية التي كسبت بلدية جديدة هي السفيرة، مسقط رأس النائب السابق أسعد هرموش، إلى جانب بلدية بطرماز، في حين عوّضت القوات اللبنانية خسارتها بلدية حقل العزيمة بفوز اللائحة المدعومة منها ومن التيار الوطني الحر في بلدة كفرحبو برئاسة سعد غاضية.
كذلك سجلت الانتخابات البلدية حضوراً للقوى السياسية الطرابلسية في الضنية بشكل واضح، وأبرزها الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي، من خلال فوز لوائح محسوبة عليهما في أكثر من بلدية، وهو حضور له عوامل تاريخية وجغرافية واقتصادية لم تغب عنها السياسة يوماً.