على رغم كثرة الحديث عن أن المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية ستتولّى كبْح جماح الفاشية الجديدة الصاعدة، المتعطّشة إلى الدماء والنَهِمة بالقتل، فإن ما يُظهره تطوُّر الأحداث في الأراضي المحتلّة، إلى الآن، هو أن إسرائيل تدْخل، ولو قسراً بضغط من المناخ العام الذي أحدثته «الصهيونية الدينية» ونظيراتها، دوّامة من التصعيد ضدّ الفلسطينيين، واجِدةً نفسها إزاء جملة تحدّيات ستحدّد كيفيةُ تعاطيها معها معالمَ المرحلة المقبلة. وإذ يضع هذا الانجراف، الفلسطينيين أيضاً، أمام مفترق طُرق سيكون له تأثيره حتى على الأجيال المقبلة، فإن هؤلاء يبدون أمام خيار وحيد لا ثاني له، هو تصعيد مقاومتهم وتعزيزها وتطويرها، بما يعظّم الكلفة على الفاشيين ودولتهم، ويجبر قيادة الاحتلال «الحكيمة والمتعقّلة» على وضْع حدّ لذلك الجنون. جنونٌ قدّمت الساعات الـ 72 الماضية نموذجاً جليّاً منه، حيث ارتقى 9 شهداء فلسطينيين، بينهم قياديان بارزان في «كتيبة جنين»، بنيران جنود العدو، في ما يجلّي انفلات شهوة القتل لدى الأخيرين، وتَحفّزهم للانتقام الجماعي من الفلسطينيين على خلفية تصاعُد العمليات الفدائية ضدّ جيش الاحتلال ومُستوطِنيه. وعلى رغم ما تَقدّم، تؤكد فصائل المقاومة والمجموعات الوليدة في الضفة أن حالة المقاومة الناشئة باتت أكبر وأعمق من أن تجتثّها أعمال الاغتيال والتنكيل تلك، وأن مسلسل الاشتباك الذي بدأ قبل أشهر لن يجد خاتمة قريبة، وفق ما تؤشّر إليه أيضاً المعطيات الإسرائيلية نفسها، وأهمّها العجز إلى الآن عن الإمساك بطرف خيط يوصل إلى مُنفّذي عملية القدس المزدوجة. وفي خضمّ كلّ هذه التطوّرات، تستعدّ المقاومة في غزة لأسوأ السيناريوات، واضِعةً في حسبانها أن العدو قد يلجأ في نهاية المطاف إلى إعادة تفعيل الاغتيالات ضدّها على خلفية «تورّطها» في تزخيم حالة المقاومة في الضفة، الأمر الذي لن تستطيع هي السكوت عنه، وقد يحملها حتى على خوض معركة واسعة، حتى لا تظلّ قدراتها البشرية تحت ضغط الاستنزاف