غزة | ضاعفت إسرائيل، خلال العام الجاري، اعتداءاتها بحقّ صيّادي قطاع غزة؛ إذ سَجّلت مؤسّسات حقوقية نحو 441 اعتداء ضدّهم، كان آخرها يوم الإثنين، حيث اعتقلت سلطات الاحتلال ستّة صيادين بعد أن هاجمت قوّاتها مركبَي صيد في عرْض بحر رفح، جنوب القطاع. كذلك، أوقفت إسرائيل، أخيراً، تصدير أسماك غزة إلى أسواق الضفة الغربية - بعد أقلّ من شهر من رفْعها هذا الحظر -، بدعوى أن تجّار الضفة أخلّوا بقانون استيراد الأسماك من القطاع، عبر «تهريب» 20 طنّاً من الأسماك الغزّية إلى أسواق المدن العربية في الداخل المحتلّ. وكانت السلطات الإسرائيلية أوقفت تصدير الأسماك عقب معركة «وحدة الساحات» في مطلع آب الماضي، لتعود إلى استئنافه مجدّداً في نهاية أيلول الفائت، سامِحةً مذّاك بتصدير نحو 20 طنّاً من الأسماك إلى أسواق الضفة أسبوعياً. وعلى رغم محدودية هذه الكمّية، إلّا أنها شكّلت «طاقة القدَر» بالنسبة إلى نحو 4000 صيّاد غزّي، ومن بينهم أحمد عاطف الذي يقول لـ«الأخبار» إن «السماح بتصدير الأسماك فَتح سوقاً للأسماك الثمينة، التي لا تجد في القطاع المنهَك اقتصادياً مَن يشتريها بالثمن الذي تستحقّه»، مستدرِكاً بأن «سلطات الاحتلال تستحدث الذرائع لفرض مزيد من التضييق على صيّادي القطاع، وتُلقي بمسؤولية خروقات التصدير على صيّادي غزة، هذا مسلسل مكرور اعتدْنا عليه طوال 15 عاماً».
خطوة مهمّة
في ما بدا وكأنه تخفيف لحلقة من حلقات الحصار المفروض على قطاع الصيد، سمحت إسرائيل، أخيراً، بإدخال كمّية محدودة من الألياف البصرية التي تُستخدم لإصلاح المراكب، وذلك بعد 15 عاماً من منْع إدخالها بحجّة استخدامها بشكل مزدوَج، أي توظيفها من قِبَل فصائل المقاومة في تصنيع المعدّات العسكرية. ووفقاً لبيان مكتب منسّق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في غزة، تور وينسلاند، فإن هذه الخطوة تشكّل «خطوة مهمّة إلى الأمام، وتحْدث لأوّل مرّة منذ عام 2007». غير أن ما يبدو إنجازاً مهماً، تُسفر تفاصيله عن جملة كبيرة من التعقيدات، إذ بحسب الصياد مفلح أبو ريالة، فإن سلطات الاحتلال سمحت بإدخال كمّية محدودة من مادّتَي «الفيبر غلاس» والشريط الشبكي الخاص بصيانة المراكب. ويوضح أبو ريالة، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «ما سمحت إسرائيل بإدخاله، لا يكفي لإصلاح سوى 300 قارب من أصل نحو 900 قارب بحاجة إلى صيانة وإعادة تأهيل، نتيجة تعرّضها لإطلاق النار من قِبل زوارق الاحتلال، كما أن الآلية التي فرضتْها إسرائيل بالغة التعقيد»؛ كونها تُجبر أصحاب المراكب المعطوبة على تسجيل أسمائهم، وتقديم وثائق حول قدْر الضرر الذي تعرّضوا له، وكمّية المواد التي يحتاجون إليها. أيضاً، فرضت إسرائيل على لجان الصيّادين استحداث ورشة مكشوفة السطح، ومراقَبة بالكاميرات على مدار الساعة، تشْرف عليها مؤسّسات دولية إلى جانب الأمم المتحدة. وبحسب وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن مهنة الصيد تضمّ نحو 4 آلاف صيّاد يعيلون أُسراً مكوَّنة من نحو 40 ألف فرد، فيما يعمل 1300 مركب صيد في بحر القطاع.
تُقلّص إسرائيل، بشكل دائم، مساحة الصيد المسموح العمل بها في بحر غزة


مزاعم إسرائيلية
تُقلّص إسرائيل، بشكل دائم، مساحة الصيد المسموح العمل بها في بحر غزة. وفيما تسمح بالصيد في بعض المناطق في عمق 10 أميال بحرية، تَقصره في مناطق أخرى على ثلاثة أميال. وبحسب أبو ريالة، فإن «بحر غزة بحاجة إلى خريطة وجهاز جي بي أس، ليعرف الصيّادون الأماكن المسموح العمل فيها، تتغيّر تلك المساحات بين الفينة والأخرى، وعادة ما تَقصر إسرائيل العمل في المناطق البحرية البور - الخالية من الأسماك - فيما تحرم الصيّادين من المناطق الغنية». أمّا عن سبب هذه الإجراءات، فيجيب أبو ريالة بأن «إسرائيل لا تحتاج إلى مبرّر لممارسة سياسة الخنق والتضييق، لكنها تزعم أن هناك محاولات لتهريب الأسلحة عبر البحر يقوم بها الصيّادون، وتلك مزاعم فارغة». بدوره، يلفت مصدر في المقاومة إلى أن الاحتلال يدّعي أن الحدود البحرية للقطاع، هي ساحة نشطة لتهريب المواد المستخدَمة في التصنيع، على رغم أن معدّات الملاحة المتوفّرة محدودة السرعة مقارَنةً بزوارق العدو، ولا توفّر هامشاً لعمليات كتلك. أمّا في ما يتعلّق بمواد صيانة المراكب، فهي واحدة من مئات المواد التي تضعها إسرائيل في قائمة «مزدوَجة الاستخدام»، وفق ما يشير إليه المصدر، مضيفاً أن «المقاومة تمتلك خطوط إمدادها بعيداً عن المعابر المدنية ومصالح الناس»، متابعاً أن «إسرائيل تمنع تلك المواد منذ 15 عاماً، لكن عجلة التصنيع العسكري لم تتوقّف، بل تزداد توسّعاً وتطوّراً».