غزة | في ظلّ تصاعُد العمل المقاوم في الضفة الغربية المحتلّة، ونجاح المقاومين في تنفيذ عمليات كبيرة ضدّ الاحتلال خلال الأشهر الماضية، يكرّر إعلام العدو توجيه أصابع الاتّهام إلى المقاومة في قطاع غزة، وسط تهديدات بأن المنظومة الأمنية الإسرائيلية بصدد تغيير سياساتها تجاه القطاع خلال الفترة المقبلة. وخلال الشهر الماضي، أوردت وسائل إعلام عبرية، ثلاث مرّات، في مناسبات مختلفة، اتّهامات لفصائل غزة بالمسؤولية عن العمليات الفدائية، فيما تحدّث مصدر أمني في أعقاب عملية «أريئيل» التي نفّذها الشهيد محمد صوف في سلفيت شمال القدس المحتلة، عن أن القيادة تدرس تعديل استراتيجيتّها حيال القطاع، و«عدم الفصل» بين «التحريض» الذي تمارسه حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وبين ما يجري في الضفة. كذلك، اتّهم مسؤول أمني بارز، في حديث إلى «القناة 12» العبرية، الحركتَين بالتحريض على الهجوم الأخير الذي أدّى إلى مقتل ثلاثة مستوطنين، مؤكّداً أن المؤسسة الأمنية تفكّر في تبديل النهج الذي يفصل بين الساحتَين، بعد أن «كان هناك رأي موحّد بضرورة عدم السماح لحركة حماس بالشعور بأنها تسيطر على الوضع في الضفة وتملك نفوذاً فيها». وقال المسؤول المذكور: «في المؤسّسة الأمنية يصفون المنظّمات في غزة بأنها مسؤولة عن التحريض على العمليات في الضفة وتمويلها، لذا ستتمّ مراجعة سياساتنا وكذلك أساليب عملنا ضدّهم».
تأخذ المقاومة الفلسطينية تهديدات الاحتلال الأخيرة على محمل الجدّ

في المقابل، علمت «الأخبار»، من مصادر في المقاومة الفلسطينية، أن الأخيرة تأخذ تهديدات الاحتلال على محمل الجدّ، وهي ضاعفت من استعداداتها تحسّباً لإمكانية وقوع أحداث أمنية داخل القطاع، كما نقلت رسائل إلى الوسطاء بأن أيّ عمل أمني أو عسكري يُقدِم عليه الاحتلال في غزة سيواجَه بردّ عنيف من المقاومة. إلّا أن أيّ عمل من هذا النوع «ستكون تكاليفه باهظة» حالياً، وفق ما يرى الكاتب والمحلّل السياسي الفلسطيني، عصام شاور، متوقّعاً، في حديث إلى «الأخبار»، أن يتّخذ العدو، خلال الفترة المقبلة، إجراءات موضعية لتصعيد الضغوط على القطاع، من مِثل حرمان العمال من تصاريح العمل، ومضايقة الصيادين، ومنْع نقْل منتجات غزة إلى الضفة الغربية، وغير ذلك ممّا يستهدف الموارد المالية، مستدركاً بأن «تطبيق مِثل تلك الإجراءات لن يطول، لأن الاحتلال يخشى من الإخلال بحالة التهدئة الهشّة مع غزة، وفتْح جبهة جديدة هو ليس على استعداد لها بأيّ حال من الأحوال». ويعزو التهديدات الإسرائيلية للقطاع إلى «الوجع الذي يسبّبه الفشل في منْع العمليات الفدائية في الضفة»، معتبراً أنه «أمام هذا الفشل الذريع والحرج الشديد، وخاصة بعد تكرار عمليات فدائية ناجحة، لم يجد جيش الاحتلال سوى غزة ليجعلها شمّاعة يعلّق عليها إخفاقاته، مُحاوِلاً بذلك طمأنة الشارع الإسرائيلي إلى أن ردّه سيكون في اتّجاه المحرّض والمموّل لتلك العمليات، قاصداً منظمات المقاومة في غزة».
إلى ذلك، نفّذت بحرية الاحتلال، يوم السبت الماضي، مناورة بحرية قبالة قطاع غزة، اختبرت خلالها، بالذخيرة الحيّة، منظومة «القبّة الحديدية» البحرية، «C-Dome»، المنصوبة لحماية منصّات الغاز الإسرائيلية، وهو ما «تَكلّل بالنجاح» بحسب وسائل إعلام عبرية. وتزامَنت المناورة الإسرائيلية مع مُواصلة الاحتلال اعتداءاته على الصيّادين الفلسطينيين قُبالة شواطئ غزة، حيث يعمد منذ أسبوع إلى إطلاق النار على مراكبهم في عرض البحر، وهو ما أدّى إلى إصابة عدد من المراكب واحتراق أحدها.