بالتزامن مع يوم الطفل العالمي، أطلقت لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية في غزة، بالتعاون مع الحركة الوطنية الأسيرة، اليوم، حملة وطنية تحت عنوان «أطفالنا أحرار»، في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لخصوصية الأطفال، وتجاوزه القوانين الدولية في اعتقالهم والتنكيل بهم.
في معظم الحالات، تستغلّ قوّات الاحتلال ضعف هؤلاء الأطفال حتّى تدفع بهم إلى الإدلاء بمختلف الاعترافات، ولذلك تكون عمليّه الاعتقال دائماً مرافقة لاستخدام أدوات الترويع، والخداع، والوعود الكاذبة التي تهدف بمجملها إلى إقناع الأطفال بالاعتراف بالتّهم الموجّهة إليهم. في كثير من الأحيان، يكون الاعتراف مرتبطاً بإلقاء حجارة، على اعتبار أنّ من شأنه أن ينهي تعرّضهم للتعذيب وسوء المعاملة. كذلك، تلجأ قوات الاحتلال إلى اعتقال أهالي الأطفال أو إخضاعهم للتحقيق لدفع الأطفال إلى اعترافات، ظناً منهم أنهم يحمون ذويهم من الاعتقال.

وفي الإطار، لم تمنع إصابة الطفل المقدسي محمد صباح قوات الاحتلال من اعتقاله والتنكيل به، ففي نهاية تشرين الأول 2019، أطلقت قوات الشرطة الإسرائيلية النار على ابن الخمسة عشر ربيعاً، اخترقت أربع رصاصات يده اليمنى وظهره، قبل أن ينهال عليه الجنود بالضرب المبرّح، مركّزين بركلاتهم على مناطق الإصابة. اقتيد صباح بعدما جرّد من ملابسه إلى مستشفى شعاري تسيديك في القدس، ثم إلى عيادة سجن الرملة، لينضم إلى قائمة الأسرى الأطفال التي ناهز عددها 185 طفلاً لم تتجاوز أعمارهم الثمانية عشر عاماً.

وفقاً لوالدة صباح، التي تمكث وحيدة في البيت، بعدما اعتقلت قوات الاحتلال أبناء العائلة كافة، فقد نقل صغيرها إلى سجن الدامون السيئ السمعة، وحكم بالسجن عشر سنوات بعد خمسة وعشرين شهراً من جلسات المحاكمة القاسية.

أما الطفل عمر سمير الرماوي، فقد اعتقل عام 2016 بتهمة تنفيذ عملية طعن، آنذاك، لم يكن قد تجاوز من العمر 15 عاماً، وقد حكمت عليه محكمة الاحتلال بالسجن خمسة وثلاثين عاماً، لكنها استأنفت الحكم بعد بلوغه سن الـ 18 عاماً، وحكمت عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة.

وبحسب بيانات مؤسستَي «الضمير لحقوق الإنسان» و«نادي الأسير الفلسطيني»، فإن الاحتلال اعتقل منذ انطلاق (الهبة الشعبية) عام 2015 نحو 9000 طفل، وترافقت عمليات الاعتقال تلك مع تعديلات جوهرية على (قانون الأحداث الإسرائيليّ) وأبرزها تخفيض سن «العقوبة» للأطفال من عمر 14 عاماً إلى 12 عاماً.

وفي السياق، أفاد المحامي محمد عبد اللطيف «الأخبار» بأن المحكمة بذلك «تستطيع محاكمتهم من سن 12 عاماً». وأضاف: «لا يعني ذلك أن الفترات التي سبقت عام 2015 خلت من عمليات اعتقال متصاعدة ومن أحكام جائرة بحق الأطفال، فقد شهدت السنوات التي تصاعدت فيها المواجهة، إبان انتفاضة عام 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000، عمليات اعتقال للمئات من الأطفال».

وأبرز ملامح الانتهاك بحق الأطفال، بحسب عبد اللطيف، تتمثّل في «مداهمة بيوتهم في ساعات متأخرة من الليل بأعداد كبيرة من القوّات، والاعتداء عليهم وعلى عائلاتهم، ووضعهم في ظروف تحقيق، أو اعتقال قاسية وصعبة جدّاً، وتعريضهم لأشكال مختلفة من التعذيب، والمعاملة القاسية والحاطّة بالكرامة الإنسانيّة، بما يشمل التعرّض للضرب والشبح والحرمان من النوم، والتهديدات الجنسيّة، واستخدام الضغط لانتزاع الاعترافات منهم، وانتهاك ضمانات المحاكمة العادلة».

من جهته، قال القيادي في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، هاني الثوابتة، في كلمة عن لجنة الأسرى للفصائل خلال فعالية انطلاق الحملة، إن الاحتلال اعتقل منذ بداية العام الجاري 770 طفلاً. وأكد أن هذه الأرقام هي بمثابة «صفعة على وجه هذا العالم الذي يدّعي الحرية والعدالة»، وأن هذه الإحصاءات تمثل «جريمة أمام مرأى العالم في يوم الطفل العالمي؛ نسجلها حتى نسمع الصوت عالياً من أمام مقر المفوض العام للأمم المتحدة». وأضاف: «في فلسطين تُغتال الطفولة في كل مكان، يغتال الاحتلال أحلامهم وأمنياتهم وطموحاتهم؛ وهذا الإرهاب والفاشية لم يكونا إلّا لأن العالم يصمت أمام الجريمة من دون أن يحرك ساكناً».

ويأتي ذلك في أعقاب مطالبة كتلة «التغيير والإصلاح» في المجلس التشريعي الفلسطيني المنظمات الدولية والحقوقية بالعمل الجاد على إطلاق سراح الأطفال، ولا سيما أن الانتهاكات الإسرائيلية تتم على مرأى من «العالم الظالم الذي تكفّلت قوانينه بحماية القاصرين».