أقفلت صناديق الاقتراع في غربي بعلبك بهدوء، بعدما شهدت القرى معارك قاسية، بين لوائح حزبية كاملة وأخرى عائلية غير مكتملة، في الوقت الذي بقي فيه العنوان الأساس أن الانتخابات أمعنت شرذمة في «الجب» الواحد وحتى في «الفخذ»
رامح حمية
في شمسطار، كبرى بلديات المنطقة في غربي بعلبك، «المعركة منتهية منذ بدئها»، كما يقول أحد مندوبي لائحة الإنماء والوفاء. فالمعركة «غير متكافئة»، وخاصة بعدما فشلت مساعي التوافق والتزكية، وبقاء أربعة مرشحين مستقلين بمفردهم في وجه لائحة التنمية والوفاء المكتملة بواحد وعشرين مرشحاً. الناخبون أقبلوا «بنسبة قليلة جداً»، إذا ما قورنت بالانتخابات السابقة. فقد بلغت نسبة الاقتراع عند إقفال الصناديق 37%. الرئيس حسين الحسيني كان أبرز الناخبين الغائبين مع أشقائه. أما القرى التابعة لبلدية شمسطار (وعددها 14) فقد انتخبت أيضاً، بعدما سبق أن أعلنت أنها ستقاطع الانتخابات، بسبب عدم الأخذ بالمرشح الذي اختارته العائلات، وإبقاء مرشح حزب الله، إضافة إلى عدم فصل قراهم عن شمسطار. بعض أبناء كفردان وزّعوا بيانات المقاطعة، إلا أن ذلك لم يمنع البعض من المشاركة بعد الحصول على وعد من الرئيس نبيه بري بفصل تلك القرى عن بلدية شمسطار بعد الانتخابات، فيما اكتفى آخرون بانتخاب المجالس الاختيارية. أما في بيت شاما وقرى بيت مشيك (ضمن بلدية شمسطار)، فقد سارت العملية الانتخابية بهدوء طيلة النهار مع عدد خجول للمندوبين أمام المراكز الانتخابية.
المشهد في طاريا كان صاخباً. الشبان والشابات ينتشرون أمام أقلام الاقتراع. يمازح بعضهم بعضاً «بتبادل اللوائح»، يقول حسن حمية أحد مندوبي لائحة التوافق الحزبي (حزب الله ـــــ حركة أمل) لأحد مندوبي لائحة العائلات. لكن الواقع الانتخابي مختلف. فاللائحتان المتنافستان تستنفران ماكينتيهما، فيما يبدو الفارق كبيراً وواضحاً لمصلحة ماكينة التوافق المدعّمة بشبان الحزب ذوي الخبرة الطويلة في مجال الانتخابات. صفوف المقترعين طويلة والتنافس كان على أشده، «الراس ع الراس»، كما يقول علي حمية، أحد المندوبين في لائحة العائلات.
اليمونة شهدت معركة قوية وقاسية شارك فيها المرشّح المغنّي معين شريف
ليس بعيداً عن طاريا، كانت حدث بعلبك تعيش معركة «كسر عظم» من حين فتح صناديق الاقتراع حتى إقفالها. الناخب المسيحي في اللائحة المدعومة من حزب الله «مثّل عنصر قوة ضاغطاً» على لائحة الوفاء للأهالي التي يرأسها سليمان زعيتر رئيس البلدية الحالي، كما يقول أحمد زعيتر، إذ ضمّت اللائحة الأولى ستة مسيحيين فيما الثانية لم يبق فيها إلا واحد. ضغط العملية الانتخابية أدى ظهراً إلى حصول إشكال بين أحد الشبان من عائلة زعيتر وآخر من المسيحيين استدعى تدخّل الجيش وقوى الأمن الداخلي.
في دير الأحمر بقي المشهد الانتخابي ضبابياً لجهة التحالفات وأسماء مرشحي كل لائحة، حتى ساعات الصباح الأولى وقبل فتح صناديق الاقتراع بساعات قليلة. فقد نام ناخبو دير الأحمر الأربعة آلاف دون أن يعرفوا تفاصيل التحالفات الانتخابية وما إذا كان قد جرى الاتفاق أو التحالف أو حتى الخصام. لكنّ الفرج رشح صباحاً بلائحتين غير مكتملتين، الأولى يرأسها خليل القزح سكر (الرئيس الحالي)، وهي مدعومة من كبرى العائلات حبشي (1050 ناخباً) «وقزح» (600 ناخب)، أما اللائحة الثانية فقد انتشر شبابها أمام مراكز الاقتراع وبدت أكثر حيوية لكون مرشحي اللائحة من الشباب وقد سمّيت «العائلات الشبابية». وهي اللائحة التي قررت القوات اللبنانية دعمها بعد «فشل مساعي التوافق العائلي».
جارة دير الأحمر اليمونة شهدت أيضاً معركة «قوية وقاسية»، كما يصفها علي شريف. فقد أقبل ناخبوها بكثافة منذ الصباح، لانتخاب 12 عضواً لمجلسهم، من لائحتين غير مكتملتين، قوام كل واحدة عشرة مرشحين، فضلاً عن ثلاثة مرشحين مستقلين هم المغنّي معين شريف وخلدون شريف وحسن سعدو شريف. وتوقع أبناء البلدة أن يأتي المجلس البلدي «متنوّعاً» لكثرة «التشطيب».
في قصرنبا، لم يكن ظاهراً أن ثمة انتخابات. فالمدرسة المعتمدة مركزاً انتخابياً والمقفلة منذ فترة، تقع في أعالي قصرنبا على مقربة من قلعتها الشهيرة. الباحة الأمامية للمدرسة تشهد حركة مقبولة لانتخاب لائحتين، الأولى مكتملة (التنمية والوفاء: 11 لحزب الله و4 لحركة أمل)، والثانية غير مكتملة «إفساحاً في المجال أمام العائلات للاختيار المريح»، كما يبرر علي الديراني المرشح في «لائحة قصرنبا».
المشهد في بدنايل ينسحب على معظم القرى في غربي بعلبك، مع فارق واضح أن العائلات تمكّنت من إبعاد شبح المعركة بين العائلات والأحزاب عن لعبتها الانتخابية، كما يقول محمد رعد. فاختارت العائلات مرشحيها الحزبيين من حركة أمل وحزب الله في كلا اللائحتين (إنماء بدنايل وأهالي بدنايل)، لتخاض المعركة «حبّياً» في ما بينها.