وتلقّت الأوساط المراقبة في العراق بيان أبو علي العسكري باهتمام بالغ، كونه يأتي قبل أسبوعين على الزيارة التي سيقوم بها رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، إلى الولايات المتحدة في منتصف نيسان الجاري، ما قد يعني إضافة حمل جديد إلى روزنامة مهامه، التي تتضمّن إنهاء مهمة "التحالف الدولي" في العراق، واستحداث ترتيبات جديدة للعلاقات الأميركية - العراقية، ولا سيما في المجال الأمني في ضوء مطالبة معظم القوى العراقية بانسحاب القوات الأميركية. وتفيد مصادر المقاومة العراقية بأنّ "فتح قناة تواصل مع المقاومة الأردنية، وتزويدها بالسلاح وتدريب بعض مقاتليها، تم عبر مراحل مختلفة، لكن الاهتمام بها بدأ بعد عملية طوفان الأقصى انطلاقاً من ضرورة فتح جبهات جديدة لدعم حركات المقاومة داخل فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي". وتؤكد المصادر أنّ "المقاومة العراقية كانت طوال فترة الحرب ضدّ غزة تتواصل مع المقاومة الفلسطينية لتحديد أهم استراتيجيات الإسناد والدعم، والتي قد تشمل التسليح ومستلزمات عسكرية أخرى، فضلاً عن استهداف منشآت إسرائيلية".
من جهته، يقول المتحدث باسم حركة "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله"، علي فضل الله، إن "الأردن من حيث الموقع الجغرافي الذي يتمتع به، مهم جداً لمحور المقاومة"، مضيفاً، في حديث إلى "الأخبار"، أنه "للأسف، بسبب نظام الحكم فإن هذا الموقع يعود لمصلحة الكيان الغاصب، وليس ثمة أي دعم حقيقي للمقاومة الفلسطينية، أو حتى دعم لأهالي غزة الذين يتعرّضون لحصار قاتل وإبادة جماعية". ويتابع فضل الله أن "تفكير حزب الله العراقي يقوم على العمل على توسيع محور المقاومة ليكون متصلاً من العراق باتجاه الأردن، وصولاً إلى فلسطين. بالنسبة إلينا، فإن وصول الأسلحة إلى الشعب الفلسطيني مهمّ لكي ينهض بواجبه على الجغرافيا الأردنية. وإذا حصل ذلك، فسيكون له قطعاً تأثير إيجابي داعم للفصائل الفلسطينية. إذاً، الأصل في الموضوع تحريك الجبهة الميتة في الأردن لتكون داعمة للفصائل في فلسطين".
ويعتبر أن "دعم المقاومة الأردنية ليس بديلاً من العمليات العسكرية الميدانية لكتائب حزب الله المعلّقة منذ شهر شباط. فالهدنة التي أعلنتها الكتائب جاءت احتراماً للعملية التفاوضية بين الحكومة العراقية والجانب الأميركي". ويؤكد فضل الله أن "تزويد المقاتلين الأردنيين بالأسلحة فيه أكثر من رسالة، وقد تكون إحدى الرسائل موجهة إلى الحكومة العراقية، ما يعني أن الكتائب أرادت أن تقول: نحن مستمرون في مقاومة المحتل حتى خروجه من العراق، ولدينا تكتيكات متعدّدة لإخراجه". ويتابع أنه "إذا كانت الجغرافيا العراقية محرجة للحكومة، فنحن نبحث عن بدائل كثيرة لأجل الضغط على الجانب الأميركي وعلى الكيان الصهيوني لإيقاف الحرب ضد غزة، وكذلك خروج المحتل من الشرق الأوسط".
أما المحلل السياسي، ماجد الحسناوي، فيرى أنّ "خطوة دعم مقاتلين في الأردن لغرض الدفاع عن غزة مهمة جداً، حتى تكون هناك جبهة أخرى تساند جبهات حزب الله اللبناني والحوثيين وفصائل المقاومة العراقية التي تعمل برؤية واحدة لتحرير غزة من جهة، ومشاغلة العدو من جهة أخرى". ويضيف أنّ "المقاومة العراقية ما زالت تحتفظ بالهدوء إزاء استهداف المصالح الأميركية، لكنّ جهودها العسكرية وعملياتها باتت عابرة للحدود، وذلك من خلال دعم جبهات المقاومة ومنها جبهة المقاومة الإسلامية في الأردن". ويتابع أنّ "دعم المقاومة في الأردن يأتي ضمن سياق المحور الواحد ضد التطبيع مع إسرائيل، وأيضاً لتقوية ذراع حركة حماس والجهاد الإسلامي في خوضهما حرباً غير متكافئة ضد المحتل الإسرائيلي". ويعزو إيكال المهمة إلى المقاومة العراقية إلى "قرب الأردن الجغرافي من فلسطين المحتلة من جهة، ومن العراق من جهة أخرى". ويلفت إلى أن "المقاومة العراقية وتحديداً كتائب حزب الله لها خصوصية كبيرة لدى محور المقاومة وعند الجمهورية الإسلامية في إيران"، ويتوقّع أنّ "تكون هناك خطة جديدة تعمل عليها المقاومة في محاصرة إسرائيل واستنزاف قدراتها في كلّ الجبهات".